8 أبريل، 2024 2:56 م
Search
Close this search box.

حكومة العبادي وداعش لتقسيم العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد عام على توزير العبادي لرئاسة الحكومة العراقية، ورغم الوعود والعهود الوهمية الكثيرة التي سوقت لعهد  جديد وبحكومة ستقوم بأصلاحات مهمة في قيادات الجيش وأعادة الأمن لمحافظات العراق ومحارية الطائفية التي أستشرت وتمددت في عهد سلفه وبوعود بأصلاح القضاء واطلاق سراح المعتقلين الأبرياء من السجون والقضاء على الفساد ،  يستيقظ الناس على مزيد من الحرائق تشتعل في بغداد والنخيب وتكريت والأنبار اضافة الى حرائق المحافظات الأخرى المتزايد اوارها ، تحصد حياة مئات الأبرياء يوميا ومئات آلآف المهجرين ، وعلى تنظيم يسمى الدولة الأسلامية يسجن بدوره الشعب العراقي ويحكمه بالظلامية والقسر ، فيما تقض الفوضى والفساد المستشريين حياة العراقيين المظلومين ,
 وبغض النظر عن محاولات العبادي الشكلية للألتزام بما وعد به في المائة يوم الأولى والتي شهدت أبعاد عشرات العسكريين الى وظائف مدنية فقط وتعيين وزير دفاع سني -لا يتوقف طائفيو العملية السياسية عن ملاحقته وتحميله التهم والصاق جرائم به- وتعيين وزير داخلية لشغل هذا المنصب الذي كان من حصة المالكي والأنفتاح على المحيط العربي،  لم يرى المواطن بعدها تغييرا في أوضاعه المعيشية أو الأمنية ، فالحقيقة التي لا يمكن انكارها هو ان الواقع بعيد جدا عن وعود رئيس الوزراء وحكومته وكل الكتل المشاركة بالعملية السياسية واحزابها ,التي حجت الى البيت الأبيض بدءا بالمالكي وانتهاءا بالنجيفي لمعرفة من يقع عليه الأختيار للحكومة القادمة أو لعرض مشاريعهم “لتحسين أداء” العملية السياسية ، التي رست على تعيين العبادي,
ومن ثم مر عام ولم تنجح الحكومة في موضوع المصالحة الوطنية الذي أستهلك من كثرة تكراره مع تشكيل كل وزارة وفي كل أزمة تمر بها العملية السياسية ولم يعد اي عراقي يصدق بها ويعتبرها تمثيلية تقدمها الحكومة بين حين وآخر لتحسين صورتها الطائفية وللتظاهر بأنها تلعب اللعبة الديمقراطية, فهل المصالحة هي مجرد بث صورة لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري مع الشيخ احمد الكبيسي ومجموعة موظفين يعملون أصلا مع الحكومة ومؤيدين للعملية السياسية ؟ أم ان الشعب ينتظر أرساء الأمن في كل العراق وأيقاف الحرب في المحافظات المطالبة بحقوقها المشروعة وأختفاء المظاهر الطائفية للحكومة والقتل والسجن على الهوية وألغاء الشحن الطائفي الذي يفاقم التوترات بين ابناء الشعب والأمتناع عن التهجير والتغيير الديموغرافي لمناطق ومحافظات معينة ؟
 أما الجيش الذي تباهى به المالكي حليفا له هو واجهزته الأمنية ، فقد أنحسر دوره مع فتوى السيستاني للجهاد الكفائي المقدس “على الظالمين” ، وفسح المجال لتغول المليشيات وأمراء حرب طائفيون وعنصريون يقودهم  قائد فيلق القدس الأيراني قاسم سليماني ومهدي العامري قائد بدر والخزعلي قائد مليشيات عصائب اهل الحق,  وقد شرعت بهذه الفتوى جرائم حرب وجرائم ضد الأنسانية وسلب وأستيلاء وتطهير طائفي وعرقي ضد أبناء الشعب كما حصل مؤخرا في تكريت وديالى والأنبار ، مما حدا بشخصيات هي من قلب العملية