7 أبريل، 2024 3:28 م
Search
Close this search box.

حميد الربيعي يصوغ الرواية بحراب القسرية البنائية

Facebook
Twitter
LinkedIn

( الخطاب الروائي بلا فواصل اقناعية )
بادىء ذي بدء كنت مترددا بشأن عملية الكتابة النقدية حول رواية ( تعالى وجع مالك ) للكاتب حميد الربيعي ، و ذلك بحكم كونها سلسلة عروضات تشريحية حاذقة بموضوعة و تفاصيل كيفية الاجتهاد في رسم نزوعات حالات الصورية الجنسية و الشبقية ، و كيف تلخيصها في مجالات واسعة من الانشداه الشبقي و البحث في غايات التفاعل الاباحي المشهدي في النص .. و على هذا الامر سوف استعرض بالدليل و الدلالة بعض من صفحات مشاهد و مواقف و صور هذه الرواية ، لكي أعلم قارئنا فقط ، ما عليه حال هذا النص من شروخات و غايات واضحة من عتبات التمهيد السردي و ذلك القصور الواضح في مجالات الحبكة السردية ، على حين غرى سوف اوضح ما عليه حدود طابعية مخيالية هذا النص ، من حيث التقريرية الجاهزة في نقل الاحداث ، و العلاقات الحضورية كبنية نصية فاترة الدليل و التتابع الاظهاري الجاد.

( حكاية النص )

ان القارىء لرواية ( تعالى وجع مالك ) لربما لا يرى فيها سوى جملة حكائية مفبركة بشكل يدعو للوقوف طويلا أمام مسارية فرصة ظهور الحدث السردي هناك ، و بمنظور

زمني قائم على اساس فعل البحث في اسباب ذلك الحضور المشهدي البارد ، فمثلا على سبيل المثال ، نشاهد تلك الشخصية النسائية في الرواية ، التي تشكل المحور المركزي في صوت المنظور السردي ، حيث تبدو كأنها مجرد علامة تحولية على مستوى ضعيف من صلة مبررات صنع و انشاء الحدث السردي العام ، فمثلا أيضا نعاين هذه المتحولات من علاقة زمن بداية الرواية أولا : ( أنا لست داعرة و مستهترة؟ / العائلة لا قرار لمستقرها أنت كبرى نقعتها العنوسة و لما تختمر الوسطى تباهت بجمالها فأنضوى خلف وهما مستديما .. الاخ الاكبر أعتلف الحشيشة فصارت قوته اليومي الذي يليه / انتسب شرطيا في جهاز أمني الثالث هو في حقيقته صبي جامع / أنا بنت البطة السوداء / تقع دارنا في الحوض السفلي للهضبة أجتاز البيت الأول و الزقاق الرابع لأصل الجامع الذي أصله كنيسة هنا تجمع المنطقة كلها حيث المحلات و السوق و ملتقى العشاق / كنت أسعد فيما مضى حالما أصل هنا بيد أني الأن قليلة الاكتراث بما هو حولي تآتى ذلك منذ مدة ليست بالبعيدة أطلاقا أنا في كل فترة من عمري في حول جديد أخرج فيها على رتابة البيت و بما نلته من مكانة بينهم / أنا بنت البطة السوداء التي تجلب القوت لعائلة مشلولة في البداية أشعر بفرح اتجاه واجبي هذا لكنه بعد فترة صار عبئا يثقل ذاتي أنا في الحقيقة فرحة بما حدث أذ أصبحت حرة التنقل / سنوات انتظار العريس وراء جدران البيت ولت مذمومة و مقيتة على روحي و اجاهد نسيان تلك الفترة / كل صباح و قبل الساعة الثامنة أخرج من البيت متجهة صوب عملي لا يبعد كثيرا .. ص 5 .. ص6 )

من حدود هكذا انطلاقة تعرفية وجدنا الكاتب حميد الربيعي ، راح يستعرض حلقات شخوصه الظرفية و العاطفية و

المصيرية ، بطريقة مقدماتية ، كأنها ذرائع توصيفية ، لا تحمل سوى ملفوظات توزيعية ، شبه دالة على نمطية أحداث الرواية . و لكن و نحن نقرأ مثل تلك البداية ، لم نلاحظ سوى ان الكاتب لم يستثمر ابعاد تطورات الحدث السردي و المدار النصي ، الذي من شأنه تعريف الاشياء و الخصوصيات ، بناء على تحصيلات تطورية ، يتكفلها الفعل الموضوعي نفسه ، فمثلا ليس الشخصية هناك في بداية الرواية بحاجة الى تعريف ذاتها و عائلتها ، بل ان من المفروض ان تكون هناك تقنية اظهارية ، هي الكفيلة بأظهار استعمالات ذلك الخطاب ، لا ان يلجأ الكاتب الى قول و تعريف تلك الاشياء ، بطريقة راحت تقترب من كتابة المذكرات اليومية و الرسائل الشفوية. على أية حال ليست هناك ثمة مشكلة ما في مقدمة الرواية ، بل ان الاشكالية الكبرى تكمن في ما سوف يحصل من القادم في مستقبل الرواية حيث أننا صرنا نرى بأن هناك ثمة فبركات و نمو أحداث باتت تأتي بطريقة غريبة و غرائبية ، تحكمها القفزات و البناءات التي هي مقحمة و غير مترابطة أصلا .. ( أقسم بالله هذا رجل غريب جاء يسأل عن عنوان العيادة / سارعت متلهفة : و ماذا بعد ؟ قال أنه طبيب مغترب و يبحث عن عمل فجلبته الى هنا : ثم ماذا ؟ سألني أن كان بريد الهضبة يقع في نفس الشارع : أكملي ؟ لا شيء أودعته العيادة و شاهدتك في الشارع ؟ / لماذا خرج ؟ ماذا قال ؟ تخاف كأن قنبلة ستنفجر : سألتها و أنا خائفة مثلها : هل ذكرتي أسمي أيضا ؟ نعم أنت كنت الأخيرة تصورت أنك الحلاوة التي تطري قائمة الاسماء / توقفت تلتقط انفاسها كان جسمها يرتعش في البداية هو الآن قد هدأ تكمل آخر ما في جعبتها : قال لي و هو يهم بالخروج عيادة الخشب هذه لا تناسبني : أنا الواقفة طوال هذه المحادثة و الصابرة قسرا على

تحصيل خاتمتها سقطت أرضا مغمى علي و لأربعة أشهر قادمة يلفني الذهول أقظيها تحت العناية الطبية .. ص33 ص34 ص35 ) بعد الاطلاع الكامل على مرحلة هذه الاحداث من زمن الرواية التي تواجه فيها تلك الشخصية الروائية فرصة العمل في تلك العيادة مع زميلات لها ، ثم بالتالي حدوث فرصة قدوم ذلك الغريب الطبيب في العيادة . ان وقوع كل هذه التحولات في الرواية ما هو ألا أمر ممكن ضمن مسار المعقول و السليم و في صلب الظهور و الحضور في المحكي السردي المباشر ، ألا ان ما هو مقحما و غريبا هو كيفية وصول الامر ما بين تلك الفتاة الممرضة و ذلك الطبيب الى حدود هذه المفارقة من العلاقة الخرافية و الى حدوث ذروة هذا التلاحم و الحميمية ، و دون حتى حصول لقاء عابر ما بين الاثنين : فهل ما أوصل الاحداث الى هذه المرحلة هي المفارقة أم انه المخبوء من زمن مرحلة ضعف وخلخلة التكوين الروائي على جملة أنشاء الاحداث بطريقة غير مقنعة و غير موفقة في التلقي تماما : ( هل ثمة تغيير يطرأ على حياتي ؟ / بتلقائية تنساب الثياب فوق جسدي كالمعتاد في مثل هذا الوقت كل يوم أرتدي ملابسي متهيأة للذهاب الى العمل قميص قطني أسود ياقته نحاسية و خمسة أزرار أطوي ذيله تحت تنورة وردية اللون ضيقة عند الورك لكنها تتسع تدريجيا حتى تبدو أشبه بالجبة عند القدمين / خرجت من البيت و أنا لا ألوي أيما جديد الرتابة اليومية تجعلني أحفظ عن ظهر قلب عدد الخطوات و تعرجات الطريق / أنا اليوم أعد نفسي لشيء جديد ألا ان أحساسي بالرتابة يقتل كل رغبة / دلفت الغرفة لتنظيف آلاتها : لكنها بعد حين مدت بوزها عبر الباب منادية : لقد جاء الجديد قبلك : بهت و استغربت و تجمدت .. أنها الثامنة بالضبط / تأكدت

ان ساعة يدي تعمل فلم يحصل أبدا ان جاء أحد قبلي .. فأنا أول من يدلف من الكادر الطبي .. أمضي الساعة الأولى في ترتيب الاجهزة و تشغيلها عندئذ يدخل المدير يثرثر كثيرا .. اليوم انتهز الفرصة بعد العاشرة لأن اتعرف على الوفد الجديد.. / كنت قد نسيت أمره منذ ساعتين و هو يقبع فوق وحيدا .. غرفته يقع بابها آخر السلم و لها نافذة تطل على شرفة مزدحمة بالمواد .. عندما استدار الدرج خففت من حركتي و بدأت اصعد ببطىء و تأني .. لربما ماهبه أو لعدم ازعاج الوجه الجديد .. رمقني لثوان ثم عاد يقرأ .. تسمرت لدقيقة ثم دفعت قدمي للخطوة الثالثة أيضا رفع نظره عن كتابه حدجني بنظرة خاطفة و عاد ليقرأ من جديد . أطالعه أم أسأله .. عيناه مثبتتان فوق جسدي لا تتمان عن تعبير معين فبادرت بأنتزاع حمالة الصدر : أرتمت بعيدا عني .. انطلق عصفوران من جسدي .. أنا الآن عارية أقف في المنتصف هو نظر نحو الأرض ثم قام .. نهضته أشبه بخرير شلال .. أرتعشت .. جسدي يصفعه تيار هواء بارد .. بعد خطوتين أغلق باب الشرفة .. ثم وجدته قد دنى لحد الملامسة .. ماذا أفعل ؟ أي من رغباتي تنسجم مع رجل يقف في الصحراء .. أنا طوع أمرك .. مد السبابة في فمه .. أمتص رحيقها .. سرت رعشة خاطفة تضرب ردفي ثم أفخاذي .. مسد بقية الساق حتى وصل اخمص القدم .. ضغط بقوة مما استدعى قفزي في الهواء .. صرخت به فلم يرد .. كان يتشظى بالحلمة . يأخذها بين شفتيه يشفطها رافعا صدره .. ص 36ص37

