8 أبريل، 2024 3:20 م
Search
Close this search box.

حمار انا ام فيل ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

حمار انت ان فيل ؟
سؤال طريف يواجهني يوميا هذه الايام من قبل الزملاء في العمل ..او في الاماكن العامة هنا في الولايات المتحدة مع قرب يوم الانتخابات الرئاسية ؛ والتجديد النصفي لمجلسي النواب والشيوخ ؛   وحكام الولايات واعضاء مجالسها  ؛ والمجالس المحلية ..والتي ستجري كلها دفعة واحدة في السادس من شهر تشرين الثاني نوفمبر القابل.
والانتخابات الامريكية مولـِد – كما يقول اخواننا المصريون في امثالهم – وهي لا تخلو من الطرائف والغرائب والعجائب ..على الاقل بالنسبة لنا نحن الذين دخلت الينا ( الديمقراطية ) متأخرة ..اي منذ اقل من عشر سنوات فقط ولم ننعم بها او نتعلم الاعيبها واسرارها وفنونها ..
واول هذه الطرائف هي ان انها تشهد تنافس حزبين لا ثالث لهما ؛وهما الحزب الديمقراطي وشعاره الحمار والحزب الجمهوري وشعاره الفيل ..وان نسبة عدد المشاركين فيها خلال الخمسين عاما الماضية لا تتعدى ربع عدد الناخبين الذين يحق لهم الانتخاب ؛ والذي يزيد على المائتي مليون شخص..ومن ابرز الغرائب التي لمسناها لمس اليد ان غالبية الامريكيين يعزفون عن المشاركة في الانتخابات ولا يهتمون لامرها ..وغالبيتهم يكرهون السياسة ولا يخوضون فيها اطلاقا ..ويجهلون اسماء الكثير من ساستهم ووزراءهم ..كما ان لا شان لهم اطلاقا بمشاكل العالم وما يجري فيه .
ومن الدروس التي شاهدناها هنا هي ان مبالغ الدعايات الانتخابية الضخمة.. والتي يكون التلفزيون والانترنت ومجالاته مادتها الرئيسة ؛ تاتي من تبرعات اعضاء الحزبين..او رجال الاعمال والتجار الذين يتعاطفون مع اي من الحزبين ..وان فلسا واحدا لم ولن يخرج او يسرق من حزينة الدولة ؛ وكل ذلك يجري ضمن اطار واضح وعلني وشفافية حقيقية..وتحت اشراف وانظار القانون..ولا وجود هنا لمفوضية انتخابات..او كوادر اشرافية لان القضاء هو صاحب الكلمة الفصل في كل شيء..الا ان اطرف الاشياء بالنسبة لي هي انني لم ار حتى الان اي  ملصق ؛ او دعاية ؛ او اعلان في الشوارع والساحات والابنية لان ذلك ممنوع قانونا.
وقد استخدم الفريقان ( الحمير والفيلة ) في حملتيهما الدعائيتين حتى الان  كل اسلحتهما الشرعية وغير الشرعية..فركز فريق (  الحمير) بقيادة الرئيس الحالي باراك اوباما على قضية مقتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن  ..وسحب القوات الامريكية من العراق واعتبارها انجازا لهم ووعود تحققت..والتعهد بسحب القوات من افغانستان قبل نهاية العام القادم  ..وانقاذ الاقتصاد الامريكي من ازمة الرهن العقاري الطاحنة التي حصلت في اخر ايام الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش ..كما يفتخر ( الحمير) بانهم شرعوا قانون التامين الصحي والضمان الاجتماعي ..ويعـِدون بتطويرهما في السنوات الاربع القابلة اذا فاز مرشحهم الرئاسي وحققوا الاغلبية في مجلسي النواب والشيوخ ..
