23 ديسمبر، 2024 3:18 ص

حكومة الكاظمي امام التحدي الأكبر في حوار واشنطن القادم

حكومة الكاظمي امام التحدي الأكبر في حوار واشنطن القادم

يستعد العراق في قابل الايام بأرسال وفد رسمي الى واشنطن لمناقشة العلاقة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة. وقد سبق التحضيرات السيد هادي العامري، بالطلب، للسيد الكاظمي، رئيس الوزراء؛ بان على الاخير، ان يضم في تشكيلة الوفد العراقي المفاوض، اعضاء من تحالف الفتح، اضافة الى الاحتفاء بالحشد الشعبي في المحافل الامريكية. فماكان من الكاظمي الا ان قام بتعين السيد قاسم الاعرجي من تحالف الفتح على رأس مستشارية الامن الوطني، وعبد الغني الاسدي على رأس جهازالامن الوطني؛ ليتسنى لهما المشاركة في الوفد العراقي المفاوض. الى الآن والسيد الكاظمي، لم يقم باجراءات اصلاحية كبيرة وحاسمة وجذرية باستثناء السيطرة على المنافذ الحدودية. ان تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، تصطدم بالكثير من المطبات والمصدات والرؤى المختلفة بل المتناقضة بين اطراف العملية السياسية، وبين الرؤية الامريكية لهذه العلاقة. الامريكيون ليس في قاموسهم شيء اسمه الانسحاب من العراق، على الرغم من تأكديهم بانهم اذا ما طُلب العراق منهم، الانسحاب سوف ينسحبون، فيما واقع الحال او الواقع على الارض لايدعم هذا التأكيد. السيد العامري قال وفي ذات التصريح المشار له في الذي سبق من هذه السطور؛ بان على الوفد المفاوض، التأكيد على انسحاب كامل القوات الامريكية من العراق وبلا جدول انسحاب، وهو عين الصواب، فالقوات الامريكية لابد من مغادرتها ارض العراق، عاجلا وليس اجلا. لكن من المهم هنا التأكيد على الطريق الصحيح والسبيل السليم لهذا الطلب السيادي، وكيفية تهيئة هذا الطريق والسبيل، فهذا يحتاج الى الأتي:
اولا؛ ابعاد التاثيرات الاقليمية بالشكل الواقعي والموضوعي وليس فقط بالاقوال، اي ان يكون القرار عراقيا بالكامل، يأخذ في الاعتبار مصلحة العراق وسيادته واستقلاله، مع استعداد العراق ببناء علاقة من نوع ما او شراكة اقتصادية على قاعدة حاجة العراق لها، طبقا لرؤية عراقية صرفه، بما يؤكد بالملموس الى الجانب الامريكي؛ بأن القرار، قرار الشعب العراقي، وان رؤية الوفد تأتي على خلفية قرار البرلمان والحكومة والشعب..
ثانيا؛ من المهم مناقشة العلاقة مع الولايات المتحدة مع جميع اطراف العملية السياسية، من جميع الجوانب، والاتفاق على موقف ورؤية واحدة، متفق عليها، وليس بطريقة فرض الارادة السياسية على الاطراف الاخرى او اخراجهم من صيرورة الموقف الموحد بل اشراكهم في المناقشة، على تبني هذا الموقف الموحد، كي يكون القرار مستنداً، على ارض صلبة وقوية وراسخة، مما يدفع الجانب الامريكي على النزول من الشرفة المتعالية الى الارض، حيث الواقع المتبلور الجديد. (افتراضا)
ثالثا؛ ان ما ورد في ثانيا لايمكن ان يتحقق الا في حالة تهيئة الظروف الملائمة والمناسبة، التى تتكفل بازالة القلق والخشية من بقية اطراف العملية السياسية. اما كيف الوصول لهذا، فهو بالانفتاح والمشاركة، والاهم مغادرة منصة الطائفية، والوقوف بدلا منها، على منصة الوطن والمواطنة، بالشكل الحقيقي والواقعي وليس بالكلمات فقط، التى تزيد في الطين بلة على مافيه من بلل عميم. ان هذا التوجه اذا ما حدث فانه يزيل اهم هراوة يلعب بها الامريكيون بل يهددون بها، العراق على شاكلة القول؛ بان خروج القوات الامريكية سوف يقود العراق الى الفوضى والاحتراب الداخلي..متناسين ان الحرب الاهلية المقيته، حدثت والقوات الامريكية، تحتل العراق