السياسية ومن كتلة البيت الشيعي مثل أياد علاوي الأعتراف” بضعف الجيش وفقدانه الهوية العراقية -لأنه – أصبح يمثل الطائفية” وهجوم الصحفي ابراهيم الزبيدي في مقال في موقع أيلاف على فتوى الجهاد الكفائي وأستفسار الزبيدي عن الجرائم التي تقترفها هذه الحشود متسائلا ضد من ولماذا وكيف يتعامى عنها المرجع السيستاني في وقت تدخل فيه قوات ايرانية الى العراق تفعل ما تريد , فأين وعد العبادي لمحاربة الطائفية بعد عام من تسلمه رئاسة الوزراء واعتداءات المليشيات تتزايد على ابناء الشعب الآمن دونما ردع ولا محاسبة؟ بل أنه بدلا من أتخاذ أجراءات ضد تكريس الطائفية وتزايدها بين مؤيديه ومؤيدي حزب الدعوة وما يسمى بالبيت الشيعي عموما نجده  يقدم للعراقيين كذبة وجود المندسين بين مقاتليه رغم توثيق الأحداث بالصورة والصوت لما حصل في تكريت من تدمير وسرقة على يد هوؤلاء “الجهاديين” من أتباع السيستاني؟
أما سيادة العراق التي أقسم العبادي على صيانتها وحفظها فهي “مصانة وليست مخترقة” أطلاقا رغم وجود قائد الحرس الأيراني سليماني يصول ويجول في محافظات العراق يقرر ما يشاء بتركيبة هذه المدينة وتلك وتهجير سكانها من بقائهم بتزكيه البيت الأبيض الذي لا يرى تدخلا ايرانيا في العراق ولم يشاهد ما يثبت ذلك كما صرح قبل اشهر على الفضائيات العربية ناطقه ؟
أن العبادي الذي بشر بعصر جديد لم يتخذ اي أجراء لوقف نزيف دم العراقيين -الذي يعتبر هو المسؤول الأول عن سلامتهم وامنهم باعتباره القائد العام للقوات المسلحة – لا في المحافظات الستة التي انتفضت سلميا للمطالبة بحقوقها ولا فيما يخص أستمرار التدهور الأمني في العاصمة بغداد وحماية سكانها ؟ بل شهد العراق تصعيدا خطيرا في الخطاب الحكومي الطائفي ومن قبل أحزاب العملية السياسية ، وبحجة داعش التي ظهرت فجأة وفي مدن بعينها بالتزامن مع تعيين العبادي من قبل البيت الأبيض، قصفت المدن والسكان المدنيين وزاد عدد المهجريين ومنع دخولهم الى بغداد وبعض محافظات الجنوب أذ أتهموا بأنهم حاضنة للدولة الأسلامية, والأدهى من ذلك هو أن أيا من ساسة الكتل السنية الممثلين في البرلمان لم يحتج ولم يقدم أستقالته لما يجري من أستهداف منظم وأجرام مع سبق الأصرار ضد سكان هذه المناطق ولم نسمع أحدهم دعى الى جلسة برلمانية لمناقشة ما يجري ولا سمعت أصواتهم الأحتجاجية لا على القتل والتدمير ولا على التهجير,فلماذا السكوت والصمت؟ وهل يقتصر دور البرلماني على الأجتماع والظهور في صور مع كتلته او في برنامج تلفزيوني يفضح فيه من قبض أكثر ومن تلقى رشاوى ومتهم بعمليات فساد٫هل يحق للبرلمانيين ان يتوقفوا عن عملهم ويبدؤا عطلتهم ولا يتقدموا بأي أقتراح حول بلد مشتعل في عدة مدن ويعيش حربا وتهجيرا وقتلا ؟
بمثل هذا الأداء تبدو حكومة العبادي بأنها لا تختلف عن الحكومات التي سبقتها في أدارة شؤون البلاد والعباد فهي اصلا شكلت كما سابقاتها لخدمة وتسيير مخططات الأحتلال الأمريكي مهندس العملية السياسية ,  حكومات تسويق وتنفيذ مهمات مرتبطة بادارة الأحتلال وبأجندته ووقت تنفيذها ولم تشكل للأهتمام بشؤون البلاد، لذلك يخضع أداء البرلمان والبرلمانيين على الدوام للرقابة من قبل موظفين امريكيين في قاعة مخصصة لهم في بناية البرلمان العراقي نفسه لا يحق لأي عراقي الدخول اليها ,
