18 ديسمبر، 2024 4:48 م

حلب رمز الصمود والانتصار

حلب رمز الصمود والانتصار

لا اعتقد بان معركة ما من معارك الحرب على الإرهاب في جميع بلدان الشرق الأوسط يمكن ان توازي معركة حلب التي استمرت عدة سنوات وفاقت نتائجها كل التوقعات من حيث الاثار والنتائج التي خلفتها ، واذا حاولنا بعد كل ما جرى هناك انت نحصي شيئا من نتائج تلك المعركة فسنرى بأنها تتمثل في العديد من الأشياء منها تدمير معظم البنى التحتية للمدينة نتيجة العمليات العسكرية وما كان يقوم به الإرهابيين في الأحياء التي يسيطرون عليها والتي نتج عنها مقتل الآلاف من الطرفين وكذلك من المدنيين ، ومما يدعوا للعجب هو عدم سقوط المدينة بيد الإرهابيين رغم شراسة الحملة والدعم الكبير الذي قدمه الأعداء للإرهابيين وقرب المدينة من تركيا جغرافيا مع ما عرفت به تلك الدولة من دعم غير محدود للجماعات المسلحة .
واذا ما فتشنا عن أسباب صمود هذه المدينة وعدم سقوطها رغم كل ما ذكرناه آنفا فإننا سنقول بان احد اهم أسباب ذلك هو قوة مركز القرار السياسي السوري واستقلاله ووعيه ، وكذلك تماسك الجيش العربي السوري وقوته رغم انهاكه في معارك كثيرة لكنه طل صامدا بوجه المد الإرهابي ومما عزز من قوته هو انفتاحه على حلفاءه وتعاونه المستمر معهم هذا من الناحية العسكرية أما من الناحية الاجتماعية فقد كان للتنوع الطائفي والعرقي اثر كبير ومهم في عدم السماح بسقوط هذه المدينة بيد الجماعات الإرهابية ، ففي الوقت الذي قد حققت فيه بعض الدعايات والحملات المكثفة التي شنتها الدول المعادية نجاحا في غسل أدمغة عدد كبير من أبناء طوائف معينة لتحريضهم على العنف فإن أبناء الطوائف الاخرى داخل هذه المدينة لم يتأثروا بها بل العكس هو الصحيح لانها موجهة ضدهم ، ويكفي ان نجري مقارنة بسيطة بين ما جرى هناك مع ما جرى في بعض مدن غرب العراق التي لا تضم الا أناسا من طائفة واحدة وكيف ان تلك المدن سقطت خلال ساعات رغم كبر وأهمية بعضها ومع ما فيها من مراكز أمنية وغيرها ، وهذا ما يؤكد الحقيقة التي تقول بأنه لا يمكن ان تسقط مدينة بيد الجماعات الإرهابية ما لم تكن هذه الجماعات مرحب بها مسبقا من قبل معظم سكان تلك المدينة ولديها حواضن فيها ، وفضلا عن كل ما ذكرنا فإنه قد كان لصمود أهالي حلب وتلاحمهم والتضحيات الجسيمة التي قدموها دور جوهري في تحقيق هذه النتائج .
نعم لقد أسهبنا في الحديث عن أسباب صمود هذه المدينة العظيمة بوجه الجماعات الإرهابية والمجرمة رغم عنف الهجمة التي شنها الأعداء ولا نريد هنا ان نستبق الأحداث ونتحدث عن نتائج هذه المعركة على أوضاع المنطقة كلها ولكننا سنحاول ان نسأل أنفسنا سؤالا وهو : هل قرأنا جيدا الدروس والعبر التي قدمتها لنا مدينة حلب العظيمة في هذه الملحمة الكبرى ؟ .