23 ديسمبر، 2024 2:27 م

حكومتنا…

حكومتنا…

المتغيرات العالمية على مستوى الاحزاب والعقائد والكتل السياسية، ونمو مؤسسات الحكم وافساح الطريق امام المعارضة… علامات تكشف بشكل بليغ تخلف نظام الحكم عندنا في العراق الذي يتضح من قراءة توجيهاته انه ليس لديه نظرية للحوار مع القوى السياسية الاخرى ولا لتطوير اداة الحكم ولا توسيع نطاق المشاركة السياسية.
ان السلطة القائمة الآن في العراق لا تريد فتح باب التغيير لانها ببساطة لا تعرف كيف تتحاور مع المستجدات الجديدة التي تفرزها تطورات القوى الاجتماعية والسياسية في محيطها الاقليمي.
ان هناك فئات اجتماعية عريضة حصلت على قسط من التعليم والمعرفة، وقد تطورت هذه القوى واصبحت تضغط وتطالب بالاصلاح السياسي وافساح الساحة لافكار جديدة تريد الاستجابة لرياح التغيير والتطوير وتطبيق مناهج التحديث والتخفيف من قبضة الحكم البوليسية الرافضة للتغيير.
وهذه الفئات الطموحة الآن لا تجد الاستجابة من السلطة الحاكمة القائمة ومن مؤسساتها ولا تلقى سوى التنديد والضرب والمطاردة والقمع الداخلي في السجون والمعتقلات. لذلك ليس من الغريب ان يكون سجل الحكومة العراقية تجاه حقوق الانسان وضماناته اسود غير نظيف، ولا يوجد فيه نقطة ضوء واحدة. وهذا راجع الى ان السلطة لا تتحاور سياسياً وانما كل ما تمارسه في الجدل مع المتغيرات الجديدة هو القمع والمطاردة.
وهذه الحالة من الاحباط السياسي هي المسؤولة عن ظهور جماعات التكفير الدينية والاجتماعية والسياسية . فقمع الحكومة القائمة لاتجاهات الاستنارة وقوى التحديث وقيادات التقدم  ، افرزت الجماعات المناهضة التي تواجه او ستضطر الى مواجهة الحكومة باسلوبها نفسه وهو اطلاق الرصاص في الشوارع ومواجهة رجال الحكم والقانون بالقوة المسلحة وبالصدام المباشر معها.
ولأن حكومتنا القائمة ومؤسساتها الامنية ليس لديها خطة للحوار مع القوى التحديثية فانها تعمل  بدأب واصرار على ازاحة انصار التقدم الى هامش النسيان. بينما تدفع الى مواجهة السلطة الرموز المتخلفة التي لا تعرف سوى تدبير الصفقات التجارية والحصول على العمولات والسمسرة.
ولعل افضل الامثلة لذلك ما يحدث الآن في اغلب مؤسساتنا الحكومية حتى تلك القريبة من مصدر صنع القرار. فبدلاً ان تستعين حكومتنا بالمستنيرين والتقنيين، تدخل مع هذه القوى في عداء صارخ وحتى احيانا يصل الى الدموية بشكل غير مباشر متمثلاً في توكيل تصفيتهم الى ميليشياتها وسفلة الشوارع… وحكومتنا تتبجح في صفاقة شديدة وتتحدث عن دولة القانون و العلم والايمان والوحدة الوطنية ولا نجد في اغلب مفاصلها اي  قانون او علم ولا اية درجة من الايمان.
وبسبب هذا التخلف بدأت بعض القوى المجتمعية المحرومة بحمل السلاح ــــــ انتظار الاسواء ــــــــ فبعد فشل الحوار السياسي، حوار المصالحة، حوار الطرشان، ولا سيما  مع القوى المستنيرة والمتقدمة المستقلة فانه لا بد ان يظهر رمز من رموز الوطنية العراقية يعبر وجوده عن ازمة الحوار السياسي ولا يعكس اية صحوة او اسناد كما يدعي بعض ظرفاء النكتة السياسية.
[email protected]