23 ديسمبر، 2024 5:59 ص

حكومة لا تستحي وبرلمان لايخجل !

حكومة لا تستحي وبرلمان لايخجل !

( النازحون … مسؤوليتنا ) …….؟
في 31-08-2005 ، فجع الشعب العراقي بحادثة كانت غريبة وموجعة بكل تفاصيلها فقد راح ضحيتها أكثر من 1200 مواطن عراقي بريء ، تلك الجريمة هي حادثة جسر الأئمة الواقع بين الكاظمية والأعظمية ، وقتها كان السيد إبراهيم الجعفري رئيس حزب الدعوة الإسلامية رئيساً للوزراء ، الحادثة بجسامتها وتفاصيلها، جعلت الجعفري يتحمل مسؤولية أخلاقية وضميرية وكذلك قانونية أمام عوائل الضحايا وأيضا أمام الشعب العراقي، أولا نتيجة الإخفاق بتحديد المسؤولية عن الجريمة ومسبباتها، وثانيا بالوعود التي أطلقت وقتها بتعويض المتضررين ماديا (توزيع مبالغ مالية وتوزيع قطع أراضي ) ومعنويا ( إقامة تمثال ونصب للضحايا ) ولكن الأهم من كل ذلك كان الحدث الأكثر بشاعة وإيلاما حيث أثيرت أسئلة كثيرةً حوله، وهي عن الكيفية التي تم التصرف بمبالغ التبرعات التي جمعت باسم الضحايا، وهي مبالغ كبيرة قدمها الناس إلى لجنة وصندوق فتح لهذا الغرض وكانت بعض التبرعات والمساهمات قد جاءت من دولة الكويت والدولة الليبية ؟ .

نحن نستطيع أن نؤكد بأن اغلب عوائل الضحايا لازالت تعاني وتقاسي جور حكومة السيد الجعفري ، الذي استغل المناسبة إعلاميا لإشباع غروره ونرجسيته وشارك والمحيطين به في سلب الكثير من تلك الأموال ولفطوا ولغفوا المال والذهب ، وعد الجعفري حينها وبطانته أحد مؤسسي الفساد المالي، ولم تقف سرقة المال في عهده عند حد هذه الواقعة فهو معد طبخة منح أملاك وأراضي الدولة في محافظة النجف وكربلاء للمجلس الأعلى بأثمان بخسة ودون حساب ورقيب.

النظام البعثي الفاشي المقبور أثناء الحرب العراقية – الإيرانية ، جند الإعلام ومنظمات الحزب الفاشي لحملات تبرع مادية قسرية بحجة تمويل الجهد العسكري واستمرار الحرب ،وفي تلك الحملات أجبر الحزب العوائل العراقية وبالأخص النساء منها على تقديم مدخراتهم ومن بينها الحلي والمصوغات الذهبية ، في ذات الوقت كان النظام الفاشي المقبور مهووسا ببناء قصور رئاسية فارهة، وذهبت أموال المواطنين العراقيين هباء ولصالح عائلة الرئيس وحاشيته وكانت النتائج فقر مدقع وحاجة دائمة رافقها حصارً اقتصادي دولي دام أكثر من عشر سنوات .

اليوم وعلى وقع المأساة والكارثة الإنسانية التي ألمت بالمواطنين العراقيين من حملات تهجير وقتل على الهوية وعمليات نزوح لأكثر من مليونين مواطن عراقي من محافظات نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين والانبار وحزام بغداد ،فقد صدر الأمر الوزاري وبتوجيه من حكومة السيد نوري المالكي ( المنتهية ولايتها ) بتشكيل لجنة وزارية تتبع ( الامانة العامة لمجلس الوزراء ) مهمتها استلام مبالغ تبرعات من المواطنين بحجة مساعدة النازحين والمهجرين وتحت يافطة ( النازحون مسؤولياتنا ) غايتها استلام التبرعات بالدولار الأمريكي والدينار العراقي .

حقيقة ان فكر الخبيث صدام حسين كان ومازال يعشش ويعرش في رؤوس ساستنا وهم يتلذذون في تقمص شخصيته وتتبع أفكاره وسلوكه. فأمر جمع التبرعات شديد الغرابة وسوف يطرح بحجة أهمية أن يشعر المواطن العراقي بالمشاركة والمؤازرة في دفع الضرر عن أخوته. ولكن في البحث عن جوهر القضية نجدها في غاية الغرابة وعدم المستحة وقلة الذوق والأدب ومصدر استفزاز وقح لمشاعر المواطنين العراقيين جميعا وبالأخص من إصابتهم الكارثة بمقتل .

