22 نوفمبر، 2024 11:38 م
Search
Close this search box.

حل الجيش العراقي .. الطامة الكبرى

حل الجيش العراقي .. الطامة الكبرى

تنويه :
سأوجه بعض الرسائل – ذو الطابع الأسلامي أو السياسي أو الفكري .. ، وهي رسائل  محددة  موجهة  مختصرة ، سأنشرها بين فينة  و أخرى كسلسلة ، وكل رسالة  ستنهج موضوعا ليس له علاقة بالأخر ، أملا منها تفريغ مادة  أو فكرة للقارئ ، وستكون الرسائل غير مترابطة بالمضمون ، ولكن تجمعها  مظلة واحدة وهي حرية الفكر و الرأي .. لأجله أقتضى التنويه .
الموضوع : 

 

أولا أعترف أن هذا المقال تأخرا كثيرا ! . لا زال الوضع في ” العراق ” بكل تداعياته و معطياته وتعقيداته يشدني ويهزني من حين الى أخر ، وذلك لأن العراق الأن ، ليس عراق الماضي / الذي عرفته ، لأنه الأن أصبح بؤرة للأرهاب يستقبل ويصدر الجماعات و الأفكار الظلامية ، ومصدرا لثقافة العنف  ، ومرتعا  لكل ما هو غريب و مستهجن ، شعبه مكلوم  ورايته هوت بعد أن كانت تدخل الرعب في قلوب الأخرين !، العراق أرضا بعد نيسان 2003 ، هو ليس كما كان قبل نيسان 2003 ، لأن الأرض الأن تقضم من قبل المنظمات الأرهابية كداعش ، أو تضم الى أقليم كردستان شبرا شبرا ! ، بالرغم من أن ضم الأرض الى الكرد أفضل من أن تقضم من قبل المنظمات الأرهابية .. الأمن و الأمان بشكل عام  متردي و مهزوز ، مع عمليات كر وفر لتحرير المناطق جارية من قبل القوات المسلحة والحشد الشعبي و .. مع أشارات لتدخلات أيرانية في خطط القوات المسلحة ! .. ولكن لماذا كل هذه الصور السوداوية للوضع الراهن عسكريا ! وما هو السبب و المسبب لهذا الأنهيار ، وما هو جوهر قضية الأنهزامات المتتالية في الموصل و الرمادي وتكريت وغيرها  ! .. أرى أن السبب الرئيسي لكل هذا وذاك هو ” حل الجيش العراقي  “.
 
ملامح عامة : 

هذه بعضا من الملامح العامة للجيش العراقي ، بعيدا عن تأريخية ومراحل التأسيس التي هي ليس ما نحن بصدده ، فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى سنة (1914-1918) انتهت سيطرة الدولة العثمانية في العراق حيث سيطر البريطانيون على العراق ، وشكلت أول حكومة عراقية برئاسة عبدالرحمن النقيب واصبح المرحوم جعفر العسكري اول وزير للدفاع في حكومة عبدالرحمن النقيب . / نقل بتصرف من جريدة الأتحاد … هنا كان الأنطلاق ، أذن نحن أمام جيش له تأريخ عريق .
ويعتبر الجيش العراقي جيشا وطنيا أرتبط واندمج بالتاريخ السياسي الحديث للبلاد ، رغم ما درج عليه النظام السابق من أستخدام لقدرات الجيش في مهمات وحروب لا صلة لها بالأمن والوطن ،
 
وليس العراق استثناء بين البلدان النامية في هذا الشأن كما أن جيشه – مثلما هي جميع جيوش العالم – يعتمد في بنائه وقيادته على الانضباط والطاعة وتنفيذ الأوامر الصادرة من الأعلى دون مناقشة ، ولكن الثقافة العسكرية العراقية ظلت دائما ذات عمق وطني وبعد قومي ، فلا أحد ينكر على الجيش العراقي كونه مسيّسا بأفكار وطنية هيأته لإحداث جميع الانعطافات السياسية في تاريخ العراق التي كان أبرزها ثورة 14 يوليو/ تموز 1958. بل هو واحد من أكثر الجيوش تمردا ضد المسارات التي تذهب بعيدا عن واجبه الوطني ./ نقل بتصرف من الجزيرة نيت.
 
رسالة البدأ :                                                                                                                                                                        

أرى / ويرى الكثير من المهتمين ، أن من أهم الأسباب الرئيسية للوضع العراقي المزري الحالي ، هو حل الجيش العراقي ، أن عملية حل الجيش العراقي هي السبب في كل الوضع المزري الذي يعيشه العراقيون على كل الأصعدة ، وكان هذا القرار قد أتخذه بول يرايمر ، “..  حيث أن بعد غزو العراق مباشرة من قبل القوات الامريكية والبريطانية كان أول عمل قام به الحاكم المدني الامريكي  / بول برايمر ، هو حل الجيش العراقي المكون من اربعمائة الف جندي . لقد تجاهل برايمر بأوامر من رؤسائه في واشنطن نصائح الاصدقاء وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بالابقاء على الجيش العراقي الذي كان يمثل الضمان الأمثل لوحدة العراق وتلاحم العراقيين من مختلف الطوائف والفئات. وكانت ذريعة الامريكيين لاتخاذ تلك الخطوة ان الجيش يدين بالولاء للنظام السابق .. ”  / نقل بتصرف من مقال – خطيئة حل الجيش العراقي ل يعقوب جابر نشر بموقع الدستور الألكتروني  .
ومن أهم أنعكاسات وأفرازات هذا القرار هو الأتي :
1. ” يقدر أولا عدد منتسبي الجيش العراقي ب 400 ألف نسمة هذا قبل نيسان 2003 ، وتشكل هذه النسبة  كمنتسبين وعوائل ، حوالي 10 % من عدد نفوس العراق أي حوالي 2.5 مليون نسمة ..” / نقل بتصرف من جريدة الشرق الأوسط  ، بغداد ، عن – مايكل سلاكمان وجون دانيزفسكي … هذا المنحنى الخطير في تغيير المستوى الوظيفي و المعاشي و الوضعي و الحياتي لهذا الكم الهائل من الأفراد الذين تعودوا على الأمر والربط و الضبط وأطاعة الأوامر ، فبين ليلة وضحاها أصبحوا  جميعهم بلا عمل ، بلا راتب ، مهددين ، معزولين بشكل أو باخر عن المجتمع .
 2. الضباط القادة من الجيش المحالون على التقاعد جبرا لا خيارا ، بعد أن كانوا أصحاب سلطة وقوة ومركز ونفوذ أمسوا / باتوا ، عاطلين شبه مهملين جالسين في بيوتهم ، الأمر يجعلهم أن يلتجئوا الى أي عمل أخر ، أما أنتقاما من الحكام الجدد ، أو من المحتل ، أو من أجل لقمة العيش ! … وهنا تبدأ الحكاية ! .     
3. ليس كل الضباط كان لديهم خزين مالي يكفي لتغطية نفقاتهم المعيشية ، فهناك الكثير منهم كان مستواهم المالي أكثر من متواضع ، فلا بد من حل لتغطية الكلفة المعيشية لأسرهم ، الأمر الذي جعل من البعض أن يلجأ الى أعمال ، قد تكون خارج السياق القانوني للدولة المشكلة حديثا ، لذا كان هذا الوضع من ناحية يضيف ضعفا أخرا للتشكيل الحكومي الهش ، ومن ناحية أخرى جعلهم يرتبطون بجهات معينة ، كجناحي البعث / الدوري و الأحمد ، أو الأنسياق مكرهين  لمنظمات تقاوم الدولة / دينية أو أرهابية أو تشكيلات عصابية أو ضمن فرق تصنيع المتفجرات أو المفخخات .. ، وقسما أخر أنضم الى التشكيلات الحكومية الجديدة ، وفق أسلوب طائفي مقيت .. وما تبقى فضل أن يبقى بعيدا عن كل هذه السياقات وغيرها محتفظا بتأريخه في تشكيلات الجيش العراقي السابق .
 4. الجيش المنحل ، أستخدم بشكل أو باخر في دق أسفين بكل الحكومات العراقية / بعد نيسان 2003  ، هذه الحكومات التي عملت على حل وأقصاء قادة وضباط مشهود لهم بالخبرة العسكرية برا وجوا وحتى بحرا ، هؤلاء الكم المدرب بأرقى السبل و المتمتع بسمعة عسكرية عراقية و أقليمية وحتى دولية  ، دقوا هذا الأسفين كرد فعل على عملية أقصائهم من المشهد العسكري للعراق  ، وذلك عن طريق محاربة و مقاومة الوضع الجديد بشتى السبل و الأساليب و الطرق !! 

