كلّنا نتذكر اللقاء الذي اجرته قناة العربية الفضائية مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي في 6/10/2010 ضمن برنامج مقابلة خاصة , حيث قال حينها ( إنّ ترشيحه من قبل التحالف الوطني العراقي لرئاسة الحكومة العراقية , هو خطوة حاسمة في اتجاه تشكيل حكومة الشراكة الوطنية , حكومة يشترك جميع مكوّنات الشعب العراقي في إدارتها , وأن يتحملوّا مسؤوليتها ضمن نظام جديد لموضوع التوافق والتفاهم ) , بالرغم من أنّ حكومة الوحدة الوطنية التي كان يترأسها , قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الحد الأدنى من التفاهم والانسجام بين المكوّنات الي شكلّت هذه الحكومة , مما حدى به في أكثر من مناسبة ولقاء أن يعلن هذا الفشل بنفسه ويدعو لحكومة الأغلبية السياسية .
وبالرغم من أنّ نتائج الانتخابات الماضية لم تأتي للتحالف الوطني الذي شكّل الحكومة , بالأغلبية المطلقة , إلا أنّ هذه الأغلبية كانت ممكنة جدا وأيسر من اليسر , فلم تكن حاجة هذا التحالف لأكثر من أربعة اصوات لتشكيل حكومة الأغلبية , إلا أنّ القصور في الوعي السياسي وقلة الخبرة بالنسبة للأطراف الأخرى التي تشّكل التحالف الوطني , قد فوّتت هذه الفرصة التاريخية على الشعب العراقي في التخلص نهائيا من حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية والقومية , ولتكون سببا في تشكيل أسوء برلمان وحكومة في تأريخ العراق المعاصر .
ونحن على اعتاب انتخابات نيابية عامة للبلد , فلا بدّ للعراقيين من استيعاب الدرس القاسي والمرير الذي مرّ به العراق شعبا وحكومة بسبب حكومات المكوّنات الطائفية والقومية التي تشكلّت بعد سقوط النظام الديكتاتوري , والتي كانت السبب الأول والأخير في هذا الفساد المالي والإداري , وهذا الشرخ الكبير الذي أصاب النسيج الاجتماعي العراقي , فالتجربة قد اثبتت أنّ حكومة المكوّنات لا تبني دولة قوية وموّحدة هدّمتها الحروب وأنهكتها الصراعات الطائفية , والدولة القوية الموّحدة التي ننشدها لا تبنى إلا من خلال دولة القانون والمؤسسات , وهذه الدولة لا تتحقق إلا من خلال حكومة الأغلبية السياسية .
ومسؤولية الشعب العراقي في هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها , تستوجب أن يعي الأسباب الحقيقية التي تسببت في هذا الوضع السياسي المتأزم والذي جائت به حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية , وإن لا تتكرر أخطاء الماضي , فالواجب الوطني يتطلب منّا جميعا أن نتعالى على جراحاتنا , وأن نتوّجه لصناديق الاقتراع ونحن على بيّنة من جدوى وأهمية حكومة الأغلبية السياسية , وقد آن الأوان لرفض كل الدعوات التي ترفض حكومة الاغلبية السياسية وتدعوا لإعادة حكومات التوافق والمحاصصات الطائفيىة وتحت أي مسّمى , وآن الأوان لدعاة الشراكة الوطنية أن يضعوا مصلحة الشعب والوطن فوق مصالحهم ومصالح أحزابهم , وأن يكفوّا عن إطلاق هذه الشعارات الفارغة التي لم نجني منها غير الفساد والخراب والتشرذم , وصعود طبقة من السياسيين الانتهازيين والنفعيين والوصوليين , وغياب الكفاءات الوطنية المخلصة والنزيهة , فالوطنية الحقّة هي بتحقيق آمال الشعب وتطلعاته في حكومة وبرلمان قويين ومنسجمين , وهذه مسؤولية الشعب العراقي برّمته .