تباً لحكومة تتسول من مواطنيها وتنكأ جراحهم ، كل المبالغ التي ستجمع لا تساوي عشر مما حاز عليه المفتش السابق لوزارة الصحة السيد عادل عبد المحسن من عمليات فساد في صفقات الأدوية، وهي لا تشكل ومهما جمع من مبلغ خمسة بالمائة لما وفره مشروع ماء الرصافة للسيد عصام الاسدي ،ولن تكون معادلا لخيول أسامة النجيفي التي فاوض داعش لغرض استردادها.أو قيم سفرات وتنقلات واصطياف السيد اياد علاوي ولا حتى مبالغ فيلق حماية صالح المطلك.

نعم المبالغ التي سوف تجمع وسوف يأتي حتى الفقير العراقي ويقدمها بسخاء مقتطعا لقمة أطفاله لن تساوي شيئا أمام الملياردات من الدولار الأمريكي التي نهبها عضو حزب الدعوة وزير التجارة الهارب فلاح السوداني أو شريك أياد علاوي في الصفقات التجارية حازم الشعلان، والسيد ايهم السامرائي والسيد كريم وحيد . المبالغ التي سوف تجمع لا تساوي مبلغ بضع عربات مدرعة ودار سكن للسيد نمير العقابي ( صاحب واقعة المنطقة الخضراء الذي جندله البطل الهمام احمد المالكي ) ولن تقترب مهما قدم الناس من مبالغ لمشروع بناء المدارس التي سرقت أموالها دون حياء من قبل ثلاثة وزراء ومازالت جدران وسقوف الطين على حالها .

حقيقة أن تصرف السيد المالكي ووزراءه يخدش الحياء ويظهر مقدار استخفافهم بالعقل العراقي وبقيمة الإنسان . فالميزانية العراقية تتجاوز المائة وخمسون مليار دولار أمريكي وهو وفريقه الحكومي وحزبه وبعد أن ظهر عجزهم أمام البعث الفاشي وفلول داعش نجدهم لا يستطيعون إغاثة مواطنين عراقيين يفتك بهم الإرهاب الداعشي وفلول البعث، وبتنا نرى التسول الذليل للحكومة العراقية وعلى وقع الخطاب الإعلامي البائس لشبكة الإعلام العراقي وبكائيات رئيسها محمد عبد الجبار الشبوط ،تضع مانشيت لإعلان عن أرقام حساب على المواطن أن يتبرع بما تجود به يده.حكومة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها مسؤولة عن سرقات تخطت حدود الخيال ويتشارك جميع أعضاؤها في نهب خيرات الشعب دون حياء. ومثلها برلمان يفتتح جلسته الأولى بمنح أعضاءه كسوة عيد بخمسة وعشرين مليون دينار، إلا قرت عيون من أنتخبكم.

تكرمت الحكومة السعودية بمبلغ نصف مليارد دولار ( 500 ) مليون دولار ودولة الكويت بمبلغ ( 100 ) مليون دولار لإغاثة النازحين العراقيين ولكن لم يقدماها عن طريق الحكومة العراقية ( النزيهة ) وإنما عن طريق الأمم المتحدة ومنظماتها ذات العلاقة وحسناً فعلتا فالجميع يذكر كيف تقاسم المتحاصصون مبالغ القرض الياباني وأرصفة شوارع الديوانية خير دليل على البذخ الحكومي . فهل الحكومة العراقية تستحي ؟ اشك بذلك .

يوم الثلاثاء المصادف 05-08-2014 ، ويا للسخرية، قرر البرلمان العراقي بعد نقاش وتصريحات طنانة رنانة وشجب واستنكار، تشكيل لجنة للنازحين العراقيين وعضويتها لمن يرغب من البرلمانيين. وعلى وقع نستنكر ونندد ونشجب ونطالب ، كاد المشهد أن يتحول إلى موكب عزاء للطم والندب والبكاء ( عذرا سيدتي فيان دخيل أني لا أقصدك فدمعك كان ينزف دما ويحفر في قلوبنا ) ، في الوقت نفسه كان الرعاع المعتوهين من داعش والنقشبندية والفلول البعثية في الموصل ونواحيها قد أنجزوا وبـ ( اقتدار ) منقطع النظير عمليات السبي لنسائنا والذبح لرجالنا العراقيين ، والبرلمان العراقي يحاول باستعصاء تشكيل لجنة ويؤجل الجلسة إلى يومين آخرين، وعلى عجل تفرق الأعضاء دون أن يصرخ أحد منهم، ليقول دعونا نقعد ونضع حلولا لمصيبة العراق، علينا أن نكون جميعا حاضرون لأجل تشريع قوانين خاصة بالمهجرين والنازحين وكذلك الدفاع عن العراق الذي يذهب نحو الهاوية، لم يكن هناك أحد ما يقول للبعض عن البؤس الذي يمارسه البعض بالتشفي من هزيمة الأخر وكأننا عدنا إلى عصر داحس والغبراء وتناسينا مصيبتنا المشتركة.

