يتفق المؤرخون ان انبثاق ثورة 14 تموز عام 1958 قد أرسى قواعد جديدة للعمل الوطني الحر تجاه الاستعمار القديم وأساليب سيطرته الكاملة على مقدرات الشعوب ، وبفعل توجه اليسار العراقي نحو تحقيق الاستقلال الاقتصادي للبلد قامت حكومة الثورة انذاك بالتوجه لعقد الاتفاقية المعروفة مع الاتحاد السوفيتي التي كانت وراء النهضة الصناعية القائمة على إنشاء معامل القطاع العام وتجديد السكك الحديدية ، وتعبيد الطرق ، وبناء المستشفيات، وغيرها من الانجازات ، وبعد إصدارها لقانون الإصلاح الزراعي والخروج من حلف المعاهدة المركزية،، السينتو .. تم التخلص من سيطرة الباوند الاسترليني ، توجهت حكومة الثورة لاستكمال السيادة على ثروتها النفطية خاصة بعد أقدام الشركات النفطية بتخفيض أسعار النفط الفنزويلي والإيراني ، بأن فتحت باب المفاوضات مع الشركات العاملة باستخراج وتسويق النفط العراقي ، وبعد مراوغة المستر هيدريج ، اتخذت الحكومة اتجاها جديدا بالتنسيق مع الدول العربية بشأن توحيد السياسة النفطية ضمن التكامل الاقتصادي العربي ، وسارت بخطوات أبعد بأن دعت الى عقد مؤتمر للدول المنتجة للنفط في بغداد ، وفعلا تم تحديد انعقاد هذا المؤتمر للفترة بين 10–14 أيلول عام 1960لاتخاذ مواقف محددة ومدروسة تجاه الشركات النفطية ، وافتتح المؤتمر الدكتور طلعت الشيباني ، وكيل وزير النفط العراقي انذاك، تمخض المؤتمر بحث مستمر من الوفد العراقي عن إنشاء منظمة الدول المصدرة للنفط OPEC ، واعتبرت دول كل من العراق والسعودية والكويت وإيران وفنزويلا دولا مؤسسة ، وقد تقدم العراق هذه الدول بأن أصدر قانون رقم 80 لسنة 1961 ، الذي تحدد بموجبه مناطق التنقيب والاستخراج ، بعد ان كانت كل الاراضي مفتوحة للتنقيب أمام الشركات الاجنبية ، واليوم تضم أوبك اضافة الى الدول المؤسسة كل من نيرجريا والإمارات المتحدة والاكوادور والكابون وليبيا والجزائر ، وللمنظمة دورها الريادي في تحديد وتثبيت الاسعار العالمية للنفط. ، ومؤخرا بعد الهبوط المفاجئ لأسعار الخام قامت أوبك + بتخفيض الانتاج للعمل على اعادة التحكم بالأسعار لصالح المنتجين بعد تفشي وباء كورونا .
ان ثورة تموز بعملها على إنشاء المنظمة الدولية للنفط وإصدارها القانون رقم 80 تكون قد وضعت نفسها في المواجهة الدولية مع بريطانيا المستفيد الأول من النفط العراقي انذاك اضافة الى مساهمة حكومة الثورة بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ومدها لثورة الجزائر بالمال والسلاح للتحرر من الاستعمار الفرنسي،
كل هذه الاجراءات التقدمية كانت وراء قيام المخابرات البريطانية والأمريكية بالتمهيد لانقلاب شباط الدموي عام 1963.