إدامة زخم المكاسب الحكومية، وتعزيز الحزم الإصلاحية، التي جاء بها السيد حيدر العبادي، كانت هباء منثوراً، رغم أن المرجعية بُح صوتها، من إجراء الإصلاحات، ومنذ مدة ليست بالقصيرة، فعدد سنوات المال الحرام والفساد الإداري، كان كبيراً، فحدث ما كان متوقعاً، ففي يوم واحد أستبيح البلد وضاع ثلثه، بسبب الخيانة والتآمر، وعصابة جاءتنا من الفضاء الخارجي، أسست دولة الخلافة الفضائية، برئاسة (كرندايزر).
رغم ما حصل، شخصت المرجعية الرشيدة، وطالبت بتغيير الوجوه الكالحة، في الحكومة الجديدة، وكانت واضحاً مقصدها، حين أشارت بكل جوارحها، على (كرندايزر)، وجماعته دون إستثناء، لتعديل مسار العملية السياسية، ودرء المخاطر المحيطة بالعراق أرضاً وشعباً، ولكن ما من مجيب.
مسؤولية التقصير تبعاً للمناصب والمواقع، التي يشغلها المسؤولون في الدولة، كانت تتطلب دراسة واقعية وموضوعية، وإنه من المفترض، أن تبدأ بشخص رئيس الوزراء نفسه أولاً، لأن كتلته تمثل الباب الأول، للمحاصصة والفساد، وتتحمل عواقب ميزانية خاوية، بعد أن عاش العراق موازنات إنفجارية هائلة، في ظل حزبه المتفاني في السرقة، والتفرد بالسلطة، وإن كان السابق متفرداً ودكتاتوراً، فسيصبح الحالي سيداً مطلقاً، لدولة تكنوقراط في شكلها الخارجي فقط، وأما الواقع فهي أكثر فساداً، وتكتماً على الفاسدين والمفسدين.
عندما يأتي الإعتراف بالفشل والخيبة متأخراً، بعدما بح صوت المرجعية، فهذا يعني أن الامور تسير بإتجاه مخطط له، ليكون عصفاً سياسياً، فاسداً أكثر من السابق، على أن كل مشروع، سينطلق وفقاً لمصلحة الشعب سيكون مصيره الفشل، وعدم التنفيذ لان حكومة التكنوقراط برئاسة العبادي، ستكون محصلة للتخبط والفشل، والحرام الذي جمع من تراكمات، عشر سنوات عجاف، مليئة بالتسويف، والمماطلة، والخداع، والخراب في الوقت نفسه.
الشرفاء حين يجمعون مرارة العراقيين، مع دموعهم ودمائهم، التي سالت على أرض الرافدين، يكتشفون الحقيقة الساطعة الواضحة، وهي أن ما يجري في العملية السياسية، عبارة عن تدليس وتمويه، كان الأجدر بالعبادي، إعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين المتاجرين بأرواح وخيرات العراق، وهو واجبه الأول والأساسي، لا أن يجعل حيتان الفساد تسرح وتمرح، في محيط الشعب الجريح، الذي عانى ما عانى من أياديهم القذرة.
ختاماً: حكومة التكنوقراط، تكملة للسيناريوهات القديمة عن الإصلاح، وسوف تموت قبل أن تولد، وهذا طبيعي، فالأحزاب تحافظ على منجزها الإنتخابي، وتبقى المحاصصة هي الفيصل، ومنذ أكثر من عقد، لذا على السيد العبادي، أن يتحدث بلغة يستطيع الشعب أن يفهم معانيها، لا أن يتكلم بطريقة الشجعان، ويتصرف بطريقة ….!