وكان البرلمان في هذا أكثر بؤساً واستهتارا من الحكومة العراقية الحالية والتي سبقتها حكومات علاوي والجعفري ومافات من نظام فاشي ، مشاهد لساسة، تقترب وتتلازم وتتكاتف في ساحة واحدة، وهدفها ومسعاها ومبتغاها إذلال المواطن الفرد ، الإنسان العراقي ، وإخضاعه لشروط صعبة ، قاسية ، لعل اقلها استمرار دوامة العنف والإرهاب والاستهانة بدم البشر وحاجة العراق والعراقيين للأمن وتوفير مسلتزمات الحياة الطبيعية. .

انفض اجتماع البرلمان ولم تشكل لجنة لإغاثة النازحين والمهجرين والنساء السبايا ولم يتبرع ( النشامى ) ولو بجزء من راتب أو مخصصات الحماية والرفاهية أو كسوة العيد، كنت أرجو من النائب الأول السيد حيدر العبادي أن يخصص أو يحلل ولو جزء من تراكم الفائدة على مبلغ حصل عليه من شركة عراقنا أيام كان وزيرا للنقل ( 57 ) مليون دولار ، وكنت أتمنى من السيد بهاء الاعرجي أن يزكي ويخمس أمواله الطائلة وأرباح ممتلكاته لإغاثة من بكى لأجلهم في قاعة البرلمان ، وكان يمكن للسيد الجعفري أن يخضع شركاته في الإمارات العربية المختصة بتوريد الأدوات والمعدات الاحتياطية لوزارة النفط العراقية حصرا، للخمس أو الزكاة أو لوجه الله ودفع بلى عن عائلته.

نعم الجميع من برلمانين وبرلمانيات فضوا اجتماعهم ليواصلوا اللعبة خارج الساحة وداخل غرف مغلقة بعيدا عن وجع الرأس وتحمل المسؤولية، بعكس ( داعش ) وأصحابها من الإرهابيين الذين يلعبون على المكشوف وتحت حراسات تركية – أمريكية سورية وبنتائج باهرة من قتل وتشليح ونهب وسبي .

مشاهد بائسة كثيرة من الواقع العراقي تقبل المقارنة والنتيجة واحدة … استخفاف واستهتار بكل القيم الإنسانية والشرائع السماوية , استهانة بمعاناة الناس وتضحياتهم وحقهم بالأمن والاستقرار والعيش الكريم والحياة الحرة .

من يتحمل المسؤولية لما حدث ويحدث في نينوى خاصة ومدنها ونواحيها، وما حدث ويحدث في العراق عامة ؟

من اجل أن لا نعلق متاعبنا على مشاجب الغيب ، ونروح نسرد بالتفاصيل المملة و التبريرات الذاتية والموضوعية التي لا تغني ولا تشبع ،لابد من الاعتراف بفشل الجميع من النخب السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية وبتهافت دورها وعدم تحملها المسؤولية الوطنية .

كيف يتحمل المسؤولية من ارتبط بدول الجوار العراقي وأقام معها شبكة مصالح ومنافع. كيف يتحمل المسؤولية من ارتضى الفساد والرشوة وغطى على جرائمها،كيف يتحمل المسؤولية من غيب الوطنية العراقية لصالح الدين والطائفة والقومية والعشيرة ، كيف يتحمل المسؤولية من ارتضى لنفسه أن يتبوأ مركز مسؤول وهو جاهل بمعنى المسؤولية . ! الجميع يدانون في هذا الخراب العام .

أخيرا ، والحديث ذو شجون، فلعبة السيد نوري المالكي لم تنتهي بعد ، وحرق الأوراق لم تخمد نارها بعد، والأيام القادمة ستحمل حتما أجوبة للكثير من الأسئلة ، ومرة أخرى نقولها للسيد المالكي ، أذا أردت إحراق ورق اللعب لك ولشركائك فنرجو أن يكون ذلك بعيدا عن شعبنا العراقي والعراق ، فيكفينا حرائق وخراب .