7 أبريل، 2024 1:37 م
Search
Close this search box.

حل الأحزاب لمرحلة انتقالية

Facebook
Twitter
LinkedIn

تبدو الفكرة غريبة ومخالفة لأحد أهم مستلزمات الديمقراطية، وشخصيا سبق وبينت في أكثر من مقالة ألّا ديمقراطية إلّا بالتعددية السياسية، ولا تعددية إلّا بالحياة الحزبية. لكن دعونا ندرس هذا المقترح الذي برأيي لو أوتي له أن يطبق، لمثّل أحد الحلول للأزمة السياسية التي تبدو مستعصية في العراق.

فنحن لو جلنا النظر في أحزابنا القائمة، نجدها إما أحزابا قائمة على نظرية الإسلام السياسي المعتمدة لفكرة أسلمة المجتمع وأسلمة الدولة، ولو إن هذا الهدف أرجئ من قبل معظم هذه الأحزاب، ليس من موقع التخلي عن أصل النظرية، بل لعدم إمكان تحقيق هدفهم هذا حاليا، فهو إرجاء وليس بإلغاء لمشروعهم. أو نجد أحزابا إن لم تكن إسلامية، فهي طائفية، بمعنى انغلاقها على أتباع إحدى الطائفتين الإسلاميتين الكبريين، فنراها إما أحزابا شيعية، وإما أحزابا سنية، والأحزاب الشيعية تجمع على الأعم الأغلب بين إسلامويتها وطائفيتها، ومن هنا جاء استخدامي منذ أكثر من عقد من الزمن لمصطلح (الشيعسلاموية). أما أحزاب السنة، فهي باستثناء الحزب الإسلامي العراقي (الإخوان المسلمين) ليست إسلامية، لكنها طائفية أو ذات عقلية قبلية، أو ذات حنين غير معلن للبعث العراقي، رغم معاداتها للبعث السوري، بعكس الأحزاب الشيعية التي تدين وتجرم بحق البعث العراقي التي تسميه بالبعث الصدامي وتتضامن مع البعث السوري. وإما نجد العديد من أحزابنا متورطة بالفساد، وبعضها متورط بالعنف، ولو في فترة سابقة، دون مزاولتها للنقد الذاتي فيما زاولته في تلك المرحلة، واعتذارها عن ممارستها تلك يومئذ وإعلان التخلي عنها والتبرؤ منها. ومن الأحزاب ما يجمع بين أكثر من عنصر من العناصر السلبية آنفة الذكر. وإما نجد بعض الأحزاب العريقة التي عجزت عن تجديد نفسها. وبالتالي فإن 90% من أحزابنا السياسية إما مدانة، وإما غير مؤهلة لإدارة العملية السياسية، وهناك أحزاب أشخاص وأخرى أحزب أسر.

لذا يكون أحد الحلول الناجعة في طريق التغيير والإصلاح، أن يجري حل الأحزاب القائمة كلها لمدة دورة نيابية واحدة، أي للفترة من 2022 حتى 2026، هذا إذا لم تسحب الثقة من الحكومة الحالية لتورطها بدماء أكثر من مئة شاب من المتظاهرين، وجرح الآلاف منهم، وهو المطلوب، ولكن ليس كل مطلوب معمول به، فهذا حال معظم ما مطلوب إصلاحه. وإذا ما حُلَّت جميع الأحزاب بلا استثناء، يجري العمل بالترشيح الفردي لتلك الدورة النيابية الوحيدة. ومن هنا يعلق العمل بترشيح رئيس مجلس الوزراء من قبل الكتلة النيابية ذات العدد الأكبر من المقاعد، فيكون عندها الترشح لرئاسة مجلس النواب أيضا بشكل فردي، بحيث يكون الحق لكل نائب وكل نائبة أن يترشح أو تترشح لرئاسة مجلس الوزراء، مع تقديم كل منهم خلاصة لسيرته ولبرنامجه السياسي وأولويات ذلك البرنامج. ويكلف رئيس الجمهورية المترشح الحاصل على الأكثرية المطلقة من أصوات أعضاء مجلس النواب لتشكيل كابينته الوزارية، وفي حال لم يحصل أي من المترشحين على الأكثرية المطلقة، يجري التنافس بين المرشحَين الحاصلَين على المرتبة الأولى والثانية في عملية تصويت تالية.

وخلال تلك الدورة النيابية يسن قانون جديد للأحزاب، يحظر تأسيس أي حزب على أساس ديني، أو على أساس إيديولوجية شمولية متطرفة، أو على أساس فكر ينتمي لفترة حكم حزب البعث المنحل، أو أي حزب يكون منغلقا في عضويته على أتباع طائفة دون أخرى، كما لا يجوز أن يتبوأ رجل دين رئاسة أي حزب سياسي، أو يُتَّخَذ من الحزب مرجعية دينية أو فكرية أو سياسية له.

ثم تؤسس أحزاب جديدة، أو يعاد تأسيس بعض الأحزاب التي شملها قرار الحل، إذا كانت مستوفية للشروط المذكورة، على ألّا يكون رئيس أو قياديو الحزب من المعروفين بالتطرف الديني أو الطائفي أو القومي، أو من الخاضعين لأجندات دول خارجية، أو من المتورطين بالفساد المالي أو العنف. ولا يجوز أن يحمل الحزب اسما دينيا أو طائفيا أو يكون معبرا عن إيديولوجية شمولية.

كما يجب خلال هذه الدورة النيابية إصلاح السلطة القضائية، لتكون نزيهة مستقلة شجاعة غير خاضعة لأي لون من الضغوطات وغير منحازة سياسيا أو قوميا أو دينيا أو طائفيا أو عشائريا أو مناطقيا. ليجري في هذه الدورة مقاضاة السياسيين المتورطين بالفساد المالي والإداري أو بالعنف، كي يشملهم الحظر في تأسيس أو قيادة أي من الأحزاب القادمة، وقد يشمل البعض حظر عموم النشاط السياسي.

والمهمة الأخرى الضرورية لتلك الدورة النيابية، هو إجراء تعديل دستوري، وهنا أعيد الإشارة إلى مبادرة «دستور دولة المواطنة»، للأخذ بأهم ما يطرحه من مقترحات تعديل لدستور 2005، ما لم يمكن الأخذ به كليا، ولو من حيث المضمون. مع هذا يبقى سن دستور وفق هذه الرؤية هدفا وتطلعا مستقبليا.

هل يمكن يا ترى دراسة هذا الحل، ليس كحل وحيد، وإنما كواحد من أهم سبل الخروج من حالة الاستعصاء للأزمة السياسة في العراق؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب