يواجه العراق وحكومة مصطفى الكاظمي، تحديات كبرى، تهدّد وجودها ،وهذه التحديّات داخلية تشترك فيها جهات إقليمية ودولية، وخارجية تستهدف تقسيم العراق، وتحويله الى طوائف وإثنيات ،يحكمها أمراء الحرب في هذه الطوائف،وهو مشروع قديم ،أما الداخلية، فهي الفوضى التي نراها اليوم في العراق، الذي تتقاذفه أمواج الصراع السياسي والحزبي المتلاطم،من أجل النفوذ والمكاسب،والسلاح المنفلّت الذي حول الدولة الى اللادولة، وجعل العراق، دولة ميليشيات بإمتياز، لصالح جهات إقليمية ودولية ،وفي مقدمتها إيران،فالكاظمي وحكومته، يواجهان تحديات كبرى، لايمكن أن يواجهها وحده، وتتطلّب تدخلاً دويلياً وعربياً، ينقذه، من حرب مذهبية شيعية –شيعية طاحنة،بين السلاح المنفلت، وميليشيات أحزاب السلطة ، والمتظاهرين الغاضبين الباحثين عن الاصلاح ،والتحدّي الأقوى والأخطر، الذي يواجهه الشعب والحكومة معا ، هو سلاح اللادولة ،الذي يلْقى دعماً مفتوحاً من إيران وأحزابها في العراق،والتحدي الآخر هو بقايا تنظيم داعش الارهابي، الذي يستغّل ويستثمّر الصراع والفوضى،ّبين الحكومة وخصومها، ليطلّ برأسه في المحافظات الرخّوة، ويخرج من أنفاق وكهوف الجبال ، ويقوم بجرائمه ، ويستهدف مرابات ونقاط الجيش،ثم التحدي الاكبر،هي الانتخابات البرلمانية،في تشرين المقبل، والتي تعمل أحزاب السلطة على إفشالها وتزويرها بكل قوتّها،لتبقى في السلطة، بعد ان فشلت في ادارة الدولة وأفلستها طوال سنوات وجودها في السلطة ، وسرقت (ألف مليار دولار)،وهربتّه خارج العراق، بإعتراف رئيس الجمهورية نفسه،وهناك تحديّات لاتقل شأناً عن هذه التحديات،وكلّها تعمل على إشاعة الفوضى وإدامتها لكي تبقى فترة أطول، تتحكمّ بمصير العراق والعراقيين،إضافة الى التحديات إرتفاع سعر الدولار ،الذي يجعل القدرة الشرائية للمواطنين واطئة جدا ،ويشيع الفقر والبطالة الى مستويات مخيفة،ناهيك عن وباء كرونا وتداعياته، في التعليم والتربية والوزارات وتعطيل الحياة ،بشكل كامل ،وإحالتها الى إنهيار مجتمعي وعلمي،ولكن تبقى التحديات الكبرى الثلاث السلاح المنفلّت وداعش والإنتخابات،تهدّد ليس حكومة الكاظمي وحده ،وإنمّا مستقبل العراق، وتضعه على كفّ عفريت ،وبعين العاصفة التي إن عصفت ،لاتبقي ولاتذر،فكيف يواجه الكاظمي وحده ،هذه التحديات دفعة واحدة ، في وقت يحاربه جميع مَن في السلطة والأحزاب، ويريدون إسقاطه بكل طريقة، ليتسيدوا المشهد والنفوذ،ويستفردوا بالعراق،في الانتخابات يعمل مجلس الامن الدولي والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي، على إرسال مراقبين يشرفون على (نزاهتها)، ويضمنون إنجاحها ،بدون مشاكل إدارية وفنية ،وتدخلات حزبية وميليشاوية،ولكن لايمكن ضمان تزويرها ،ومفوضية الانتخابات اللامستقلة بيد هذه الاحزاب، التي تعمل المستحيل على التزوير وضمان صعود مرشحيها الى البرلمان، وبأي ثمن كان، لأنها أدركت فشلها وإفلاسها في الشارع العراقي، وخسارتها أكيدة في الانتخابات، اذا جرت بدون تزويرها، وهذا مايقلقها جداً، لأنها ستخسر نفوذها ووجودها في السلطة ،أمّا تنظيم داعش ،فالكاظمي يعمل بجهد عراقي فردي خجول، لمواجهة فلول التنظيم ،التي اعادت تنظيمها وتريد خلط الاوراق عليه، وتؤرقه في أكثر من محافظة ،بعد أن أصرّ خصوم الكاظمي، على طرد جهد التحالف الدولي العسكري،بقيادة أمريكا ،من الاشراف والمشاركة في محاربة التنظيم ،عن طريق الطيران الذي يشكّل قوة ماحقة يخشى منها تنظيم داعش،وطرد الجهد الهندسي للتحالف من الاشراف على طائرات الf16 ،وجعلها خارج الخدمة ، مما أحرج الكاظمي والجيش ،وجعلها وجها لوجه مع تنظيم داعش في أكثر من مكان ،وأعطى تضحيات ودماءً عزيزة من منتسبيه، في الحويجة وديالى وصلاح الدين والموصل،ومازال التنظيم الإرهابي يشكّل خطراً على محافظات، ويلعب على ورقة الانتخابات، ليشيع الفوضى في مراكز الاقتراع، ويستغّل الصراع بين الحكومة والأحزاب، وبين السلاح