(حمدان شخصية افتراضية تحمد الله علىٰ أيةِ حالٍ ووضع، وتعيش في مجتمع طرأت علية الكثير من التغيرات ومن أكثر ما تأثر به هي تلك الإنعكاسات من التغيرات السياسيّة، والتي لا تربطه بها صلة لا من قريب ولا من بعيد لطبيعته المسالمة للبيئة وكل ما حوله يعني ( ماشي بصف الحايط ) مثل ما يعبر عنه باللغة الدارجة العراقية ولكن الأزمات والحروب والتنقل في السلطة مابين تلك الآيديولوجيات الفكرية المتباينة والمتناحره حولته الى ضحية تشفق عليها كل التيارات الانسانية التي تتناقل وتتحدث بأخباره).
ماجرى على حمدان والمجتمع الذي هو جزأً منه من احداث وانعطافات سياسية اوصلته لأن يعترف بحقيقة مهمة ينطق بها واقعه اليومي ألا وهي إن واحدة من اهم مصادر القوة هي السُلطة وهي السبب الرئيسي في تدمير المجتمع حيث تم تداولها على أيادي تجردت من الوطنية ولا تمتلك حتى أدنى مستوى من الكفاءة او المؤهلات لأداء مهمة ادارة دولة، وشاهدنا على ذلك ما حصل بالأمس القريب عندما وصلت السلطة الى الحزب الواحد الذي أخذ يفرض السيطرة على البلاد او محاولاً لإثبات وتحقيق ذلك وبمختلف الإتجاهات معلناً سيطرته ورافق ذلك الدعم المكثف من خلال سيطرته على السلطة الرابعة حيث سُخْرَتْ كل وسائل الاعلام آنذاك لخدمته ولدعم أفكاره، ولا نهمل أيضاً ذلك الجزء الكبير في الدعم من قبل الشارع أو من المستنفعين والذين هم بالضرورة كانوا مؤيدين لذلك الفكر، ولا يلغي قولنا هذا في الجانب المقابل ذَلِك الدور للتيارات المعارضة على اختلاف تسمياتها الدينية والعلمانية لكي تكون الصورة اقرب الى الواقع وفيها من الدقة ما ينصف اولئك الذين كانوا يدعون الى حراك رافض الى كل اديولوجيات ذَلِك الحزب سواء كانوا متفرقين او مجتمعين في الداخل او مقيمين في الخارج هنا وهناك وعلى اختلاف قومياتهم وانتمائاتهم الدينية والفكرية والعرقية والعقائدية.
ليأتي ذلك اليوم على حمدان ومن سواه ويتغيير فيه كل شىء بقدرة قادر حيث تحول الأول الى أخير وجاء من كان هُو في آخر الرهط ليصبح مابين ليلةٍ وضحاها هو من على رأس الحكم وبيده نفس السلطة ولكن هذه المرّة تحولت السُلطة هنا حسب استشعار حمدان لها الى ( سَلَطه ) لما طرأ عليها من تغيير في لونها وطعمها وحتى رائحتها، حيث أبصرها وتذوقها ليشم في النهاية رائحتها الفاسدة ، وقت ذاك بدأ المجتمع يرفض ويستنكر ويدين كل من كان يرتدي الزيتوني ويستخشن تلك اللهجة التي تحولت من سائدة الى مبتذلة بعد ما كانت كلحن لموسيقى ميزت أفرادها ومردديها، وهنا وصلنا لنجني نتائج ما حصل فقد أقصيَّ وأسْتُبعد كل من ناصر وساند إولئك حتى ولو بشق تمره، لنعلن بزوغ ذلك الفجر المرتقب لنهضة هذه الأمة فتبدلت الاوضاع ليصبح من كان متهماً تحت مظلة الفكر السابق مظلوماً ويجب القصاص له وعلى المجتمع ان يعوض له وينتصر لمظلوميته وهنا اصبح الاخير هو القائد وحمدان هو ذاك يقف على نفس المسافة من الاثنين ينظر ويراقب كفرد من أفراد المجتمع ومرت السنين والحال ( حال حمدان ) على ماهو عليه ان لم يكن الأسوأ وإن كان هذا القول يستفز البعض منا ، بالرغم من انها ليست دعوى لنصرت ألأول ولكنها الحقيقة الأقرب الى الواقع. لنكتشف ان كل ذلك الحراك كان بفعل المحركات النفاذة للديمقراطية المستوردة من مجتمعات غريبة عَلى ( حمدان)، لتتكرر أمامه نفس المفردات والصور على الرغم من ذلك الاختلاف الواضح في الشخصيات والهيئات لتصبح هذه المفردات كالامراض المزمنة تنخر في جسد المجتمع من خلال جسد (حمدان) فالفساد، السرقة، الجريمة،غياب العدالة،مصادرة حقوق الأفراد لتتمتع بها الجماعات، والفساد الاداري المستشري في كل مكان حتى طال المؤسسة الدينية التي طالما تغنت وأشعرت بنظم العدالة الإلهية والتي نصبت نفسها كوكيل شرعي للإلاه ولايمكن لأي فرد ان ينال من تلك الرمزية أو من حقه مناقشة أقطابها حتى وإن كان ذلك بشعار يرفعه بساحة التحرير.
فالواقع إذاً هو لسان حال ( حمدان ) الضحية، الذي عاصر هذا وذاك اولئك الذين بعثروا فوضى حملتها جِعابهم حتى اباحت وبعثرت كل شيء فالسرقة ومصادرة الحقوق الفردية لحساب الزمر والجماعات المتحزبة والتي تقف صفاً واحداً تحت مظلة الوطنية بمفهومها الحديث الذي تميزَ بالعمالة لمشاريع إقليمية او دولية ضمن خارطة الولائات الفكرية والبعيدة عن الإنسانية لنسف البلد و حمدان الذي مازال يردد وحيداً على ضفاف دجلة والفرات سمفونية القدر الحزينة تلك السمفونية التي لم يفهمها إلا هو ولاتطرب أحداً غيره ليمضي اولئك الذين بدأت تتزايد أعدادهم كلما تزايدة اعداد ضحاياهم في مشروعهم لإزالة كل ماتبفى من ذلك العمق التاريخي لقطع تلك الجذور الحضارية والثقافية التي تستفز اعدائها أينما حلَّتْ.