  فحكومة العبادي وبرلمانها هي الحكومة المكلفة بالتقسيم الذي تريد الأدارة الأمريكية تحقيقه في هذه المرحلة ، فهذه الأدارة  تعي جيدا ان عملية بمثل هذه الخطورة والحساسية ليست هينة، ولا يمكن لها فرضها من الأعلى او أصدار قانون من الكونغرس بعد التصويت عليه فقط، وهو ما فعلته قبل سنوات , فالتقسيم يحتاج الى أجماع من أبناء العراق انفسهم , كما يحتاج الى أعلام فضائيات ومواقع وصحف وأشخاص ينثون صباح مساء سموم الفتنة والأحقاد والأكاذيب المصطنعة وفتاوى دينية وفتنة يدعو لها ملاللي ومعممين مكلفين بمهمات تصب الزيت على النار كل خطبة جمعة وكل يوم لتحريض البسطاء على مواطنيهم كما في فتوى الحشد الكفائي ، يحتاج التقسيم الى تهجير والى تغيير ديمغرافي، ويحتاج التقسيم خاصة الى حروب كما مع تنظيم داعش ودماء وحرق وتمثيل بالجثث لترسيخ الهوة وملئ المشاعر بالغضب والحقد بين الناس حتى يطالبوا هم انفسهم بالأقاليم والتقسيم ويهرعوا الى تغيير اماكن سكناهم هربا من التطهير الطائفي, وهذا ما تقوم به حكومة العبادي وبرلمانها وساستها واحزابها وقواتها من عسكر وشرطة وأمن وحشود طائفية ومن قبلها حكومة المالكي طبعا , أن مهمة حكومة العبادي هي الصفحة التالية في مخططات المحتل التي بدأت معالمها تظهر مع وجود ما يسمى” بالدولة الأسلامية” المتمترسة “مؤقتا” على الحدود الموضوعة في الخطط والخرائط الأمريكية لشرق أوسط جديد لثلاث كيانات سنية وشيعية وكردية وستستمر حتى الأنتخابات الأمريكية المقبلة ، تسير في هذا الطريق مسترشدة بدعم أوباما الذي استقبل العبادي في واشنطن مكررا دعمه للعملية السياسية ولنظام المحاصصة في العراق ،ومن  بعدها أستقبل جون ماكين عددا من شيوخ ووجهاء” سنة” مطالبين بالأقاليم ، تبع ذلك  قرار الكونغرس بالسماح لتزويد السنة والأكراد اسلحة بمعزل عن بغداد والسماح للدول الأخرى مثل روسيا بتسليحهم ايضا تمهيدا للتعامل المستقبلي مع العراق على اساس كيانات مستقلة بعضها عن البعض لا علاقه لأحداها بالآخر , وما تصريح الجنرال الأمريكي جون آلن الأخير بعد لقائة وزير الدفاع مصطفي العبيدي الا أمرا واضحا بأستمرار الحرب في العراق على يد العراقيين ولسنوات  – فيما بينهم -حيث قال “ان التحالف يساعد بدعمه في مكافحة الأرهاب لكن العراقيين هم من سيقومون في نهاية المطاف بتحرير بلدهم وتأمينه ضد الارهاب، فيما شركاؤهم في التحالف الدولي سيساعدونهم لكنهم لايستطيعون في النهاية العمل بدلاً منهم على انجاز هذا الهدف” , فهل بقي شك بعد كل هذه الدماء والسنوات في طبيعة العملية السياسية كواجهة للأحتلال الأمريكي وليس عملية ديمقراطية ؟ هل هناك من يشكك في ان مهمة حكومة العبادي التي عين من أجلها هي أنجاز تقسيم العراق ؟
 أن خلاص العراق وشعبه وصيانة وحدة أراضيه وأيقاف سيول الدماء الجارية وحرائق الطائفية المشتعلة لن يكون الا بوقوف الشعب العراقي صفا واحد ويدا واحدة للتخلص من هذه العملية الأجرامية وساستها ، واجهة تقسيم العراق وتفكيكه وأقتتال شعبه، حفظ الله شعب العراق من هذه الحكومة,

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب