23 ديسمبر، 2024 10:10 ص

حكومة وبلد ومتظاهرين

حكومة وبلد ومتظاهرين

تقول الحكومة العراقية ان البلاد تمر في وقت عصيب وان المناخ ليس ملائما للدعوة الى تظاهرات تطالب بالغاء اوتصحيح الرواتب التقاعدية لاعضاء البرلمان والدرجات الخاصة في الحكومة .
لم يعد خافيا ان هذه الدعوة “دعوة الغاء رواتب البرلمانيين ” التي تبنتها منظمات مجتمعية وافراد مستقلون تحظى باجماع شعبي ، وان مطالبها تترفع عن قضايا فئوية او سياسية او طائفية ، هي بلا ادنى شك دعوة لتظاهرات شعب ضاق ذرعا بمسؤولين يتبارون على هدر الاموال العامة .
وعلى الرغم ان بعض القوى السياسة ارادت ان تغازل الشارع في مطالب ليس بوسع احد ان يجادل في احقيتها ، لكن تلك المحاولات لم تكن جادة بما فيه الكفاية الامر الذي دفع منظموا حملة المطالبة تعديل الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وذوي الدرجات الخاصة في العراق الى رفض تلك المواقف وتعرية بعضها .
من المهم الادراك جيدا ان العراق يخوض اليوم مرحلة عسيرة في نضاله ضد قوى الارهاب وهذا النضال هو اعلى واهم مطالب الشعب ، بيد ان الحكومة او اية جهة اخرى لاينبغي ان تقول للشعب اسكت الان ريثما تنتهي الازمة ، هذا ليس كافيا لشعب يعاني ،المطلوب ان تشرع القوى السياسية بخطوات عاجلة للبدء باعداد تشريع جديد يعالج قضية رواتب البرلمانين ، متناسب مع دخول العراقيين ومتطلبات البرلماني لاداء دوره في المجتمع .
لم ينتخب العراقيون اشخاصا لكي يثروا على حساب شعب وباصواتهم ، لقد اختيروا كممثلين لارادتهم ، لكنهم اليوم امام صمتهم الرهيب ازاء مطلب شعبي انما هم يضعون انفسهم في زواية هي بالضد من مطالب المواطن الذي انتخبهم ، ويؤكدون  تمردهم  ونكرانهم  العجيب لشعب يطالبهم بالكف عن تبذير الاموال العامة لكي لا تكون من حصة مجموعة فيما يعاني الملايين العوز والفاقة هذه معادلة ظالمة رفضها الشعب ويرفضها المنطق والتفكير السوي وكان الاولى بالبرلمانيين الانحناء امام مطلب العراق كله لا المراوغة والتمرد عليه .
اذا لم يبادر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي بمشروع عاجل لحل قضية رواتب البرلمانين وذوي الدرجات الدرجات الخاصة  ، فعلى رؤساء الكتل التقدم بمقل هذا المشروع وان لم يفعلوا فعلى الحكومة ان تتقدم بمثل هذا المشروع وفي جلسة تنعقد على وجه السرعة لتضع النقاط على الحروف ، عند ذلك يكون مطلب الحكومة واقعيا ويحظى بدعم المواطن ، غير ذلك ليس من صالح الحكومة التضييق على التظاهرات لانها ستضع نفسها كخصم للمتظاهرين وهي ليست كذلك.

 لايمكن الجزم ان التظاهرات ستسير وفقا لما خطط لها منسقوها فالازمة التي يمر بها الوطن والصراع السياسي الذي ترتفع وتيرته باقتراب الانتخابات والقوى المعادية هي الخلطة التي نتوقع ان نشاهدها على مسرح التظاهرات .
ناهيك عن اعلام اختبر مرارا فتجاوز بخطابه كل الخطوط الحمراء التي تضع مصلحة البلاد وامنها في الاعتبار الاول ، ليمارس ادوارا تخرج حتى عن قيم واخلافيات المهنة ، ولهذا فان استغلال الغضب الشعبي ازاء عدم التعاطي الجدي مع مطالبه سيولدا مناخا يسمح لحراك اصحاب الاجندات المعادية والمخربة للتحرك تحت غطاء تظاهرات ذات مطالب عادلة .
مايعني ان الحكومة باتت هي الجهة المؤهلة لحل هذه المعضلة عبر الاسراع بأتخاذ اجراءات عاجلة للبدء بخطوات تؤدي الى التعجيل بتشريع قانون تصحيح الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وذوي الدرجات الخاصة ، عندها ستكون مطالبها بتأجيل الانتخابات واقعية وتضع الكرة في ملعب الاخرين .