رابعا؛ ان كل دولة على سطح كوكب الارض تبحث في الاول والاخير، عن مصالحها وليس عن مصالح اي دولة اخرى، مهما كانت علاقتها بتلك الدولة، بل احيانا وحين تكون الظروف مناسبة ومؤاتية لها؛ تستخدمها كأداة للحصول او لأنتزاع مكاسب لها، اي اداة ضغط على الولايات المتحدة.. عليه فان من مصلحة العراق ان لا يأخذ في الاعتبار الا مصلحة شعبه ووطنه، بما لايضر بدول الجوار بل يحافظ على ممرات الصداقة والجيرة، من عبث الامريكيين، بإبقاءها، سليمة وصالحة للمسار عليها..
ان ما كُتبَ في اعلاه، وللحقيقة والواقع العراقي المؤلم، ليس سواء افتراضات، نتمنى ان تتحول الى واقع يجري العمل على تأسيسه، لأنقاذ الوطن من هذه الغمة التى أتت على كل جميل فيه. ويفتح الطريق لعراق قوي ومتماسك وواحد، ينظر شعبه بآمل وثقة وأطمئنان الى المستقبل. لكن المعرقلات او الخنادق العميقة الغور، التى تعترض هذا الطريق، واسعة وعديدة، وهي بالتأكيد من صنع الولايات المتحدة، التى تلاقت وتوافقت من حيث الاهداف في نهاية المطاف مع سياسية قوى اقليمية كبرى في الجوار. الكاظمي جاء بإرادة امريكية وبضوء اخضر ايراني.( اضطرارا، تحت ضغط مصالحها في ظروفها الحالية..) فهو لم يقم حتى هذه اللحظة بما كان وقد وعد به؛ من محاسبة قتلة المتظاهرين، الى التهيئة الى انتخابات مبكرة، الى محاربة الفساد، سوى بعض الاجراءات التى تحسب له، ولكنها ليست حاسمة وجدية على طريق القيام في المبتدأ؛ باصلاحات عميقة وواسعة النطاق.. لايمكن الا وضعها في خانة الترضيات وليس احداث بداية لتحول عميق في الواقع..أما ما يخص الحوار المقبل مع الولايات المتحدة، سيتم اخراج البيان الختامي لهذا الحوار، بلغة انشائية وضبابية، تلتف على جوهر وصلب ودوافع الحوار، وبالتالي تمييع ما يتم الاتفاق عليه. في هذا اليوم واثناء كتابة هذه السطور، أعلن ما يسمى التحالف الدولي لمحاربة داعش؛ من انه اي التحالف سيعمل على تشكيل مجموعة عمل من المستشارين للعمل في العراق، للمشورة والتدريب.( اكثر من 95% من التحالف الدولي في العراق، هم امريكيون، ان هذا الاجراء، هو اجراء استباقي لما سيتمخض عنه حوار واشنطن..
في الختام، ان العالم سائر لامحالة الى عالم متعدد الاقطاب، بما يوفر فرصة بل فرص لدول العالم الثالث، ومنها العراق، مكان تحت شموس التطور في المعمورة. صحيح ان الولايات المتحدة التى غزت الوطن واحتلته، لأهداف استعمارية وليس لأي اهداف اخرى كما تروج له في الزور والبهتان، سوف، اذا ما اصرَ العراق على جلاء قواتها من ارض الوطن؛ تسبب ضررا بليغا للوطن والشعب، لكن، في المقابل ان انتزاع السيادة الكاملة والاستقلال، تستحق هذه التضحية بل اكبر منها..وأن هذا الهدف الاخير، سوف يتحقق، بصرف النظر عن الذي ستأتي به، حوارات واشنطن، ولو بعد حين، حتى وان طال هذا الحين، لكنه في النهاية سيتحقق لامحالة، بالاستناد الى تاريخ هذا الشعب العظيم، وروحه الممتلئة بالكرامة والكبرياء، واديم ارضه التى احرقت اقدام الغزاة في جميع حقب التاريخ..