18 ديسمبر، 2024 10:12 م

حكومة جعلت من شعبها الأتعس على وجه الأرض

حكومة جعلت من شعبها الأتعس على وجه الأرض

سنون طويلة ، والجميع بنتقد بمرارة ويُحذّر، أن نافذة “بيع العملة” هي بالواقع باب كبير من أبواب الفساد وما هي إلا مسألة وقت حتى يؤدي بالإقتصاد إلى هاوية سحيقة ، الجهات المستفيدة منها ، لا شك أنها تمتلك سطوة تتحدى أكبر الرؤوس (إن كانت لديهم رؤوس) في البلد ، فلم تجرؤ على غلق باب جهنم هذا ، وما آلت إليه هذه المسألة واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى مُنظّر في علم الإقتصاد ، وحتى المجنون كان سيستشرف ما آلت إليه الظروف .

الغريب أن قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الدينار ، صدر بعد صعود دراماتيكي لسعر برميل النفط (!!!) ، ووالله لن يتحسن حالنا حتى لو بلغ سعر البرميل 1000 دولار ! ، السيد وزير المالية الهمام قلل من تأثير ووقع الكارثة ، فتارة يدّعي أن العراقيين “يدّخرون” أموالهم بالدولار (!!!) ، وأن إنخفاض سعر العملة لا يؤثر عليهم ، ولا أدري كيف يتسنى للعراقي الإدخار بعد عام من الجائحة والجمود العام ، ومن هو المدّخر أصلا ، ليس بعيدا أن يعتقد الوزير ، أن متوسط إدّخار العراقي مليون دولار مثلا ، حتى لا تؤثر عليه هذه الترقيعات الكارثية (!!!) فربما يعتقد أيضا أن متوسط  دخل العراقي كذلك الذي في سنغافورة ! ، هذا ليس بعيدا لأنه يعتقد أن راتب الموظف فاحش (!!!) ، ليس غريبا أن يعتقد هذا الرجل (الغريب) ، أن الموظف دأب على تحويل راتبه إلى الدولار ! ، بل ربما يعتقد أن الموظف سيودع راتبه “بالدولار” في المصارف ليعيش على مبلغ الفائدة (!!!) ، وهذا ليس بعيدا أيضا إن إعتقد الوزير أن سعر طبقة البيض لا يتجاوز 250 دينار ! ، وعن إرتفاع سعر البنزين ، تمخضت عقلية السيد الوزير عن مخرج ، أن الأغنياء وحدهم يمتلكون سيارات وأن الفقير لن يتأثر لأنه لا يمتلك سيارة أصلا (!!!) ، يريد الرجل أن يبقي على فقر الفقير وغنى الأغنياء ، لكن ماذا عن (التاكسيات) التي تقودها الطبقة المسحوقة وهي الغالبية العظمى من مركبات الشارع ؟! ، يراهن السيد الوزير ، أن المواطن سيعتاد على هذا (الدمار) ! ، دون أن يعلم أن ثمة حكومات (تتمتع بشيء من الإحترام والإعتزاز بالنفس) ، قد سقطت عن آخرها لأنها رفعت (مضطرة) سعر الخبر قروش قليلة ، هذا منطق مجانين وليس منطق مرضى ! ، فمن أين أتى هؤلاء بحق الجحيم !؟ ، هذا يعتقد أن سبب ضيق ذات اليد من وراء شراء (النستلة) ، وذاك يعيرنا كما عيّرنا صدام بإلباسنا النعالات لأننا كنا حفاة ، أن كل عراقي صار يمتلك تلفونين ! ، ووزير للمالية لا يعرف شيئا عن حياة المواطن اليومية ولا عن تأثير تدمير العملة المحلية عن سبق إصرار وترصد ، لا يعرف شيئا عن الإقتصاد أصلا ! ، العمود الفقري للدولة .

أين كانت المصارف وحتى وقت قريب ، عندما كانت تضع العراقيل أمام السّلًف والقروض بفوائد (تكسر الظهر) ، منها الكفيل وتحديد السلفة حسب قيمة الراتب وغيرها من التصرفات المتخلفة التي جعلت الناس تنأى عن الإدّخار فيها ، فصارت تتوسل وتتملق المواطن ، وترفع قيمة الفائدة ؟.

دأبت مجالس المحافظات وغيرها من المؤسسات التي “تُعنى” بشأن المواطن على تسعيرة أمبير الكهرباء بما لا يتجاوز 7000 دينار ! ، ولم يأبه أصحاب المولدات بهذه القرارات لأنها صادرة من دولة غير محترمة ، لا تعلم أنها تقطع الكهرباء عن مواطنيها 20 ساعة باليوم ، بل بدلا من ذلك ، صار سعر الأمبير 17000 دينار ! .

طاقم حكومي فاشل ومتخلف وفاسد عن آخره ، يعتاشون كالقراد التي تمتص الدماء ، فكيف إن كان هذا الطاقم محدد بمدة يسمونها فترة تسيير الأعمال ، لم يفِ السيد الكاظمي ، قائد هذا الطاقم كما هو ظاهر، بوعدٍ واحدٍ ، من وعود كثيرة هدّأت الشارع المتفجر والمشتعل حيفا ، أوصلته التوافقات والتجاذبات والتنافرات السياسية المشبوهة ، وأن أهداف إنتفاضة تشرين لو تحققت أهدافها ، ما بقي وجه واحد من الوجوه القبيحة التي أوصلتنا إلى هذه الهاوية ، وسكت الكاظمي على القتل والإغتيالات والتنكيل والكواتم والتشهير والتغييب والخطف ، كل ذلك حدث تحت أنف رجل المخابرات السابق ، وقرب السيطرات الأمنية دون أن يجرؤ على الإمساك بخيط ! ، إنه السكوت علامة الرضا ! ، فتارة يعلن عن تأييده للإنتفاضة ، لكنه يرسل الجهات الأمنية لرفع خيام الإعتصام بالقوة .

حكومة (تجر) ولا أقول تقود ، شعبا إلى هاوية جعلت منه سلبيا وحزينا ، أوصلته إلى الدرك الأسفل في كل نواحي الحياة ، حكومة جعلت منا الشعب (الأتعس) في الوجود ، لا شك وأنها الحكومة (الأتعس) على وجه الأرض !.