المنفلت، ليكون رقماً صعباً يواجهه الكاظمي في مرحلة ماقبل الإنتخابات، ثم تأتي الإنتخابات لتكون التحدّي الاخطر ،لمصير العراق،فما يضمره أعداء العراق، هو إغراق العراق في فوضى الدم، وفوضى الصراعات بين الاحزاب، ومواجهة ثورة تشرين ،التي تطالب بالإصلاح والتخلص من نير ،وظلم الاحزاب وميليشياتها،وهذا لايمكن للكاظمي مواجهته، دون ان يتطلب مساعدة أشقاء العراق ،وإدارة بايدن ومجلس الأمن الدولي، لضمان حصول التغييّر المنشود، وإبعاد العراق، عن حرب أهلية أكيدة، بين الأحزاب الخاسرة نفسها، التي لا تريد التغييروتدرك خسارتها الاكيدة،إذن العراق أمام مفترق طرق، وأمام تحولات، وحلول مستحيلة ،أحلاهما أمرّ من الحنظل،ولكن لابد من شربها ،وخوض غمارها،حفاظاً على مستقبل العراق، الذي يُراد له أن يكون تابعاً ذليلاً لايران لمئات السنين،وهذا ما يرفضه أبناء العراق كلهم ،وبكل قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم،والدليل مانراه في ثورة العراقيين على الظلم والتهميش ،والاستفراد بالسلطة لاهداف وأجندات إقليمية ودولية،أفقرت العراقيين ،وأذلتهم، وما مواكب الشهداء وحشود الجرحى ،الاّ دليل على إصرارهذا الشعب، على تصحيح مسار العراق، وإعادته الى سكته الوطنية، البعيدة عن التدخل الامريكي والخليجي والايراني،وهو مطلب اساسي لكل عراقي غيورووطني،التحدي الاكبر هو السلاح المنفلت ،الذي يريد التحكّم بالانتخابات لصالح ايران،ويشيع الفوضى في العراق، ويجعل نفسه هو (الدولة)،وهذا مايرفضه الكاظمي والشعب، ويعمل على مواجهته بكل السّبل المتاحة، وهو يستند على دعم شعبي وأمريكي بالدرجة الاولى، والاتحاد الاوروبي وبريطانيا في الدرجة الأخرى(تصريحات الخارجية الامريكية مؤخراً لدعم الكاظمي، ورفض قتل وقمع المتظاهرين –ايهاب الوزني مثالا))، وماجرى مؤخراً من إستعراض فصائل تنتمي للحشد الشعبي ،محاولة الانقلاب العسكري على الكاظمي وإزاحته، بسبب إعتقال قائد حشد الانبار قاسم مصلح،هو خطوة مفاجئة وخطيرة، أرعبت الدوائر اللامريكية والبريطانية ،وأيقنت أن مصالحها في المنطقة في مهبّ الرّيح، لذلك أسرع الاتحاد الاوروبي ،الى تهديد حكومة الكاظمي بغلق سفاراتها والرحيل من العراق، اذا لم يعالج ويقضي على السلاح المنفلت هذا، الذي لايهددّ حكومة الكاظمي فحسب، وإنما يهدّد امريكا وأوروبا أيضا، فهو عمل إستفزازي متعجّل وغير مدروس، بل وطائش،ولكنه الأخطر على مستقبل حكومة الكاظمي، منذ تسلمه السلطة، إذن هذه التحديات ، لاتشمل الكاظمي ومستقبل حكومته، ولا تستهدف الانتخابات وإجراءاتها، وإنما تستهدّف المصالح الإستراتيجية الأمريكية والاوروبية في العراق، وهذا ما لا تقبل به الدول العظمى، إضافة أن هذا الاستعراض وغيره، هو موجهٌ لىمؤتمر فيينا والمباحثات مع إيران كورقة ضغط إيرانية،حول إعادتها بالشروط الامريكية والاوربية الى الاتفاق النووي، وهو ورقة ضغط ايرانية واضحة على مجريات المؤتمر ،بعد حققت إيران نجاحاً مؤقتاً ،في تفاهماتها على رفع الحصار عنها، وتريد المزيد من خلال الضغط والتهدّيد ، وإستعراض القوة في العراق وغزة ومأرب ،نعم العراق، وليس الكاظمي وحدّه ،مَن يتعرّض الى إستهداف التقسيّم، والحرب الأهلية، وتنمّر داعش، وعودة خطره،ينفذ هذا التهديّد جهات إقليمية (ايران واذرعها )، ودولية أمريكا وحلفائها،وهما في صراع على أرض العراق، للفوز بالهيمنة والسيطرة ،على موارد ومستقبل العراق، وجعله تحت الوصايا الدولية ،والاقليمية لعصور لايعلمها الاّ الله،اذن الصراع الدولي والإقليمي في العراق على أشدّه، من نتائجه الأكيدة الفوضى الخلاقة، والحرب الاهلية،يدفع ثمنها العراقيين فقط، ويجني ثمارها الآخرون، ممّن جعلوا العراق ،لقمة سائغة ،بأفواه الغرباء وأعداء العراق،في ظلّ صمت عربي ودولي مطبق، لامبرّر له ،سوى إبقاء العراق ضعيفاً وتابعاً ،وفي صراع دائم،على الموارد والنفوذ والسلطة، وهذا مانسمّيها التحديات الكبرى أمام العراق…