5. أذن أنعكاسات واقع الجيش المنحل ، قاد الى الوضع الراهن الذي من ظواهره الرئيسية ، وجود حكومات هشة ، ووضع أمني أقل ما يقال عنه متدهور ، وأدى أيضا الى بروز  منظمات أرهابية ، حطمت المنظومة الأمنية وشلتها ، أحتلت مدن ومناطق ، وتهدد بأحتلال بغداد ، وزرعت الخوف في قلوب العراقيين ،  / كداعش مثلا ، التي نحرت رأس كل مخالف لها .. ملخص كل هذا هو أن أنسحاب الجيش من الصورة وتسربه الى جماعات ومنظمات وظف بشكل أو بأخر قاد الى الوضع الحالي للعراق الغير مستقر أمنيا وأجتماعيا و أقتصاديا وسياسيا .
 
رسالة الختام :
 أن الدولة تستمد قوتها و هيبتها و قوة دورها الٌأقليمي و الدولي من جيشها الوطني ، والذي ينعكس على أستقرارها الأمني و الأجتماعي و الأقتصادي و السياسي .. كل هذه المرتكزات وغيرها لا يمكن أن تتحقق ألا بوجود جيش وطني مسلح متدرب مجهز ذو عدد وعدة ، يؤمن بالوطن وبحدوده ، جيش بعيد عن كل الأنتماءات أيا كانت ، دينية مذهبية طائفية حزبية تبعية .. ، خلاف ذلك لا أمن ولا أمان !!
 أن الجيش / أغلبه ، لا يخدم الوطن ، بل يخدم الحزبية الطائفية ، ومنساق الى أجندة معينة ، جيش لا  ولاء  له  لا  للوطن  ولا للشعب  ، جيش غير عقائدي لذا في أكثر من مواجهة أنهزم / كما حدث في واقعة الموصل مثلا ، جيش – أسفين للقول ، هزمته في كثير من المعارك عصابات  كداعش / مثلا ! .. الجيش ضم كل من هب ودب ، كله فرقاء و ألوية وعمداء .. ولكنهم لا يفهمون ولا يعرفون قيمة رتبهم التي يحملوها ، لا تحكمه العقيدة العسكرية ، بل تخدمه مصالح غير وطنية / في كثير من الوقائع  ! ..  ” و لكن هذا لا يعني أن ” جيش ما بعد نيسان 2003 ” كله خارج عن النطاق  العام  للجيش العقائدي ! ” .
  أن بداية الكارثة الحقيقية لعراق اليوم هو حل الجيش  ، لأنه السبب الحقيقي لكل الوضع الذي نحن به الأن ، فالجيش العراقي بقوته يمثل وحدة العراق شعبا و أرضا ، فعندما يزول السند و الأساس و المرتكز ينهار الدار على ساكنيه / لذا أنهار العراق ! ، أما كل الخطابات و المقالات و المواضيع التي كتبت أو نشرت وكل التأويلات التي قيلت انها سببت لهذا الوضع أو ذاك / وأن كان بعضها مقنع فهي أسباب ثانوية .. ولكن يبقى حل الجيش هو الطامة الكبرى لعراق اليوم .

أحدث المقالات