23 ديسمبر، 2024 3:57 م

حماقات الرجال

حماقات الرجال

في جلسة سمر ريفية ضمت شيخي عشيرتين تعارفا لأول مرة ، قرر أحدهما ان يوطد تلك العلاقة فمنح الشيخ الآخر ابنته التي تصغره بثلاثين عاما او يزيد زوجة ثانية له ، ولم يرد الشيخ الثاني بالطبع ان يبدو أقل منه كرما فمنحه ابنته المراهقة زوجة رابعة له..جرت هذه الحادثة قبل سنوات عديدة وسمعتها من ابن احدى الزوجتين الصغيرتين شخصيا وبررها وقتها بأن مافعله جده كان مبادرة لتمتين الروابط بين العشائر، وقبل ان يكمل تمجيده لافعال اجداده (الشيوخ ) قاطعته بسؤالي عن مشاعر والدته التي توفي زوجها وهي في منتصف العشرينات وبقيت تربي اولاده ضحك الرجل من كلامي فمامعنى ( مشاعر امراة ) امام مبادرة صدرت من شيوخ ) ؟

اليوم ، تقاد خمسون امرأة بأعمار وظروف مختلفة ودون أن يسأل احد عن ماهية (مشاعرهن ) ليتزوجن من رجال لاعلى التعيين ( وكلمن وحظها ) لحقن دماء عشيرتين متنازعتين فقدتا رجالا وصارت مهمة النساء ان ينسين الرجال مشاعر الثأر..

بهذه الطريقة تدفع النساء ثمن حماقات الرجال ..هم يصنعون الحروب وهن يتحولن الى ارامل وامهات ثكالى ..هم يقتلون ويشعلون الفتن والعداوات لاتفه الاسباب وهن يتحولن الى (فصليات ) يرغمهن العرف العشائري على الزواج باكثر وسيلة مهينة للمرأة ليحافظن على حياة ذويهن من الرجال ..هم يرتكبون الخطايا والخيانات ويبررون افعالهم بأنها (نزوات ذكورية ) وهي تتحول الى حطام وقد تقتل ببساطة ( غسلا للعار ) لتدفع عن الرجل ثمن الخطيئة ويبرر الرجل ذلك ايضا بالمثل الشعبي ( المايمد زبيله محد يعبيله ) …حتى حين قال نابليون بونابرت ذات مرة ( فتش عن المرأة ) فسر الرجال مقولته بأن كل مايحدث في التاريخ من محن وويلات لابد وان سببها المرأة ، وحين قال (وراء كل رجل عظيم امرأة ) ، طعن عدد من الرجال بمقولته على اعتبار ان المرأة مخلوق ضعيف ومن المستحيل ان تكون سببا في عظمة الرجل بل سينقص ذلك من رجولته حتما

..وقال آخرون ان نابليون ربما كان يقصد العكس وهو ان الرجل يصبح عظيما حين يعاني من خيانة او نكد امراة وتكون المعاناة سببا في عظمته ..اتساءل ، هل كان نابليون من النوع الذي ( يضرب بسامير ) أم كان كلامه واضحا ومباشرا ومفهوما ..لقد قال نابليون ايضا :” ان المرأة التي تهز المهد بيسارها ، تهز العالم بيمينها ” فهل تحتمل مقولته هذه تفسيرات ذكورية حانقة ؟

بعض الرجال لايحتملون تفوق المرأة عليهم ومنافستها لهم ، وبعضهم لايقدرون قيمة جهودها وصبرها وبعض آخر يستخدمونها وسيلة للضغط على رجال آخرين حين يهتكون عرضها امامهم في المعتقلات طمعا في اعترافاتهم وهناك من يستخدمها ثمنا لحماقاته كما حصل في قضية ( الفصل العشائري ) الأخيرة ..وفي الوقت الذي اثبتت المراة العراقية فيه تألقا وتفوقا في الداخل والخارج في السنوات الاخيرة يعيدها البعض الى خانة (السبايا ) و( الفصليات ) ..وحتى هذه اللحظة هناك من يفسر ذلك بأن تزويج خمسين امراة بهذه الطريقة افضل من استمرار الثأر ..وانا كأي امرأة (بطرانة ) ..مازلت افكر في (مشاعر ) النساء ..واتساءل بحرقة ..ترى بماذا فكرت كل منهن وهي تساق كالذبيحة الى مصيرها المحتوم ؟…