ان معظم العشائر العراقية تنقسم فيما بينها الى طوائف ومذاهب وربما حتى الى ديانات( كما اثبت ذلك الشيخ الكرباسي مؤلف الموسوعة الحسينية)، فقد اثبت الشيخ الكرباسي من خلال موسوعته في قسم الأنساب الحسينية، وكشف عن وجود هناك عوائل من المسيحين ومن بعض اليهود بعود الى قبيلة الإشراف، وقد قام بالتحقيق في نسبهم فوجد انهم ينتمون الى بني هاشم، اي انهم سادة من نسل الرسول الكريم محمد( صلى الله عليه وآله).
فتخيل رجل يهودي او مسيحي يعود بنسبه الى الحبيب المصطفى، كيف تم ذلك؟
نحن لسنا في مورد البحث بتلك الموضوعات، ولكننا في صدد بحث موضوع الأزمة التي يعيشها ابناء العراق بشكل خاص والازمة التي تعيشها الامة بشكل عام.
وبتصوري ان المشاكل والحروب الطاحنة بين ابناء البلد الواحد يمكن إذابتها من خلال التركيز والاشارة الى العناصر المشتركة التي تجمع ابناء البلد الواحد لاسيما في وقت الأزمات ونشوب الحرب بين المتصارعين لأسباب ودوافع مختلفة.
وكما هو معلوم لدى القاصي والداني ان معظم العشائر العراقية بطبيعتها منقسمة الى طائفتين، هما الطائفة السنية، والطائفة الشيعية، وان العشيرة الواحدة نفسها تندرج ضمن ذلك التقسيم، فكما اننا نجد في العائلة الواحدة وفي البيت الواحد من ينتمي بعض أفراد عائلته الى اتجاهات سياسية مختلفة، فكذلك الحال بالنسبة الى العشائر، فإن ابناءها ينقسمون في توجهاتهم اما بالفكر واما بالسياسية واما بالعقيدة، وان اهم قضية أودّ طرحها هنا هو موضوع المسألة المذهبية والعقدية وأقول :
ان العشيرة او القبيلة العراقية فيها من هو سني وفيها من هو شيعي، فالقبيلة الواحدة تنقسم بأفخاذها الى تلك المذاهب، وعلى سبيل المثال، قبيلة العبيد، تنقسم الى عشائر وأفخاذ منها سنية ومنها شيعية، وكذلك الحال بالنسبة الى قبيلة شمر، فنجدها هي الاخرى خاضعة لنفس ذلك الاختلاف، وكذلك الحال بالنسبة الى الزبيد والجبور والدليم وغيرها من القبائل، فهي تنقسم الى تلك المذاهب، وإذا بحثنا عن العشائر الهاشمية والتي تنتهي بنسبها الى الحبيب المصطفى(ص)، فإننا ايضاً نجدها منقسمة هي الاخرى الى سادة شيعة وسادة سنة، فهذا هاشمي يعيش في مناطق شيعية وعقيدته التشيع، والآخر هاشمي ايضاً ولكنه يعيش في مناطق سنية وعقيدته التسنن، على الرغم من انتسابهم الى جد واحد وتاريخ واحد.
ان ذلك الانقسام وذلك الاختلاف والذي تحول الى صراع دموي بين ابناء الشعب الواحد والذي تقوم بتغذيته أيادي أثيمة، ونوايا خبيثة مصدرها نفط السعودية وفتاواها الجائرة وخبث دول الخليج الآثمة وبعض دول الجوار ومن وراءهم الصهاينة المجرمين.
ان حل هذه الأزمة لابد ان يكون بأيدي العشائر المنقسمة مذهبياً، وذلك من خلال إقامة الزيارات المتبادلة بين ابناء العشيرة او القبيلة الواحدة، سُنة القبيلة الواحدة يقومون يزيارات وتواصل مستمر مع ابناء نفس القبيلة مع شيعة تلك القبيلة او العشيرة ، وتكون الزيارات بمناطقهم الشيعية، وبالعكس، فشيعة القبيلة ايضاً يقومون بزيارات متكررة لسنة القبيلة في مناطقهم السُنية، وهكذا فإن ذلك الإجراء سيتم من خلاله عملية الإصلاح او بداية العملية الإصلاحية، ومن خلالها ستؤدي الى إذابة الخلافات المؤدية الى الاقتتال بين ابناء القبيلة او العشيرة الواحدة.
الزيارات المتكررة بين ابناء العشائر والقبائل العراقية سيكون هو الحل في إذابة الاحقاد الموحدة التي خلقها بعض السياسيين ( لعنهم الله)، فأصبحت القضية، قضية طائفية وان الصراع هو مذهبي في باطنه، ولكنه في ظاهره يحمل عناوين مختلفة، فأصبح الأعداء يصولون ويجولون في بلدنا، في الوقت الذي قام العدو به ان أشعل بين ابناء بلدنا بحرب لا طائلة فيها، ولا مصلحة فيها لأحد، ولا تبقي ولا تذر سوى الويلات والآهات لعموم ابناء البلد الواحد.
والنتيجة التي أودّ ان اصل اليها من خلال ما تقدم هي:
١- تواصل العشائر العراقية فيما بينها سيؤدي الى نشوء بذرة طيبة تبنى على أساس الثقة المتبادلة وإعادة بناء أمل في نفوس ابناء البلد الواحد من خلال ربطهم بالرحم.
٢- إذابة الجليد المتمثل بالاختلافات الذي خلقته السياسات الآثمة بين ابناء البلد الواحد، من خلال زرعهم الفتن بينهم بواسطة إظهار الخلاف العقائدي، وجعلهم اعدادءاً لبعض، وإذابة الاحقاد لا تتم إلا عن طريق التواصل المستمر والمتكرر بين ابناء القبيلة الواحدة .
٣- تواصل شيوخ أفخاذ القبيلة الواحدة والمختلفة عقائدياً فيما بينهم، يؤدي الى الزيادة في إذابة شدة العداء الحاصل بين ابناء القبائل المختلفة في عقيدتها.
٤- اشراك العشائر السنية والشيعية التي تنتمي الى قبيلة واحدة، وإخضاعها في الفصول والمجالس العشائرية التي تنعقد في المناطق المختلفة. فالفصل العشائري الذي يحدث في مناطق سنية، ينبغي ان يحضر ممثلون عن نفس القبيلة من المناطق الشيعية والعكس ينبغي ان يكون بنفس المستوى.
٥- الزواج المتبادل بين ابناء القبيلة الواحدة ذات الاختلاف العقائدي ، له الدور الكبير في نزع الخلافات الحاصلة بين ابناء البلد الواحد ، وما له من تأثير الواقع العملي في عملية الإصلاح.
وربما تكون هناك نقاط اخرى كثيرة، ولكننا اكتفينا بهذا القدر خشية الاطالة والملل .