بعد عملية التغيير التي جرت بالعراق عام 2003 م وتحول النظام العام للسلطة من نظام حكم الشخص والفرد والعشيرة من نظام الحزب الواحد إلى التعددية والديمقراطية والحرية المفرطة والتي بدأت ولا تزال تفتقد إلى الضوابط القانونية والحضارية والإنسانية لإدارتها … وقد كانت عملية التغيير وممارساتها الديمقراطية حالة جديدة وغريبة على واقع المجتمع العراقي وربما لم يكن يستوعبها فقد انطلق بكل أطيافه وكل أفراده منذ بدايتها للعمل السياسي وتٌقٌبل المجتمع حالة النفور العام باتجاه العمل السياسي عبر ترشح كم هائل من المرشحين للانتخابات والتصدي للمسؤولية وكنا ننظر إلى صور المرشحين وإعلاناتهم التي امتلأت بهم الشوارع والأزقة بغبطة يحذو من خلالها الأمل في التقدم والازدهار وبناء دولة عصرية يعز بها الإنسان وتحفظ كرامته ويصان به ماله ودمه وعرضه ولا يمكننا أن نبخس حق الفترة التي انقضت بالرغم من وجود إخفاقات جسيمه على صعيد بناء الدولة ومحاربة البيروقراطية و الفساد والتصدي للإرهاب العالمي الذي يواجهه العراق والتي يتحمل مسؤولية هذه الإخفاقات كل أفراد المجتمع العراقي لكننا نقول والحق يقال قد تحقق الكثير الكثير وعلى مختلف الأصعدة وأهمها الجانب المادي وارتفاع المستوى ألمعاشي للفرد وحرية العمل السياسي وحرية التعبير وممارسة الشعائر وما إلى ذلك من الأمور الذي كنا نفتقدها في زمن الديكتاتورية المظلمة واليوم بعد مرور أكثر من عشرة سنوات من الممارسات الديمقراطية لازالت حمى الترشح للانتخابات باقية في دماء الشعب العراقي وكأن التجارب التي خاضها لم تعلمه بان الشعب يريد ثلة قليله من أبناءه الشرفاء ومن ذوي الاختصاص والخبرة وذات تجربة بالعمل السياسي للتصدي لقيادة هذا البلد وليس الآلاف التي تقدم نفسها على أنها الأصلح دون معرفة ذاتها وباتت كثرة الصور واللافتات في موسم الانتخابات تؤلم أعيننا وتتعبها وتزيد أنفسنا حسرة على كثرة الأموال التي صرفت وهدرت من اجل دعاية انتخابية ربما تكون غير مجدية ولم يكن احد يتصور لا في العالم المتقدم ولا المتأخر أن يرشح كل الهرم الاجتماعي من اجل الوصول إلى قمته الطبيب والمضمد والمريض والمهندس والعامل والأستاذ والطالب والتاجر والشيخ ورجل الدين والقاضي والمحامي وحتى بعض المتهمين والأم والبنت والأخت العاملة منهم وربت البيت ورهانهم للفوز بالانتخابات قد يكون يعتمد على أموال الدعاية الانتخابية أو يعتمد على سذاجة بعض الناخبين ….