يوم الجمعة الماضي يختلف عن سائر الايام في بغداد، اذ تخضبت شوارع المنطقة الخضراء بدماء المتظاهرين الزكية، فقد استشهد بعضهم واصيب اكثر من 500 متظاهر بحسب الاحصاءات الرسمية من الذين يطالبون سلمياً بالخدمات والاصلاح الشامل للعملية السياسية.
استخدام العنف، وتحديداً الرصاص الحي والرصاص المطاطي لاول مرة في تاريخ الدولة العراقية ويسجل باسم حكومة العبادي يذكرنا بما تقوم به اسرائيل من قمع وارهاب ضد الفلسطينيين.
لا نبرر ولا نرضى ان يقتحم المتظاهرون الدوائر العامة، كان بالامكان الاعتصام امامها، ولكن ايضا نستنكر وبشدة القسوة والقمع المفرط والايغال بالتنكيل الذي يعبر عن عجز وليس عن قوة في مواجهة شبيبة جلهم لا تتجاوز اعمارهم العشرين عاماً.
والامر من ذلك، رئيس الوزراء لكي يداوي فعلته التي ينبغي ان يحاسب عليها لو كان لدينا مجلس نواب مثل الدول الباقية باتهامهم انهم من البعثيين والمندسين!! .
التقدير السياسي ان الحكومة استدرجت المتظاهرين الى المنطقة الخضراء لتبطش بهم وتذبحهم جهاراً نهاراً ولتريهم وجهها البشع انها مرحلة جديدة من التعامل الحكومي مع الذين يخالفونها في الرأي، تقتضي الضرورة ان نتوقف عندها ومنعها قبل ان تصبح نهجاً يعيد للبلاد الى ما تخلصت منه في عام 2003.
هذا التصرف متوقع من المتشبث بالسلطة والخائف من الاصلاح الشامل، ويتحمله رئيس الوزراء الذي سقطت شرعيته عند فعلته هذه، فهو جاء من خلال الانتخاب ويحكم على اساس الدستور ويمثل الشعب وارادته وكل هذه العناصر وغيرها تخلى عنها باطلاقه النار على المتظاهرين.
ان الخطة الحالية وما وقع كان معداً له بعد الدخول الاول للمنطقة الخضراء والاجراءات الامنية والتعزيزات العسكرية والاتهامات الباطلة للمتظاهرين ، لاسف بدلاً من ان يلجأ العبادي المتردد في اتخاذ خطوات تطمئن المواطنين وتعطيهم الامل بانه يعمل على الاستجابة لما يطالبون به، وهو في نطاق صلاحياته بيت لهم هذه الضربة الغادرة.
الان، يتضح للذين كانوا يعولون انه يمكن للعبادي وحزبه ان يعود عن المحاصصة والتفرد والانحياز الى صف الشعب بانهم على ضلال كبير ووهم ما بعده وهم.
مرة اخرى نحث القوى والكتل على اعادة النظر بالعملية السياسية وتبني الاصلاح الشامل بخطوات عملية ملموسة والسعي وبناء نظام ديمقراطي حقيقي، وذلك من خلال تشكيل حكومة انقاذ وطني ليس بالضرورة تشارك فيها كل القوى، وانما المؤمنة بالتغيير الشامل وتجاوز اخطاء الماضي ومحاربة الفساد، حكومة لفترة محددة تعد العدة للانتخابات وبناء مشروع الدولة المدنية العصرية واعادة النظر وتشريع قوانين جديدة للاحزاب وبما في ذلك الدستور لنطوي صفحات النظام الفاسد.