حسن العلوي مفكر نوعي ورجل دولة وشخصية سياسية نادرة وقد قلت له بعد سقوط النظام انت شيخ الدولة وعمدتها الاخير وفي اليوم الذي يسكت فيه قلب العلوي – واتمنى ان لايصمت او يسكت – ساقول الكثير عن العلوي وربما يكون الرجل من بين قلة من المفكرين من قدم كشفا مبكرا عن حسابه في انتمائه لقومه وهويته الفكرية الواضحة وفي التقاط الافكار النوعية في مجمل ما كتب عن الدولة القومية والتاثيرات التركية في المشروع القومي العربي ودولة الاستعارة القومية..ورجل مثله لن يصمت قلبه ولن يسكت قلمه رغم بلوغه الثمانين اذ تشكل هذا الرجل بقوانين مثالية كما تتشكل البحار والمحيطات!.
امس رايته على شاشة البغدادية العراقية وهو يقود حملة للبحث عن الرئيس العراقي جلال الطالباني لكن مالم يقله العلوي في اللقاء هو النوعي الذي يجب التركيز عليه في اطار التقاط الافكار وقراءة مستوى المبادرات التي يقوم بها الرجل في اطار بناء الدولة وكشف التلاعب والفرق الكبير بين اوراق الكاتب الحر وبين رجل الاوراق المالية في العملية السياسية!.
الدعوة التي اطلقها العلوي فيما لم يقله على البغدادية تتضمن اعتراضا شديدا على الطبقة السياسية التي تدير البلد فلاول مرة يحدث ان رئيسا يضيع في الفوضى السياسية قبل ان يضيع الرجل في ردهات المصحات الطبية في المانيا واعتراض العلوي نابع من ايمانه بالضرورة التي تنطوي عليها مهمة وجود رئيس شرعي في البلاد قبل ان تكون الضرورة شخصية وتاريخية وصداقة عميقة جمعت الطالباني بالعلوي منذ اكثر من 45 عاما يوم كان حسن العلوي شريك الطالباني في مطبوعة اعلامية!.
وانا اشاهد لقاء (الساعة التاسعة) همس صديق ان العلوي قد يكون مكلفا بمهمة مفادها ان الرئيس الطالباني لم يعد الرئيس الشرعي للبلاد بسبب استمرار حالته المرضية وان الامر لم يعد سرا وبالتالي لابد من البحث عن رئيس جديد في اطار المحاصصة السياسية حيث لايخرج الرئيس عن قريش الكردية!.
قلت لصاحبي ان العلوي لايكلف بمهمات من هذا النوع ولم يسبق ان عمل العلوي بهذا اللون من المهمات السياسية لاسباب منها ان العلوي يقف على مسافة واحدة من كافة اطراف العملية السياسية وقادتها واحزابها ومحال ان يميل الى طرف كردي مثلا لحساب طرف اخر بدليل انه تحدث بقسوة غير مباشرة على الذين يشعرون بارتياح لغياب الطالباني واذا كان الطالباني رب اسرة في السليمانية فهو رئيس الدولة العراقية وابو العراقيين دستوريا لذا لابد ان يكون البحث عن الرئيس اب العراقيين وليس جلال الطالباني رب اسرة وزوجا للسيدة هيروخان احمد وابو شلال!.
دافع العلوي عن الطالباني دفاع المستميت وعن المحارب في قمم الجبال اذ المستميت لايموت وربما تحدث عن الرئيس كرفيق نضال سياسي طويل وليس رئيسا للجمهورية التي قاتل العلوي من اجلها سنوات طويلة في اطار رحلة بدات بسجنه في بغداد وتسميمه حيث لازال يعاني من امراض القلب بسببها واستمرت في اطار 15 كتابا نوعيا وملايين القراء وعلاقات بملوك ورؤساء عرب ولم تنته ولن تنتهي عند مقاعد مجلس النواب وفتوحاته الفكرية والبرلمانية تحت القبة وتحت الاضواء التلفزيونية وهو يقدم اداءا نوعيا عبر مهمة النائب ..واي نائب؟!.
والعلوي في اعماقه حين يدافع عن احد بصرف النظر عن هذا (الاحد) انما يؤكد حالة انسانية متفردة في الدفاع عما يراه حقا ويرى في انتقاده شيئا من الخطأ الجسيم بحق الضحية وان كان خصما لدودا وكم من مرة حدث ان يشي رجال في المعارضة باحد من رجالها ويتحول الموشى به الى جثة هامدة سهلة الاختراق لكن العلوي ينتقل من اطار خصم الاخر كما هو مرسوم في خطة التامر على الاخر الى جبهة تتحشد اسلحة للدفاع عن الاخر وتجريم من يقف بجبهة العلوي..حدث هذا مرة في لندن حيث اريد التنكيل بمفكر قومي لكن العلوي خرج عن اطار تلك الجماعة وشق عصى المؤامرة ووقف الى جانب المفكر الضحية وهو واحد من الد اعداء العلوي وخصومه!.
في اللحظة التي يشعر فيها العلوي ان الاخر مغيب في غرفة بمصح او ردهة بمشفى او جدار في معتقل او زاوية في عمود بجريدة يومية ينتفض على النفس والاخر ولغة التنكيل والغياب والضمير الميت الذي ينسى او يتناسى تاريخ الاخر ويحمل الراي على اكتاف الاعتراض السياسي المباشر وينتصر للاخر لذا لن تجد مفكرا او مثقفا او سياسيا عراقيا اقام علاقات مع اربعة خصوم كل منهم يحمل للاخر كراهية شديدة كحسن العلوي هكذا كان في زمن المعارضة العراقية صديقا لباقر الحكيم وقادة حزب الدعوة رغم كلامهم القاسي ضده واياد علاوي واحمد الجلبي والاكراد مع الحزبين وماكان بين الحزبين من شقاق ونفاق وفتن وانهار دم لذا تكتسب مبادرة العلوي ومجمل مايقوله صفة الثبات والمقبولية السياسية الكبيرة بسبب اعتداله واريحيته الفكرية والاهم قتاله الضروس عن مهمة بناء المجتمع والدولة والانسان!.
حملة العلوي في البحث عن الطالباني شبيهة بحملة الرئيس اوباما في البحث عن النووي الايراني ليس لان النووي عامل عدم استقرار بل احد اهم العوامل المؤثرة في بناء علاقات محورية قادرة على تعزيز السلم والاستقرار الدولي في منطقة تشهد منذ اكثر من 30 عاما حربا سرية تقودها القوى الكبرى بسبب النفط والموقع الاستراتيجي والنوع البشري والعلوي في بحثه عن الطالباني فلان جلال الطالباني عامل استقرار ورفيق نضال وطني مشترك ولان الدولة التي لاتسال عن رئيسها هي دولة ميتة سريريا قبل ان يعلن في بغداد عن عودة الرئيس الى القصر الجمهوري!.