22 ديسمبر، 2024 8:56 م

حلُّ الحشد .. قاب قوسين أو أدنى

حلُّ الحشد .. قاب قوسين أو أدنى

الحس والتجربة أداتان من أدوات المعرفة والتي ينبغي على العقل أن يستعملهما للوصول إلى الكثير من الحقائق والكشف عن أسرار الوجود واثبات بعض القضايا، فهما يقدمان المعطيات والمواد الخارجية التي يستعملها العقل في مرحلة الاستنتاج وهي المرحلة العقلية حيث يدرس العقل العلاقة بين تلك المعطيات والمواد للخروج بتفسير مقبول وفقا لما يمتلكه من قوانين كلية فالمنهج الحسي أو التجريبي أو الحس والتجربة وفقا لهذا التفسير يعتبر من مصادر المعرفة وهو من ابسط الأدلة وأيسر الطرق وقد استخدمها القرآن الكريم في إثبات وجود الخالق والكثير من القضايا.
من هنا ننطلق لتفسير ظاهرة ملموسة ومحسوسة عند الجميع تميزت بها مرجعية السيستاني وسوف نعتمد المنهج الحسي حتى نفوت الفرصة على المرجعية وأولئك المتعكزون عليها الذين إلى الآن لم ينفكوا عن تجميل وتزويق مواقفها التي لم تجلب للعراق إلا الخراب والدمار، هي ظاهرة التلون والتقلب والتنصل التي تميزت بها مرجعية السيستاني ونكرر معتمدين في ذلك على المنهج الحسي الذي يدركه الجميع،
الكل عاش تجربة موقف المرجعية من النظام السابق التي تمثلت بالصمت والسكوت والركون والإمضاء وأنها أصدرت فتوى تؤيد فيها النظام السابق وتدعوا لمقاومة العدوان الأمريكي، ولما انقلبت الأمور ومالت الكفة لصالح أمريكا باركت الاحتلال وشرعنته وما رشح عنه من قبح وظلم وحرمت مقاومته، ودعمت ودافعت عن الحكومات التي تسلطت على العراق وشعبه ببركة فتاواها التي ألزمت الناس بانتخابها، وبعد أن وقع العراق ما يسمى بالاتفاقية الأمنية والانسحاب المزعوم ودخل في مرحلة الاحتلال الإيراني الأكبر والأخطر وقفت بكل ما تملك معه وأطلقت فتوى الجهاد الكفائي التي تأسس على خلفيتها الحشد الطائفي وراح الإعلام الداخلي والخارجي يطبل ويروج لهذه الفتوى التي يعتبرها السيستاني من وحي السماء أو وحي الإمام علي (وحاشاهما) كما نقل عنه ذلك وكلائه، وعلى هذا المنوال سارت الأمور وسُيِّرت، ثم انقلبت وصارت اليوم تحكي عن الفساد والمفسدين متجاهلة عن عمد أنها هي من سلطتهم بفتاوها ،
ولما اثبت الحس التجربة أن فتوى التحشيد تسببت بنتائج كارثية، ومن أخطرها هو تحول مليشيا الحشد الطائفي إلى سلطة حاكمة وباطشة، وأداة طيعة بيد إيران، فالحشد الطائفي فوق الجميع ناهيك عن الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها وسيرتكبها بحق العراقيين وخصوصا الرافضين للمشروع الإيراني، وكان لأهلنا السنة ومقلدي المرجع الصرخي النصيب الأكبر من بطش مليشيا حشد السيستاني الأمر الذي ولَّد تذمرا ونفورا ورفضا لهذه المليشيا فتعالت الأصوات الشعبية والمحلية والدولية ضد ممارسات الحشد وضرورة محاسبته ومحاكمته دوليا واليوم صرنا نسمع عن ضرورة حلَّه حتى أن أمريكا لوحت بأكثر من مرة إلى موقفها الرافض للحشد بل اتخذت خطوات عملية تجلت بمنعه من المشاركة في تحرير بعض المناطق، كما هو الحال في الرمادي، يضاف إلى ذلك الموقف العربي والإسلامي الرافض لجرائم الحشد الشعبي، ومع التغيير الحاصل في موازين القوى الذي بدا واضحا للعيان وبروز السعودية والتحالف العربي الإسلامي كقوة بوجه التمدد الإيراني، يقابله الانحسار والضعف والانكسار الذي بدا واضحا على إيران، فكل هذه المعطيات سيدفع بالمرجعية المتقلبة إلى مراجعة مواقفها وحساباتها لتكون مع الكفة الأقوى كما عهدنا وجربناها،