ص38ص39 ) . هذا كل ما وجدناه في الحقيقة من خلال علاقة الشخصيات في الرواية ، مجرد عروض شبقية ، راح الكاتب يصفها بشطارة كبيرة و تندر بالغ ، لغرض اثارة قارئه المتلهف ، و دون حتى خصوصيات ما في تلك

العلاقات الجنسية : و لكن هل الرواية بهذا قد استطاعت تجميل و حبك مسارها الروائي و بطريقة مفيدة و صحية لعل الاجابة عن هذا السؤال تتطلب منا اظهار نوع ما من الخطاب النقدي المتشعب مفهوميا و دلاليا ، ثم القول بعد ذلك بأن رواية ( تعالى وجع مالك ) مع الأسف لم تحسن سوى اظهار بعض من العلاقات المفبركة تشويقيا ، و دون حتى حضور ثمة مؤولات سردية من شأنها تعليل طاقات و حجم تلك التواصيف الشبقية في نص الرواية .

( الوصف الروائي و تراجع الموصوف )

ان الزمن الفيزيائي و الزمن التخييلي في احداث و شخوص رواية ( تعالى وجع مالك ) كلاهما بات يعملان في خدمة وعي علاقات سردية تقترب من نقطة التأويل ، بطريقة معاكسة لحدود الاشتراطات التكاملية في البناء النصي ، فعلى سبيل المثال شاهدنا كيفية سيرورة النص من بداية اعتيادية التكوين ،ثم وصول الامر بعد ذلك الى مرحلة انتقالية مفاجئة تغاير ما عليه نقطة بداية انطلاقة الموضوعة و الشخوص ، بل ان وصول الامر الى اتجاهات أضحت معاكسة لما تتطلبه حبكة النص أصلا . بالأضافة الى هذا فأنا شخصيا لا أدري ما سر كل هذا التحول في ذروة العلاقة ما بين تلك الفتاة و ذلك الطبيب الوافد : هل نوعية هذه العلاقة مصحوبة بحوافز ماضوية خاصة لذا عند وقوع فعل التلاقي قد جاء التحقيق السريع ؟ أم أنها مجرد فبركات حدوثية و احراق الاشياء بطرائق تدعو للعجب و المفارقة ؟ . في الحقيقة ان ما حدث في رواية حميد الربيعي ، لربما لا يحدث حتى في منازل المومسات المعتقات و لا حتى في أحلام العوانس و

السحاقيات ، لأن تطور علاقات الاشياء لربما لا تتم بهذه السرعة ، مهما كانت درجات الانبهار و الاعجاب خارقة و ساحرة . أما من ناحية احداث الرواية الباقية أي بمعنى الاحداث التي ما وراء حدود واقعة الجنس ما بين الفتاة و الوافد ، فما هي ألا دخائل و طوارىء سردية متناثرة مع ما تقتضيه متطلبات المحكي الأول في النص . و في الختام لا أملك سوى هذا القول : ان رواية ( تعالى وجع مالك ) ما هي ألا طاقات وصفية في حدود الجنس و الشبق ، و الى حد وصول الامر الى عفوية و تلقائية و عادية باقي مسارات النص المضمونية و الشكلية ، بل أنها و بأختصار شديد ليس فيها ما يثير الاعجاب و الاهتمام ، بأستثناء ما سوف يتوافد عليها من فئة المراهقين و شواذ الصبايا و الفتيان ، و ممن لا يحسن اختيار تصانيف و مستويات مادة الرواية بمعنى القصد و الاداء و المقصدية الدالة . و تبعا لهذا الكلام الأخير من محاور مقالنا نضيف مجددا مثل هذا القول . ان من حدود الاشكاليات الكبرى التي وقعت فيها رواية ( تعالى وجع مالك) هو انها و تحديدا في مداراتها النصية المحلية ، لم تقدم ادلة ذهنية مؤشرية ، من حيث علاقة موضوعها الدينامي بالأدلة المسؤولة عنها ، أي بمعنى هيئة هذه الخطاطة ( مدار النص / مدار السياق / مدار الدليل السردي ) بل انها راحت تقدم ثمة أدلة مؤسسة بموجب حالات سياقية مرتبطة بمدار تحركات الشخوص الهامشية ، و الخالية حتى من مؤشرات أيقونية المؤولات الفعلية و التجسيدية في جملة تعالقات التنامي المحوري و الملائمة المتواصلة في عمق فضاء الجولات المنتجة قرائيا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب