اصلاً لم يكن من مبررٍ لإعلان ” حماس ” عن موافقتها على خطة ترامب , قبل الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي , وكان لديها من يومين – ثلاثة للمناورة الستراتيجية وتجيير وتوظيف الموقف لصالحها .
كان على ” حماس ” الإعلان عن أنّ الرهائن الأسرائيليين لديها موزّعون في مناطق مختلفة من القطّاع وليبس في مدينة غزة فحسب , ولذلك لا يمكن اطلاق سراحهم طالما يتواجد الجيش الأسرائيلي في معظمها , وعليه وبناءً على ذلك فعلى نتنياهو سحب كامل قواته من اراضي القطاع لكي يتمّ الإفراج الفوري عن الرهائن ولكن على ثلاثة وجبات تمتد الى نحو اسبوع ريثما يتم الإطمئنان على سحب الجيش … الأنكى أنّ القيادة الإسرائيلية لم تلتزم بجوهر خطة ترامب حول وقف اطلاق النار فور اعلان ” حماس ” عن الخطة الأمريكية , وشرع الأسرائيليون بمعاودة قصف المنازل والأبنية السكنية وقتل بعض المدنيين فور البدء بتوقيت تنفيذ هذه الخطة .
ايضاً , ممّا يتوجّب او توجّب على ” الحركة ” رمي الكرة في الملعب الصهيوني واحراج القيادة الأسرائيلية , عبر الإعلان في الإعلام عن انّ عملية اطلاق سراح الرهائن الجاهزة للتنفيذ , انما يتوقف على افراج اسرائيل على عددٍ مضاعف من الأسرى الفلسطينيين لديها ” وربما اقل او اكثر من هذا العدد ” وماذا تفعل وماذا تستفيد اسرائيل من الإبقاء على آلاف الأسرى الفلسطينيين خلف قضبان سجونها , سوى تحكّم الحالة الغريزية المحشوّة بالضغينة والأحقاد , وإلاّ فلتكشف اسرائيل عمّا هو غير ذلك .!
في فنّ ممارسة المناورة المطلوبة من ” حماس ” كان بمقدورها مطالبة وضع مراقبين دوليين او حتى قوات دولية محدودة أمام الخط المفترض الذي تنسحب منه القوات الأسرائيلية ” لو حدث ذلك ” كيما يسهل الإفراج الفوري عن الرهائن .. ضمن هذا الفن او هذه المتطلبات فكلما زادت شروط حماس فكلما امكن تحقيق بعضها على الأقل , فورقة الرهائن كنزٌ ثمين لا ينبغي التفريط به على عجالة , لكنها تسرّعت ولازالت هنالك مجالاتٌ اخرى طالما لم تلتزم تل ابيب حتى بأولى مستلزمات الخطة الأمريكية . من الملاحظ أنّ هذه الخطة ذات العشرين بنداً لم تكن دقيقةً في كافة مفرداتها , حيث احدى نقاطها او فقراتها تنصّ على تسليم ” حماس ” لأسلحتها , لكنها لم تذكر الى ايّ جهةٍ محددة يتوجب تسليمها .! هل الى جهة دولية يراد ان يرأسها ” توني بلير ” او الى الجيش الأسرائيلي حيث سيحدث تقابل ولقاء مشترك ومفترض بين الأسرائيليين ومقاتلي حماس ” وكلا الطرفين لا يتحمّلان ذلك ” .! أمّا اذا ما جرى ان تترك ” حماس ” اسلحتها في امكنةٍ متفرقة على الأرض وبين اطلال الأبنية المخربة التي قصفها الطيران اليهودي , فهل ستقتنع اسرائيل انّ تلك الأسلحة كاملة بلا نقصان ! او ستستغل ذلك بالزعم والإدعاء بالضد .!
كانَ وما برحَ وما انفكّ على قيادة حماس في الداخل والخارج المطالبة بإجراء تعديلات على الخطة الأمريكية ومن زوايا متباينة , ويترآى الى حدٍ ما أنّ التعديل قد يضحى مرشحاً لتنفيذ خطة ترامب بحذافيرها .!
من المؤسف والمحزن أّنّ عدداً من القادة والزعماء العرب قد سارعوا وتسرّعوا بإعلان دعمهم وتأييدهم لمخطط ترامب هذا , ودونما تمعّنٍ في ابعاده القريبة والبعيدة , ولا نزعم ولا ندّعي أنّ اوامراً امريكيةً صارمة جعلت اولئك القادة العرب لينحون هذا المنحى .! , أما الخلاصة المستخلصة فإنّ الخطة الأمريكية غير قابلة للتنفيذ في المدى المنظور السريع .!