التفاهمات السياسية عائمة في اجواء الهدوء من جهة والعواصف من جهة اخرى، ليكون المتحكم الاساسي في تلك الاجواء هي الكتل السياسية التي دعمت عبد المهدي لتكليفه. ولكن يبقى هذا الدعم مناطا بالارادات وامكانية التنسيق بينها، خصوصا وسط تذبذب الاراء، حول امكانية تشكيل الحكومة القادمة، ضمن التوقيتات الدستورية، ليخرج ساعي بريد الكتل السياسية، ويوصل رسالة اطمئنان، ويضع الايام القليلة القادمة في الحسبان، لطرح اسماء المرشحين والتصويت عليهم داخل قبة البرلمان، ولكي تكتمل رسالة الاطمئنان، التحق موقف كتلة الاصلاح والاعمار بوضعهم الاستحقاق الانتخابي لاطرافه تحت تصرف رئيس الوزراء المكلف.
عبد المهدي لديه معاييره الخاصة، لاختيار كابينته الوزارية، بعيدا عن الضغوط التي تمارسها الكتل تارة، وتدخلاتها تارة اخرى، في نفس الوقت الذي يستبعد فيه الكثيرون التصويت على كابينة بعيدة عن الاستحقاق السياسي للكتل الفائزة بعضوية مجلس النواب، خصوصا في ظل المواقف الاخيرة المطالبة بحقوقها قبل استحقاقاتها الوزارية. القوى الشيعية والسنية أنصهرت في توجهين مؤيدين لعبد المهديومترقبين لكابينته الوزارية وما ستحمل من اسماء، وبالتأكيد الرؤية المتواجدة حاليا، تتجه بنا لان يكون هناك ثلاث طرق لاختيار الكابينة الوزارية تبدأ بالاسماء التي تحضى بثقة عبد المهدي طيلة السنوات السابقة في العمل السياسية، مرورا بالموقع الالكتروني الذي طرحه للترشح، وصولا الى مرشحي الكتل السياسية، ليقع الاختيار على من تؤهله الصفات اولا والتصويت ثانيا..
هذا المشهد وان كان يمتاز بالايجابيات المذكورة مسبقا الا ان المراقبين لمسيرة تشكيل الحكومة يجدون بانه معرض لاكثر من سيناريو بحسب المعطيات الموجودة في الاوساط السياسية، لعل في مقدمتها ارتداء المسترزقين على الابتزاز والتزوير، وجهين في ان واحد ففي نفس الوقت الذي يظهرون فيه الدعم لعبد المهدي، الا انهم يضعون المعرقلات في مسيرته وما تبني الدعم الا جعجعة اعلامية فقط، لانها في الحقيقة تمارس الضغوط السياسية في الخفاء، لحصد اكبر عدد ممكن من الوزارات في حكومة الفين وثمانية عشر..
ولا نبتعد كثيرا عن لغة الضغوط والتعقيدات التي انتهجت منهج التكتلات الصغيرة، ولعل ابسط الامثلة ما يدور في فلك تحالف البناء الذي اصابه التشظي، ليكون نتاج ذلك التشظي انبثاق ثلاث كتل داخل هذا التحالف متمثلة بكتلة سند الوطني والكتلة المستقلة وكتلة عطاء، اما المبررات لهذه التكتلات والانشقاقات، فوقتها هو دليل قاطع على فعلها، وما هي الا ورقة ضغط جديدة على رئيس الوزراء المكلف تمارسها بعض الاطراف للحصول على مناصب وزارية، ليكون هذا ابرز ما يدور داخل اروقة الكتل المرشحة لعبد العبد المهدي كرئيس مكلف.
تلك المخاوف تلتحق بها، امكانية مجيء عبد المهدي بنصف كابينة وزارية، او العودة لسيناريو الوكالات الطاغي على الحكومات السابقة، ، الامر الذي يشكل خطرًا على حكومته، خصوصا وان التناقض بين ثقة الكتل بشخصيته وامكانياته، وبين عدم التنازل عن الاستحقاق الإنتخابي ما زال يتسيد المشهد السياسي، الامر الذي يرجح خلق فجوة واضحة ومؤثرة، على الحكومة القادمة قبيل تشكيلها، اذا ما تم ترتيب الاوراق بتوافقات بين الطرفين.