بعيد اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في ايار الماضي طرح رئيس المجلس الاسلامي الاعلى عمار الحكيم مشروع “شراكة الأقوياء” في مقابل مشروع زعيم ائتلاف دول القانون نوري المالكي “حكومة الأغلبية”. هذه الايام وفي خضم تشكيل وزارة الدكتور حيدر العبادي يتم الحديث عن “ترشيق الحكومة” وذلك من خلال الاستغناء عن بعض الوزارات وتحويل مهامها الى مجالس المحافظات وهي خطوة مدروسة بعناية فائقة نحو “حكومة الكبار” او “شراكة الاقوياء”. خطوة من هذا القبيل لاشك لها منافع كثيرة اهمها ترشيد الاستهلاك الحكومي مع تقنين النفقات الوزارية ناهيك عن اعطاء مجالس المحافظات دور اكبر في عمليات الاعمار وتقديم الخدمات لمواطنيها فضلا عن توفير فرص وظيفية اكثر. مشروع “ترشيق الحكومة” لاشك انه سيختزل الكثير من الجهد وسيحد من الروتين القاتل في الوزارات المعنية والدوائر التابعة لها. بيد ان خطوة من هذا القبيل ستجفف منابع الفساد بدرجة ما وهو الذي استشرى في كل الوزارات تقريبا وتحديدا تلك التي يراد ترشيقها من قبيل وزارة البلديات ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية وأيضا مايسمى بوزارة الاسكان والاعمار فضلا عن وزارتي الصحة والتربية.
لكن، في الجانب الاخر فأن ترشيق الوزارات لدرجة كبيرة انما هو مشروع في حقيقته لتشكيل حكومة ومجلس وزراء “للكبار فقط”. مما لاشك فيه ان ترشيق الوزارات سيؤثر بدرجة مباشرة على حصة كل كتلة خصوصا لو علمنا ان كل وزارة ستكون من نصيب كتلة ما ووفقا للنقاط التي ستحصل عليها وذلك وفقا لما تشغله الكتلة من مقاعد برلمانية. هذا يعني ان الكتل الصغيرة لن تحصل على أية وزارة وبالتالي خطوة من هذا القبيل هي ترسيخ لمنطق “الكبار” فقط. الخوف يتأتي ان يكون هذا المشروع الوطني واجهة لتحويل مجلس الوزراء الى ناديا حصريا “للكبار فقط”.
الجميع يعرف ان هناك كتلا صغيرة ومستقلين قد فازوا في الانتخابات البرلمانية وسيكون مصير هؤلاء اما انهم سيجبرون على الدخول ضمن كتل الكبار وبالتالي ستضيع رؤاهم ومشاريعهم والوعود التي قطعوها امام ناخبيهم، او انهم سيذهبون الى مقاعد المعارضة او على أسوء الاحتمالات فأنهم سيركنون جانبا من دون تأثير ولاحول ولاقوة. لذا من الحكمة ان تبدأ المشاوارات واللقاءات بين الكتل الصغيرة والافراد لتشكيل كتلة اكبر خاصة بهم تجمعهم وفق رؤية وطنية وبرنامج اصلاحي ليشكّلوا بذلك قوة في “نادي الكبار” لا لكي يحصلوا على نصيبهم من “كعكة العبادي” بل ليكونوا مدافعين عن حقوق المواطن وشوكة في عيون الفساد والمفسدين وكل المتآمرين بحق الوطن والمواطن وليؤكّدوا صوت المواطنة والمشروع الوطني المتمثل بحكومة الكفاءة والتكنوقراط وليس حكومة المحاصصة الحزبية بوجهها الطائفي البغيض. بعكس ذلك فأن الاصوات التي حصل عليها هؤلاء “الصغار” والتي كانت سببا في دخولهم البرلمان قد ذهبت في مهب الريح ولايحق لهم التباكي بعد حين على كرامة الوطن وحقوق الجماهير.
www.zaqorah.com