فلابد لها من التنصل من مواقفها وأولها التنصل من فتوى الجهاد الكفائي وحشدها الطائفي وقد لاحت بوادر هذا التنصل من خلال خطابات المرجعية في الآونة الأخيرة حتى أنها لم تدين ولم تستنكر القصف الذي تعرضت له مليشيا الحشد الشعبي على يد الأمريكان، كما أنها باتت تقلل من استخدام مصطلح الحشد الشعبي في خطاباتها بل تكتفي بالقول بمفردة المتطوعين وهي مفردة مطاطية تشمل أكثر من جهة وغيرها من المعطيات التي تشير إلى أن حل الحشد .. قاب قوسين أو أدنى.
فالفتوى والحشد وكما أسلفنا باتت المشكلة التي أربكت حتى مرجعية السيستاني التي لا تفكر إلا في مصالحها والحفاظ على موقعها، ففتوى الجهاد والحشد سقطت ورقتهما، والتنصل عنها بات ضرورة ملحة عند المرجعية الإنتهازية،
منهج التقلب والتلون والتنصل التي اعتادت عليه المرجعية ومن سار في ركبها كان قد أشار إليه المرجع الصرخي في أكثر من مناسبة ومنها ما قاله قبل أكثر من سنتين:
(( في ذلك المعتقل كان يُحتَج علينا بقصاصات جرائد وقصاصات استفتاءات صدرت من مكاتب رموز دينية ومرجعيات، هذا أفتى لصالح الدولة، افتى لصالح صدام، لصالح نظام صدام وضد الاحتلال…….فعندما كان يُحتج علينا بهذه الاستفتاءات، قلنا لهم الآن ما دام العدو بعيدا، مادام المحتل بعيدا، تصدر هذه الفتاوى وهذه المواقف، لكن عندما يقترب و تكون الكفة له والنهاية تكون قريبة للنظام، سيكون المحتل ولياً وحميماً وصديقاً وأنيساً ومخلصاً، وحصل ما حصل….الآن الأحداث تتسارع في المنطقة، الأمور تتسارع، الفتن تقترب، الخطر بدأ يداهم، الكفة بدأت تميل للجانب الأخر، الآن سنسمع دعوات و صيحات الوحدة، أهل البلد، والوطنية، (كنا نكفر لأننا ندعي بالوطنية والوطني، والمرجع الوطني والعراقي)، فكلهم سيكونون من العراقيين!!، كلهم سيكونون من المرجعية العربية!!، كلهم سيكونون من الوطنية!!…….وسأقول لكم أكثر من هذا كما قلت لأولئك السجانة والمعتقِلين، قلت لهم: انتم أول من سيُصب عليه سيف الفتوى ممن وقف مع الاحتلال…أيضا الآن ستسمعون ، الآن نحن يحكي علينا بأننا ضد المذهب، وضد إيران وضد الحكومة الإسلامية، لكني أيضا أخاطب الحكومة الإسلامية، بان الفتاوى التي قطعت رأس صدام اقتربت بأنها ستُسخر وتُسير في قطع رقاب من يتصدي أو لمحاولة قطع رقاب من يتصدي في إيران، ستجدون بأن هذه الرموز وهذه الأشخاص، وهؤلاء المنتفعين، سيكونون هم المحررين!!، وهم من سيكونون مَن وقف ضد المد الصفوي في العراق!!، هم مَن يقولون وقفنا صد الاستعمار الإيراني!!، كم هما سابقا وقفوا مع صدام ضد الأمريكان، ووقفوا مع الأمريكان ضد الصداميين والبعثيين، والآن سيقفون مع الأمريكان ضد الإيرانيين ومجريات الأمور والأحداث ستكشف لكم هذا …..)).