اما الفيلة فيركزون على ان الانسحاب من العراق كان خطأَ.. ويتهمون اوباما بالتساهل مع الملف النووي الايراني..وان قانون التامين الصحي اهدر الاموال على اشياء كمالية ..وان الديمقراطيين لا يدعمون اسرائيل بشكل كاف !! وحملوا الادارة الحالية مسؤولية مقتل السفير الامريكي قي مدينة بني غازي الليبية الشهر الماضي ومن ثم ضعف رد الفعل الرسمي على الحادثة .. كما يرون ان انجازات الاقتصاد الامريكي في عهد اوباما تذهب الى الصين وسنغافورة ودول اخرى..وان اسعار الوقود ( وخصوصا البنزين ) في تصاعد..وان الديمقراطيين فتحوا ابواب البلد على مصراعيها للاجئين والمهاجرين..وانهم سيركزون على دعم الصناعات والمشاريع الصغيرة والوسطى.. وخفض الضرائب على المدخولات ؛ وزيادة نسبة الضريبة المعادة وخصوصا لذوي الدخول المنخفضة او الوسطى  .          
ومنذ شهر تقريبا وانا الاحظ الحملات الانتخابية ..ومن ضمنها المناظرات الانتخابية التي يديرها مذيعون عاديون ؛ سواء على مستوى الرئيسين ..او نائبيهما ..او اعضاء الحزبين ..وارى فيهما كرنفالاً من الهجمات المتبادلة والتهم المتقابلة الموثقة دون تجريح او تخوين او انتقاص ؛ حتى اذا انتهى الامر خرج الجميع وهم يتعانقون ويتصافحون ويتمنى المرشح للاخر النجاح ..ويادار ما دخلك شر!!.
لا يهمني من سيفوز ويقود اكبر دولة في العالم لانني موقن.. ومنذ بواكير الوعي الاولى ان انتخاب رئيس امريكي جديد هو صناعة تشترك فيها جهات عديدة..وان الحزبين وجهان لعملة واحدة في السياسة الخارجية على الاقل ..ولكنني فقط ارى في الانتخابات فرصة لان نتعلم وندرس كل ما هو مفيد ونافع لديمقراطيتنا الناشئة..مع انني لا انسى.. ولن انسى ان الديمقراطية هنا مرت بمراحل وتجارب وسبقتنا منذ مئات السنين واننا مازلنا نحبو في دربها الطويل .. ولذلك فمن مصلحة الديمقراطية والياتها الحديثة عندنا ان يقل عدد الاحزاب المشاركة فيها الى ادنى حد ممكن ليسهل الاختيار على الناخب ..وان تكون الواقعية والقدرة هما المقياس بالنسبة لنا..وان يكون الهم الداخلي والمستوى المعاشي للمواطن هو الهدف مع القناعة بامكانبات التنفيذ  .
استطلاعات الراي تظهر حتى الان ( وبانتظار المناظرة الرئاسية الثالثة ) ان الحمير يتقدمون بنسبة ضئيلة من النقاط على اصحاب الخراطيم الطويلة ؛ وانهم سيحققون الفوز في الانتخابات الرئاسية ..ولكن دون تحقيق الاغلبية في المجلسين ..اي انهم سيحكمون القوة الكبرى في العالم لاربع سنوات قابلة ..ستكون حتما كافية للحكم على الوعود الجديدة التي قطعوها على انفسهم .. اما نحن الذين لا ناقة لنا ولا جمل ؛ في صراع الحمير مع الفيلة هذا فنتمنى ان نتعلم من دروس الديمقراطية في امريكا او في غيرها ؛ من اجل ان نطور بلدنا وننهض به .. وان نحاول اللحاق بالعالم الذي تجاوز عصر الفضاء..ونحن مازلنا نبحث  ( وسنبقى ) في ازمة الكهرباء..والملتقى الوطني المتعثر ..وازمة اربيل وبغداد.. والوزراء الامنيين ..وسبب الفرهود الدائم للمال العام ..وهزال او احتضار البطاقة التموينية و..و..وليس اخيرا دكتاتورية زيكو التي بخرت حلم التاهل للمونديال للمرة السابعة على التوالي  .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب