26 نوفمبر، 2024 1:37 م
Search
Close this search box.

حلاقة كربلاء تنتصر على الوطن

حلاقة كربلاء تنتصر على الوطن

حينما ينظر المرء محللا لما جرى ويجري بالعراق وليس متفرجا لأن الجرح لا يؤلم إلا صاحبه ، وقد نكون نحن العراقيون أكثر الشعوب التي تحملت جراح وألام وإخفاقات ، وأكثرها تعرضا للمؤامرات والخبائث ، فيسأل سائل لما فرحكم قليل لا يتناسب مع مظاهر الحزن التي تمتلك الصورة الأعم وكأنكم تحبون الحزن والبكاء أكثر ما تحبون الفرح والابتسامة أو الضحك ، ويتندر غيره علينا ، حينما يسأل مستغربا أن الغناء عرف عنه منذ الأزل هو للأعراب عن المسرات والفرح ، ولكن العراقيون حتى غنائهم فيه نبرات الحزن ، وإن العديد من الأغاني العراقية حينما نستمع أليها ، نجد إن الكثير من الناس تحاول إخفاء دموعها خجلا من المحيطين .

لعل السائلين عن ذلك لا يستوعبون وضعنا الذي قد نكون عبر الأجيال كشعب ، نكون سببا مباشرا ورئيسيا قد ساعد في صناعة ما يسألون عنه ، ولأننا نعيش في زمن آخر يسمى زمن ( الديمقراطية الأمريكية المستوردة ) علينا أن نؤشر على بعض الطرائف التي قد تبرر عما نحن فيه .

قبل احتلال العراق كان السيد حسين ( أبو رحاب ) صهر المالكي وأمين سره وزوج أبنته أسراء مستأجر كرسي في محل حلاقة أسمها ( حلاقة كربلاء ) في شارع الفاروق بالسيدة زينب بدمشق فيما كان عمه نوري المالكي الذي كان يسمي نفسه آنذاك ( جواد المالكي ) قد ترك محل بيع المسابح شرق مقام السيدة زينب وأنتقل إلى منطقة جرمانه ليعمل مع شخص سوري في محل دلالية عقار واستجار الشقق وتنظيفها وما شابه ، ولو كنا نعلم بما سيحل بنا كعراقيون على أيدي هؤلاء لكنا قد فعلنا شيء يمنع حدوث الكوارث ، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى وهذا البلاء ذكرني بأقصوصة نافعة ، حيث يحكى أن ابنة هولاكو زعيم التتار كانت تطوف في بغداد بعد احتلالها على يد أبيها فرأت جمعا من الناس يلتفون حول رجل منهم ، فسألت عنه فإذا هو عالم من علماء المسلمين ، فأمرت بإحضاره فلما مثل بين يديها سألته :

ألستم المؤمنين بالله ؟

قال : بلى .

قالت : ألا تزعمون إن الله يؤيد بنصره من يشاء ؟

قال : بلى .

قالت : ألم ينصرنا الله عليكم ؟

قال : بلى .

قالت : أفلا يعني ذلك أننا أحب إلى الله منكم ؟

قال : لا .

قالت : لم ؟

قال : ألا تعرفين راعي الغنم ؟

قالت بلى .

قال : ألا يكون مع قطيعه بعض الكلاب ؟

قالت : بلى .

قال : ماذا يفعل الراعي إذا شردت بعض أغنامه ، وخرجت عن سلطانه ؟

قالت : يرسل عليها كلابه لتعيدها إلى سلطانه .

قال : كم تستمر في مطاردة الخراف ؟

قالت : ما دامت شاردة .

قال : فأنتم أيها التتار كلاب الله في أرضه وطالما بقينا شاردين عن منهج الله وطاعته ، فستبقون ورائنا حتى نعود أليه جل وعلا .

وما زلنا شاردين وكلاب الأرض تطاردنا حتى نعود إلى الله وإلى وطنيتنا العراقية الأصيلة ، التي كنا لا نعرفها وقتها بوجود طوائف وأديان مختلفة تعيش بجوارنا وتأكل من مطابخنا ونأكل بين عوائلهم الكريمة ، كنا نسمع الأذان ، ولم نكن ننتبه لمفردات قول المؤذن ، لأننا كنا نثق بقوله ودعوته للصلاة ونثق بنواياه التي جعلته يجهر بصوته لدعوتنا للصلاة لا أكثر لأنه يؤذن للجميع ، وحينما كانت منطقة ( رأس ألحواش ) بالأعظمية في مناسبة عاشوراء ذكرى إسشتهاد أبي الأحرار توزع الأطعمة بحب الحسين ، كنا

نقرأ بكتب المدرسة في قرى سوق الشيوخ وأحياء البصرة ، عن بطولات صحابة رسول الله ( ص ) وهم يفتحون الأمصار وينشرون دين الله ، ولكن لم يكن يدرك أي أحد أن تكون حلاقة كربلاء هي من أنتجت لنا طاغية أسس للطائفية وصنع الأعداء للعراق من كل حدب وصوب ، وسرق المال والحلال ، وأصبح الدم العراقي مباح بلا حدود ، وإذا افترضنا جدلا أنه يمثل حزب الدعوة في شيء ، فأن أفعاله وممارساته وأفعال أصهاره وأبنه وبعض الزمرة القريبة منه ، قد ألحقت العار والشنار بحزب الدعوة ومبادئه ، وضيعت دماء منتسبيه ، حينما قدم للعالم أسوء صورة لزعيم سياسي عبر التأريخ ولكننا سنظل شاردين مستسلمين ، نتفرج على ضياع أرض العراق وثرواته وأبنائه ، حيث القتلة واللصوص ومن ساهم بتدمير العراق لا يزال طليقا ، بل ويمتلك المناصب والجاه والسلطة من دون رقيب أو حسيب ، لقد انتصرت حلاقة كربلاء على الوطن !!

أحدث المقالات