الفيلسوف سقراط يعتبر تحقق الدولة العادلة، من خلال تحقق ثلاثة مبادئ:
الأول_ أن تدار الدولة، من قبل مواطنين يتمتعون بالحكمة والفصاحة، أطلق
عليهم تسمية(الأوصياء).
الثاني_ تحتاج الدولة لمن يدافع عنها، (بنيتها المجتمعية ومؤسساتها
الحكومية)، ولا ينهض بهذه المهمة، إلا أكثر الرجال شجاعة وحماسة وهم(
المساعدون).
الثالث_مجموعة تتولى توفير ما تحتاجه الدولة، من أشياء وحاجيات ضرورية،
سماهم(المنتجون).
وتلك هي المنظومة المتكاملة، التي تحقق كيان الدولة الحقيقية، يرفل فيها
المواطن في فئ ظلالها، وبنيتها المجتمعية المنسجمة والمتراصة، وفق مبدأ
(تقديم الفرد لكفائته ونزاهته، وليس لنسبه أو حزبيته).
وعندما نعود للعملية السياسية العراقية، وخصوصا في ظل ما يسمى بالنظام
السياسي البرلماني الجديد القديم، ذو البعد الدي مقراطي، نجد إننا نعيش
فوضى ممنهجة، وبعيدا” عن نظرية المؤامرة( الخارجية)، إلا إن العراق
فعلا”، يرزخ تحت سلطة أحزاب، رهنت وجودها وترسيخ سلطتها، عبر بوابة
الفوضى (السلطوية)، فالمحاصصة التي يعتبرها كبار المختصين بالشأن
السياسي، إنها المثلبة والعيب الذي أضعف صيرورة بنية الدولة العراقية،
فذلك خطأ فادح وكبير، وتشخيص غير دقيق لعلة العراق، فالمحاصصة تعني
القاسم أو الرصيد الإنتخابي، أي حجم الكيان السياسي، وفق ما يحصل عليه في
العملية الإنتخابية، إذن المحاصصة هي مرتكز النظام الدي مقراطي.
أين المشكلة إذن؟ تكمن المشكلة في كون، جعل المحاصصة عامل مطلق، للأحزاب
السياسية، دون أن تقيد بقوانين، أي دون تقييد الإرادة الحزبية، من أجل
تحقيق المصلحة الوطنية، فالمحاصصة المطلقة، جعلت الأحزاب تقدم شخصيات
حزبية، هزيلة على المستوى العلمي والعملي، لتسنم منصاب سيادية وإدارية،
تفوق إمكانية تلك الشخصيات المتصدية، للمناصب الحكومية، فربحت الأحزاب
السلطة، وخسرت الدولة العراقية، طوال الخمسة عشر عام الماضية، نلمس ذلك
جليا”، في كل مفاصل المؤسسات الحكومية، فالفساد المالي والإداري، مستشري
في جسد المنظومة الحكومية، من دلالته تهاري البنى التحتية لقطاعات
الدولة، وإنعدام التخطيط الحقيقي، كان من نتاج ذذذذذذذذلك الإنعدام، غياب
السياسات الإستراتيجية، وضياع مئات المليارات من الدولارات، من خزانة
الدولة العراقية.
هذه التراكمات السلبية، جراء السياسات الخاطئة، للحكومات الحزبية
السابقة، أصبحت نماذج مرفوضة من قبل الشعب العراقي، جعلت حكومة السيد
عادل عبد المهدي، أمام تحدي خطير، لنسف تلك المظاهر الفاسدة، تبدأ من
خلال تحجيم سلطة الأحزاب، ولا يكون ذلك إلا بواسطة تقييد المحاصصة، من
أجل الحصول على الشخصيات (سقراطية)، تلك الشخصيات التي تتمييز بالنزاهة
والكفاءة، وتحمل فكرا” وطنيا” لا حزبيا”، لتعييد ترتيب أوراق الحكومة
العراقية، وفق قاعدة تغليب المصالح الوطنية، لأنه من خلال ذلك، سوف تتحقق
المصالح الحزبية والشخصية، وإن كانت بدايات تشكيل حكومة السيد عبد
المهدي، مخيبة للأمال، نتيجة وجود أسماء تحوم حولها شبهات فساد وإرهاب.
إلا إن السيد عبد المهدي، لا يزال يمتلك الفرصة، في التصحيح والمناورة،
فأما التصحيح يجب أن يكون عبر إستبعاد، الشخصيات التي حازت على ثقة
البرلمان، في الجولة الأولى، عبر بوابة السلطة القضائية وهيئة المسائلة
والعدالة، وإستقدام شخصيات تحمل معايير قانونية، تمتلك قابليات علمية
وعملية، تؤهلهم للنجاح في مهمتهم الوزارية، أما المناورة تكون في الحقائب
الوزارية المتبقية، التي تعتبر عصب الدولة العراقية، لأن رئيس مجلس
الوزراء، تحرر لحد ما من ضغوط الأحزاب السياسية، كونه تحصل على ثقة
البرلمان، لتصحيح الإعوجاج الذي حصل في إختيار الوزارات الأربعة عشر،
وإنهاء إدارة الوزارات والهيئات المستقلةب(الوكالة)، فهذا الملف أستغل
إستغلال فاحش، من قبل الحكومات السابقة، وأنتج إدارات ضعيفة ومهزوزة..
وتذكر دولة رئيس مجلس الوزراء، إنك من سيتحمل ماهية فشل الحكومة، إن سرت
بسيرة الحكومات السابقة، لأن الفشل يتيم.