23 ديسمبر، 2024 6:03 م

حكومة المكوّنات لا تبني دولة هدّمتها الحروب وأنهكتها الصراعات الطائفية

حكومة المكوّنات لا تبني دولة هدّمتها الحروب وأنهكتها الصراعات الطائفية

كلّنا نتذكر اللقاء الذي اجرته قناة العربية الفضائية مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي في 6/10/2010 ضمن برنامج مقابلة خاصة , حيث قال حينها ( إنّ ترشيحه من قبل التحالف الوطني العراقي لرئاسة الحكومة العراقية , هو خطوة حاسمة في اتجاه تشكيل حكومة الشراكة الوطنية , حكومة يشترك جميع مكوّنات الشعب العراقي في إدارتها , وأن يتحملوّا مسؤوليتها ضمن نظام جديد لموضوع التوافق والتفاهم ) , بالرغم من أنّ حكومة الوحدة الوطنية التي كان يترأسها , قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الحد الأدنى من التفاهم والانسجام بين المكوّنات الي شكلّت هذه الحكومة , مما حدى به في أكثر من مناسبة ولقاء أن يعلن هذا الفشل بنفسه ويدعو لحكومة الأغلبية السياسية .
وبالرغم من أنّ نتائج الانتخابات الماضية لم تأتي للتحالف الوطني الذي شكّل الحكومة , بالأغلبية المطلقة , إلا أنّ هذه الأغلبية كانت ممكنة جدا وأيسر من اليسر , فلم تكن حاجة هذا التحالف لأكثر من أربعة اصوات لتشكيل حكومة الأغلبية , إلا أنّ القصور في الوعي السياسي وقلة الخبرة بالنسبة للأطراف الأخرى التي تشّكل التحالف الوطني , قد فوّتت هذه الفرصة التاريخية على الشعب العراقي في التخلص نهائيا من حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية والقومية , ولتكون سببا في تشكيل أسوء برلمان وحكومة في تأريخ العراق المعاصر .
ونحن على اعتاب انتخابات نيابية عامة للبلد , فلا بدّ للعراقيين من استيعاب الدرس القاسي والمرير الذي مرّ به العراق شعبا وحكومة بسبب حكومات المكوّنات الطائفية والقومية التي تشكلّت بعد سقوط النظام الديكتاتوري , والتي كانت السبب الأول والأخير في هذا الفساد المالي والإداري , وهذا الشرخ الكبير الذي أصاب النسيج الاجتماعي العراقي , فالتجربة قد اثبتت أنّ حكومة المكوّنات لا تبني دولة قوية وموّحدة هدّمتها الحروب وأنهكتها الصراعات الطائفية , والدولة القوية الموّحدة التي ننشدها لا تبنى إلا من خلال دولة القانون والمؤسسات , وهذه الدولة لا تتحقق إلا من خلال حكومة الأغلبية السياسية .
ومسؤولية الشعب العراقي في هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها , تستوجب أن يعي الأسباب الحقيقية التي تسببت في هذا الوضع السياسي المتأزم والذي جائت به حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية , وإن لا تتكرر أخطاء الماضي , فالواجب الوطني يتطلب منّا جميعا أن نتعالى على جراحاتنا , وأن نتوّجه لصناديق الاقتراع ونحن على بيّنة من جدوى وأهمية حكومة الأغلبية السياسية , وقد آن الأوان لرفض كل الدعوات التي ترفض حكومة الاغلبية السياسية وتدعوا لإعادة حكومات التوافق والمحاصصات الطائفيىة وتحت أي مسّمى , وآن الأوان لدعاة الشراكة الوطنية أن يضعوا مصلحة الشعب والوطن فوق مصالحهم ومصالح أحزابهم , وأن يكفوّا عن إطلاق هذه الشعارات الفارغة التي لم نجني منها غير الفساد والخراب والتشرذم , وصعود طبقة من السياسيين الانتهازيين والنفعيين والوصوليين , وغياب الكفاءات الوطنية المخلصة والنزيهة , فالوطنية الحقّة هي بتحقيق آمال الشعب وتطلعاته في حكومة وبرلمان قويين ومنسجمين , وهذه مسؤولية الشعب العراقي برّمته .