21 نوفمبر، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

حمد أصبحت أيامه معدودة … وعليه الرحيل

حمد أصبحت أيامه معدودة … وعليه الرحيل

على الباغي تدور الدوائر, وعلى حمد الرحيل, هذه العبارة التي طالما رددها الحمدين شيخ قطر ووزير خارجيته بحق رؤساء دول عربية أثارا فيها الفوضى والفتن والدمار والإرهاب, ليأتي قرار تنحيتهما معا بقرار ليس لهما فيه من صلاحية غير القبول به صاغرين مع تسريب مقصود لمعلومات غير مقنعة تبرر التنحية بين محاولة ولي العهد الانقلابية وبين تخلي حمد عن السلطة إليه طواعية.
فمن الحماقة بمكان التصديق إن انقلابا عسكريا يجري التخطيط له لتجريد أمير قطر حمد من السلطة على يد ولي العهد ابنه “تميم” لاقناعنا بالمثل العربي الشائع “الابن على سر أبيه”, فقطر الدولة التي تنفق المليارات على رعاية الإرهاب الأصولي ألمخابراتي المنظم في العالمين العربي والإسلامي ليست من الدول التي يسمح لها في الانقلابات لارتباط المصالح الأميركية بنوع وطبيعة النظام القائم فيها إلا إذا كان هذا الانقلاب بتدبيرها طبعا, ولا يمكن لعاقل أن يعقل إن حمد الذي غدر بأبيه من اجل السلطة يستعد للتنازل عنها طواعية لضرورات المصلحة الوطنية أو لأي سبب آخر, فالرجل يعيش في عنفوان المراهقة السياسية والفكرية, وحالة من الانبهار بالسلطة أفقدته صوابه وإصابته بجنون العظمة, ووهم الزعامة صنعت منه طاووسا متبخترا, يتنقل بين هذه الدولة وتلك مغترا بوثيق علاقاته كعميل مزدوج للغرب والكيان الصهيوني ناقلا رسائل التهديد والوعيد ونصائح الوعظ والإرشاد بصفته الزعيم المحنك الذي عاش بهوس دمقرطة الشعوب العربية دون أن يعرف معناها.
ووفق نظرية حكم حمد في الخنوع والخضوع فان أي قرار يتعلق بقطر يتوجب أن يصدر من واشنطن وفيها، فقرار تنحيته من الحكم أولاً وأخيراً هو قرار أميركي وتمت دراسته في البيت الأبيض على ضوء المعلومات التي جمعتها وكالة المخابرات الأميركية عن تحركاته ووزير خارجيته, وثبت لديها انه كان تابعا “للموساد” الإسرائيلي أكثر من تبعيته لوكالة المخابرات الأميركية، وانه ابتعد كثيرا عن الأهداف المحددة له, فواشنطن ومعها بريطانيا وفرنسا وفي سعيهم لإيصال “جماعة الإخوان” إلى الحكم سواء في دول الربيع العربي أو في تلك التي مازالت مدرجة في قوائم التغيير وخلق منظومة من أنظمة الحكم الإسلامية وفق النمط التركي ترتبط “باردوغان”, فيما كانت تحركات قطر والموساد تقوم بدعم وإسناد الحركات الإرهابية السلفية المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة لتكون ندا “لجماعة الإخوان”, وخلق منظومة أخرى من أنظمة الحكم والحركات السلفية ترتبط بحمد, وهذا خط احمر لا يسمح البيت الأبيض بتجاوزه. 
وما يدعو لإزاحة حمد من الحكم أيضا, هو ذلك الثوب الفضفاض الذي ارتداه وبدا عليه اكبر من حجمه ولا يتناسب مع دور قطر على الخارطة الجيو- سياسية للمنطقة, فاثأر حنق الكثيرين ممن يحاولون زعامة الأمة, وعلى رأسهم ملك السعودية الذي لا يشعر بوجوده بالارتياح خاصة بعد أن أسست قطر عام 2004 الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ووضعت القرضاوي المثير للشك على رأسه في مواجهة الوهابية السعودية, وغالبا ما أثار حمد استياء وتذمر الشعوب العربية وحكوماتها سواء بتصريحاته أو عن طريق قناة الجزيرة التي تنفث سمومها بين الشعوب, فدول الربيع العربي ليبيا وتونس ومصر لم تعد تطيقه رغم تلويحه بالقروض وحاجتها إليها, وموريتانيا طردته شر طردة بعد درس لم يكمله في أصول الدمقرطة, والعراق وسوريا ولبنان يعانيان دعمه للحركات الإرهابية وإحداث الانشقاقات في كياناتها السياسية, وتكرار تفوهاته اللفظية مع وزير خارجيته التي تفتقد لأدنى مقومات اللياقة الأدبية والدبلوماسية أثارت الكثير من الاستياء والحنق بين الشعوب, وأصبح نكرة من النكرات غير مرحب به في الكثير من الدول, فلم تعد لقطر كلمة تسمع سوى في الحركات الإرهابية المدعومة منها وشيوخ الفتنة, لذلك أصبح أمر استبداله ووزير خارجيته معا لابد منه بنقل السلطة لولي العهد تميم، وهو ليس بأفضل من أبيه, إلا إنها تبدو ضرورية لإعادة خلق قنوات اتصال جديدة ومقبولة مع حكومات وشعوب الدول العربية التي أضاعها الحمدين, و”تميم” أنهي دراسته في كلية ساند هيرست البريطانية، وهي نفسها التي تخرج منها أبيه والمعروف عنها بأنها المركز الذي تخرج منه اغلب عملاء المخابرات البريطانية في العالمين العربي والإسلامي من السلالات الحاكمة على امتداد العقود الماضية، وهو مقرب من دوائر الإسلام السياسي “الإخوان المسلمين” وخضع منذ سنوات لدورات مكثفة على أيدي مجموعة من الخبراء الغربيين في السياسة والدبلوماسية لتأهيله بشكل جيد لاستلام حكم المشيخة، وقد انتهت عملية التأهيل هذه نهاية العام الماضي.
سيسعى “تميم” لتصحيح حماقات أبيه التي بمقتضاها أصبحت قطر دولة مكروهة ومنعزلة, وسيمد جسور التواصل مع الدول الحانقة من جديد لاستعادة دورها الضائع وستتغير سياسة وأساليب عمل “تميم” كليا, ولكن الهدف يبقى هو نفس الهدف المحدد لأبيه في كونه حاملا طوعيا لرسائل وتعليمات الدوائر الغربية والصهيونية لرؤساء الدول العربية والإسلامية, وممولا سخيا لأجنداتهم, وما برح “تميم” يجتمع سرا وعلانية حتى قبل تبوءه حكم مشيخته وكونه أحدى قنوات التواصل المهمة ما بين الغرب والكيان الصهيوني ورؤساء الدول العربية, كان آخرها اجتماعه السري بنائب رئيس الوزراء الصهيوني “سيلفان شالوم” في الدار البيضاء بترتيب من مستشار الشؤون العربية “شموئيل توليدانو” الضابط السابق في المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة للكيان الصهيوني “الموساد” لتنسيق المواقف قبل انعقاد مؤتمر “جنيف/2” وتكفل “تميم” بنقل رسائل “شالوم” إلى مشايخ دول مجلس التعاون الخليجي, الحمدين رفضا بشدة التخلي عن مناصبهما طواعية لدواعي صحية مزعومة, فبدأت الماكنة الإعلامية تضع سيناريوهات افتراضية عن انقلاب بتدبير روسي لإعادة الأمير المخلوع لمنصبه, وآخر عن انقلاب الابن على أبيه في رسائل تهديد مبطنة الى الحمدين وتذكيرهم بان أيامهم باتت معدودة, وعليهم الرحيل.

رئيس الرابطة الوطنية للمحللين السياسيين
[email protected]

أحدث المقالات