تتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال في حالتين حسب الدستور العراقي إذ نصت المادة (61 ثامنا- د) على انه “في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله يستمر رئيس مجلس الوزراء، والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما، إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد”.
فيما تنص المادة (64 – ثانيا) على ان “يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها 60 يوما من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلا ويواصل تصريف الامور اليومية”.
بالتالي فأن حل المجلس يرتبط بقرار مجلس النواب نفسه لغرض الحل، أو انتهاء ولايته والتي نص عليها الدستور في المادة (56-ثانيا) على انه يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدور الانتخابية السابقة. وبذلك فأن المجلس بعد الانتخابات قد تم حله فعلياً بالتالي فأن مهمته الرقابية التي فوضها له الشعب بالانتخاب انتهت، لذا فأن الحكومة في هذه المرحلة بلا رقيب بالتالي فأنها تتحول إلى حكومة تصريف أعمال أو بالمعنى الدستوري الأدق “حكومة تصريف أمور يومية.
وعلى الرغم من أن الدستور أشار صراحةً إلى تحول الحكومة “حكومة تصريفة امور يومية” إلا أنه لم يفصّل هذه الامور وماهيتها، بالتالي فأن هذه المسألة تخضع إلى العديد من الاجتهادات، وبما أن هذا الامر قد يحدث نزاع في تفسير القوانين، فأن الحكومة تلجأ إلى تفسير المحكمة الاتحادية الذي يعد باتاً وقطعياً، إلا أن هذه المحكمة مُتهمة أصلاً بممارسة تفسيرات خاضعة للضغوط التي تمارسها الحكومة، ويعدها البعض أن غالبية تفسيرتها سياسية وليست قانونية مما يجرد منها صفة الاستقلالية، وقد نجد هناك بعض الشواهد على ذلك، فأن المحكمة الاتحادية انتزعت الصفة التشريعية من مجلس النواب، التي تعد واحدة من ابرز مهام مجلس النواب، وحددت المجلس باقتراح القوانين فقط، كما أنها ألغت فيما سبق قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، والعشرات من القوانين قامت بإلغاءها، وليس أخيراً الغاء قرار مجلس النواب القاضي بتعيين فلاح شنشل رئيس هيئة المساءلة والعدالة.
وعلى أي حال فقد تسالم الفقه الدستوري على موضوعة “حكومة تصريف الأعمال” إذ عرّف الفقهاء الدستوريين (الأمور اليومية) هي تلك التي تتم بشكل مستمر وبطريقة عادية، فلا تحتاج الى اتخاذ مبادرة جديدة بشانها من قبل الحكومة، فهي تحضر بشكل تلقائي من الاجهزة الادارية المختلفة والتي يقتصر، عمل الوزراء فيها، على مجرد وضع توقيعاتهم عليها.
كما ان الأمور اليومية بطبيعتها هي تلك التصرفات اليومية والمألوفة للجهاز الإداري، أو هي تلك الإعمال الروتينية التي تنجز في درجات السلم الإداري الدنيا ولا تتضمن أي بعد سياسي قد يخلق آثاراً مستقبلية.
ومن خلال ما تقدم نجد أن هناك مهام دستورية لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال ممارستها، كتعديل الدستور واقتراح مشاريع القوانين وغيرها. كما أن هناك مهام ادارية لا تستطيع الحكومة ممارستها كتعيين الموظفين من الدرجات الخاصة والتغيير في بعض الانظمة والتعليمات في الوزارات، كما ينبغي أن تُحرم حكومة تصريف الاعمال من التغيير في الهياكل الاقتصادية وأمور أخرى، والسؤال الذي يطرح هل أن الحكومة ستلتزم ما قرره الفقهاء الدستورية من صلاحيات في حال اصبحت حكومة تصريف أعمال، أما أن هناك خدمات أخرى ستقدمها لها المحكمة الاتحادية العليا؟