لست هنا بصدد الانتقاص من احد، او النيل من سمعته، او التهجم عليه، بمقدار ما تصيبني الحرقة واللوعة لما جرى ويجري من مصائب ومظالم على هذا البلد الصابر المظلوم، كل يوم ومن دون مبالغة او تضخيم، وكما هو واضح للعيان.
فمن البصرة مرورا بذي قار والكوت وكربلاء المقدسة وبابل وبغداد وديالى وكركوك والرمادي وصلاح الدين والموصل، فقط هذه هي حصيلة احداث يومين، من تفجيرات ارهابية طالت هذه المحافظات في اوقات مختلفة ومتفاوتة، وتنوعت عندها يد الاجرام في اختيارها للاماكن، بين مساجد ومقاهي وملاعب ومجالس عزاء وطرقات، وغيرها اخرى لا ندري متى يلوحها القدر.
ووسط كل ذلك كان القائد العام للقوات المسلحة ينتظر نتيجة نهائي كاس العالم العسكرية، كي يذر الرماد في عيون اهالي الضحايا، ليظهر تهنئته لشعبه المنكوب بالفوز في مانشيت قناة حزبه المسماة بـ (العراقية) زورا وبهتانا، وبنفس لون الدم الاحمر، غاضا الطرف عن المجازر التي تنهش بالشعب صغارا وكبارا رجالا ونساءا، دون الشعور باي خجل، او مسؤولية.
بل تراه مع كل ذلك، يمارس تزييف الحقائق المتعمد، لانه يعتقد ان هنالك العديد من سذج القوم والهمج الرعاع ممن يصدقون تبريراته المتواصلة، ورواياته المستهلكة، والتي انكشفت للكثير وما عادت تقنع الصبية البسطاء فضلا عن الكبار العقلاء.
وبين كل ذلك يرى المتابع ان العدو وكما نراه بين حين وحين يغير من خططه التكتيكية، وهذا ما نلمسه على الارض، اذ ان مسك الارض اليوم اصبح في متناول يديه لا متناول يدي قواتنا الامنية، والمؤسف في قبال ذلك ان قواتنا الامنية لازالت تراوح في مكانها، ان لم نقل انها في تراجع مستمر، فليس هنالك اية خطة مدروسة ذات فاعلية، ولا قيادة مخلصة، ولا حرص، ولا شعور واقعي بالمسؤولية.
والسبب الرئيسي في كل ذلك يعود الى ان هذا الملف قد حصره القائد العام للقوات المسلحة بيده، ولم يسمح لاية جهة او فرد بمشاركته المشورة، او حتى ابداء رايه.
ومن باب الانصاف لو ان القائد العام للقوات المسلحة رجل مهني متمرس خبير بفنون العسكرة، لكنا نفتخر بذلك وسكتنا، ولكن الجميع يعرف انه لا يجيد اي لغة او حرف من السياسة العسكرية والخطط الممنهجة الامنية والاستخباراتية، اذ يعتمد في معالجاته وردود فعله المتسارعة وحلوله الترقيعية على مجموعة من كبار قيادات حزب البعث الذين عينهم في مكتبه العسكري الخاص، او ممن يديرون الان الملف الامني في اغلب المحافظات العراقية، من ازلام صدام السابقين.
وهنا ومن باب القاء الحجة، لزم على الجميع ان يشعروا بالمسؤولية، كون المسؤولية هنا هي مسؤولية الجميع، دون استثناء، فالصامتون يجب ان يتحركوا ولو بالكلمة، وان لا يبقوا ساكنين كالاصنام، كي نعاقب باجمعنا المسيء والمقصر، مهما كان حزبه او دينه او مذهبه او هويته، دون استثناء، وعلينا ايضا ان لا نبقى اسارى لاكاذيب والاعيب بعض المنتفعين من حكومة الحزب الحاكم، فعلى ماذا الدفاع بعد كل ذلك؟، ولماذا التبرير لاستمرار الاخطاء؟، والبلد وطيلة كل هذه السنين من دون ماء ولا كهرباء ولا امن ولا صحة ولا تعليم، ولا بنى تحتية، مع انه يمتلك ميزانية سنوية مهولة تعادل ميزانية اكثر من دولة بعدد سكانه!!..
هل ننتظر ان تطال يد الارهاب احد ابناءنا، او اخوتنا، او اقاربنا او اصدقائنا، حتى نلوم الحكومة ومن بيده زمام الامن؟، اليس كل العراقيين اخوتنا واهلنا؟، ومن سقط منهم كانما سقط من عائلة اي واحد منا؟.
كفى ضحكا على الذقون، وكفى مماطلة، وكفى تبرير، فالبلد على هاوية السقوط، شاء من شاء وابى من ابى، وهذا ليس كلامي فقط، بل هو كلام اغلب المتابعين والمحللين المنصفين، اضافة الى كلام وحديث اعلى جهة دولية وهي الامم المتحدة في اخر تصريح لها قبل يوم.
فاستيقظوا وتلاحقوا ما تبقى من هذا البلد، قبل ان ينهار كليا، وبعد ذلك سيكون جميعنا ركاما وخرابا تدوس عليه اقدام المتسلقين على حساب رقاب هذا الشعب المظلوم، وقد اعذر من انذر.