الفساد مفهوم ينافي كل الأعراف السماوية و القوانين الوضعية لما يحمله من مظاهر دخيلة على المجمعات البشرية و أدوات تسعى لفرض سياستها الفاشلة ذات النزعة العدائية للمجتمع الذي تنتمي بما تتضمنه تلك السياسة من الفوضى و العبثية و سلب حقوق الآخرين و علو لغتها فوق لغة القانون وهذا ما يحتم عليها سلوك منهجية قائمة على إشاعة الفساد في مختلف الأصعدة و الميادين و أشدها فتكاً ممثلاً بالفساد السياسي وما ينطلي عليه من دمار شامل لمفاصل المجتمع و الدولة معاً وهذا ما تتجلى حقيقته في شكل حكومات العراق التي تعاقبت على إدارة دفة الأمور بعد عام 2003 و لغاية الآن فعلى مدار أكثر من ثلاثة عشر سنة و الحال من سيء إلى أسوء فالفساد السياسي استفحل في جميع مفاصل الدولة حتى غدا ينخر فيها شيئاً فشيئاً و جعلها على مشارف الهاوية فالعراق اليوم بات يواجه شبح الإفلاس المالي رغم ما يمتلكه من وفرة الخيرات و تعدد مصادرها وما رافقه من ارتفاع كبير بمعدلات البطالة بين شريحة الشباب مما أدى إلى تفاقم ألأعداد المخيفة التي تعيش تحت خط الفقر كأبرز منجزات الحكومات و أدواتها السياسية والتي بددت بفسادها و أهدرت بإفسادها الميزانيات الانفجارية التي تحلم بها شعوب المعمورة لضخامة مبالغها والتي بلغت ألألف مليار دولار فبسوء إدارة تلك الحكومات و خاصة أبان ولايتي المالكي التي بلغت فيها أسعار النفط ذروتها فذهبت تلك الأموال الطائلة إلى جيوب تلك الطغمة الفاسدة و أسيادهم في الدول الإقليمية و خاصة إيران وما جنته من سرقة من أموال العراقيين عبر أداتها المالكي الذي هرَّب لها جميع ميزانيات العراق طيلة ثمانية سنوات وهذا ما أرسى دعائم قوتها أمام العزلة الدولية وصمودها بوجه الحصار الاقتصادي المفروض عليها من قبل المجتمع الدولي ومن هنا تفشى الفساد بشتى عناوينه في مفاصل الدولة و المجتمع العراقي ولهذا نجد واقعية و صدق مطالبة المرجع الصرخي بضرورة حل تلك الحكومة الفاسدة و برلمانها الفاشل و تشكيل حكومة إنقاذ وطنية تتمتع بالمهنية و الولاء للعراق فقط جاء ذلك خلال المشروع الوطني بعنوان ( مشروع الخلاص ) في 8/6/2015 كخارطة طريق مثلى للخروج من الأزمات التي تعصف بالعراق في زمن انعدمت فيه الحلول الجذرية و التغيير الحقيقي و انتشرت فيه مبادرات الحلول الترقيعية و الإصلاحات الشكلية و المشاريع الوهمية قائلاً : ((حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد إلى أن تصل بالبلاد إلى التحرير التام وبرّ الأمان و يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن, يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية)) .فالعراقيون قد جربوا كل أشكال الحكومات الفاسدة التي لا تمتلك حظاً في السياسة و إدارتها المثالية الصحيحة فهم اليوم بين السلة و مشروع الخلاص أو الذلة بما تشهده الساحة العراقية من جملة مشاريع وهمية تسعى لهيمنة المحاصصة الحزبية و ترسيخ الطائفية المقيتة و المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين يا أبناء بلدي الجريح .http://al-hasany.news/?p=39