7 أبريل، 2024 2:24 ص
Search
Close this search box.

حلاوة ليل محروقة حرق روحي

Facebook
Twitter
LinkedIn

وهذه ليلة جديدة من ليالٍ ألف . فكرة ترتطم بفكرة ، فتنطشُّ الحروف ، على حوائط القحف ، ويضيع النصّ ، والخيط والعصفور . تلك واحدة من أقسى مِحَن الكتابة ، ومع كثير من الصبر والتصبّر ، سيكون باب السطر الأول ، متاحاً وملوحاً اليك بإمتنان . السماء صافية الليلة ، والبيوتات المتراكبة فوق سفح الجبل ، تتوامض نوافذها ووجوهها ، بأهلّة رمضان ، ونجماته الملونات . طاخ طاخ طاخ . هذا صوت تعثّر فكرة بفكرة . تاه الهدف ، وانحرفت بوصلة الكتابة . سأذهب مذهباً آخر . فكرة عظمى مثقّبة ، أقوم بريافة وترتيق فتوقها ، مثل رسّام ، يسوط مفازات اللوحة ، بأوشال الفرشاة . مقترح جميل ، لكنه بدا كما فخّ مخلوق لقنص الولد الغفل ، وتسريح الحروف بالقنافذ . ألقنافذ ، كائنات مسالمة ، تدفع الشرّ عنها ، بساتر الشوك . حياتي طفرت سياج الخمسين بسنة ، لكنني لم أتلقَّ حتى اللحظة ، طعنة قنفذ ، لذا بقيتُ على وئام مع الأشواك . من أخير السطر الفائت ، أحببتُ صاحبي عبد الحليم حافظ في تجويدته الطيبة  ” مشيت على الأشواك ” ومحمد عبد الوهاب في ” علشان الشوك اللي في الورد ، بحب الورد ” ثمة انحراف في زاوية الرؤية الآن . ركبتْ رأسي رغبة ملحاحة ، لأن أعتذر وأقول ، إنَّ الكتابة ليست ضحكاً على الناس . من العيب أن تذهب بالقارىء صوب شط الفرات ، وتعيده ميتاً من العطش . ألكتابة مسئولية . ألكاتب ينبغي أن يذوب في نصّه . ألنص ضمير أبيض ، ينفع الناس . لا انفصام بين منتج النص ، وبين النصّ . ألنص بوصلة الكاتب ، وعكازة الفقراء والمقهورين . جمل باهتة ومتربة وماصخة . ورطة أخلاقية سخيفة . أعرف شاعراً ، يكتب عن أعطار الجوري والياسمين والقرنفل ، لكنه يجلي أسنانه بالفرشاة ، كلّ سبع سنوات . آخر يكتب ويحرث في جنس القصة والرواية ، تنطنطَ بين جيف بساطيل الغزاة ، فأنتج سلة خيانات . مثله مثل رجل دين ، يحضّ الرعية على الصلاة ، وينام فوق سرير ، أرجله قائمة على أربع حرامية . عالم لا يستحي ، ودنيا خربانة . فاصل قصير وأعود . ها أنا عدتُ . من الجوار ، ثمة صوت يتجوّد ويتجوهر . غريفة صغيرة ، يسكنها عراقيٌ وحيد . ألصوت في مفتتحه . أغنية سبعينية مذهلة ، تتقلّى فوق طاوة ياس خضر . فررت هاتفي صوب خمسة مراجع ، فأفتوا بأنّ شاعرها هو الفحل عبد الحسين أبو شبع . ألمراجع – حالهم من حالي – لم يحزروا اسم ملحنها ، لكنّ واحداً منهم زاد أنها من التراث النجفي . مرة سمعتها حلوة مجددة بصوت الملحن البديع جعفر الخفاف . ربما كان بعبّه النبأ اليقين . من غرفة الجوار الموحشة ، قتلتني هذه القطعة من الأغنية :
 أگـضي النهــار ابنـار تسـري ابدليلـي
وافرش جمـر فرگـاك مِن يِجــنْ ليلـي
ومعـاول الحسـبات تهـدمِ ابحيـلــــــي
حيـلي هدمتهْ ، ونومي هـجرتهْ
ولو حَسبهْ عنّي اتروح ، عشـره تجينـي …
هذا تمام النصّ . تلك هي نقطة المنتهى . جلدة قوية . كونوا بخير . فيمالله .
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب