تتسم محافظة واسط بخمول النشاط السياسي طوال تاريخها ولكن تمر بحالات من الانفجار عندما يتراكم الظلم والاهمال ويبلغ الدرجة الحرجة لينفجر حمماً.. المظاهرات الطلابية التي تزامنت مع زيارة رئيس الوزراء سواء كانت صدفة ام مخططاً لها جاءت بعد ان بلغ السيل الزبى، فالمحافظة تعاني من الاهمال المريع ومركز مدينتها ماتزال شوارعه متربة وغير مخدمة، والفلاحون الذين سوقوا محصولهم من الحبوب الذي فاق انتاجهم منها كل المحافظات لم يتسلموا اثمانه في حين كانوا يمنوا النفس بمكافأة على كدحهم ونشاطهم في الاسهام بالدخل الوطني، وبين الحين والاخر تطرد شركات النفط الاجنبية عمالها ولا تطبق القانون، فيما وزارة النفط تتفرج ولا تحرك ساكنا على زيادة اعداد العاطلين.. اما المنفذ الحدودي كان ولايزال معبراً للبضائع بتصريح ومن دونه والممنوع منها اصبح ظاهرة ولا ينعكس ايجاباً ذلك حتى على المناطق الحدودية التي هي عبارة عن خرائب ليس الا.
الواقع ان مظاهرات الطلبة في جامعة واسط كانت امراً متوقعاً فهو ايذاناً بولادة جيل جديد من ابناء المحافظة لا يقل شأنا عن اقرانه في مدن البلاد الاخرى ولا يسكت على ضيم، ومتأثراً بالاختلاط مع طلبة من مدن البلاد الاخرى المحملين بكل اسباب الانفجار في وجه الحكام الذين لم يقدموا لهم شيئاً على مدى اربعة عشر عاماً.
للاسف شاب التحرك الطلابي تصرفات جرت المبالغة فيها، وربما اطراف قصدت ان تشوه الفعل والنشاط السلمي كي تعطي المبرر لضرب هذا التحرك بقسوة فاقت الحدود، واراد منها الحاكم رسالة لانه حاول ابلاغها قبل ذلك في ساحة التحرير الا انها ارتدت اليه..
ان حملة الاعتقالات التي شنت ضد الطلبة والتهديدات المرافقة لها كان القصد منها كسر نصل رمح الاحتجاجات لاكثر الفئات الاجتماعية جرأة وتحديا للحكام الظالمين ولمناوءة الفساد .
ان الطلبة في عموم البلدان اذا ما تحركوا فهم مؤثرون ويتميزون بوعي متجذر يحملونه وينقلونه الى بقية فئات المجتمع يخيف السلطات بروزه ووقوعه، ويشكل لها تحديداً ملجماً.
الحكومة ارتبكت ولم تعد تعرف ماذا تفعل سوى انها لجأت الى القمع، مستفيدة من ذريعة رمي الحجارة، فهي ادعت ودعت ان الجامعات بعيدة عن التسيس وتناست انها هي من سيسها بالعمل فيها على وفق مبدأ المحاصصة في التعيينات الادارية والتدريسية والقبول في بعض كلياتها وسكتت عن ذلك، ولم تتطرق الى الاخطاء الكبيرة التي وقعت فيها، ولكن عندما شعرت ان ذلك تجاوز ما خططت له عادت لتنتقده.. اليس هؤلاء الطلبة لم يتسلموا مبلغ المنحة الدراسية، اليست الاجور الدراسية المسائية في جامعاتهم ارتفعت وزادت عن امكانات ذويهم الاقتصادية، اليس هم من لا يجدون فرصاً للعمل بعد التخرج؟
الحكومة انقسمت الى فريقين، الفريق الاول تعامل بعنف واكراه تخطى الطلبة باعتقالهم وربما في المعتقلات جرى تعذيبهم الى رجال الامن الجامعي الذين اقتيدوا من حمايات الرئيس في اهانة بالغة.
وفريق آخر بعد ان انهى الفريق الاول مهمته دعا الى اطلاق سراح الطلبة المعتقلين، ولكن عشية الافراج عنهم، وكأن الامر تبادل ادوار، وتصوير الامور انها جرت بعفوية، ولا علاقة لهذه الواقعة – بواقعة ساحة التحرير وان الموضوعة ليست سياسة او نهجا سياسياً على الاكثر ستتبين المقاصد والمرامي ما بعد الانتهاء من داعش.
الحكومة تعتقل وتعلن عن ذلك من دون خوف او حتى اتهام بمصادرة الحريات وعضو منها او فريق يطالب بالافراج ويعد ذلك استجابة في لعبة مفضوحة لتظهر بمظهر الاب العطوف.