لا يخفى حجم العراقيل التي تتعرض لها العملية السياسية ، ومحاولة افشال اي محاولة في الاصلاح ، وهذا الامر انعكس في الحركة اليومية للاداء الحكومي ، كما انه ساهم في شل حركة الشارع العراقي ، وما تلاها من تظاهرات واعتصامات عكست تشنج الوضع السياسي بشكل عام في البلاد ، كما في الوقت ذاته لا ننكر الجهود المخلصة في البلاد والتي تحاول ان تضع مجمل الأوضاع على سكة العمل السياسي الصحيح ، لهذا سعت القوى الوطنية الى اعادة ترتيب الورقة الحكومية عبر ورقة الاصلاح التي قدمها السيد رئيس الوزراء الى مجلس النواب عبر مظروف مغلق ، سُلمت الى رئاسة البرلمان والتي هي الاخرى لم تلحظ او انها غضت الطرف عن الملاحظات المهمة حول هذه الورقة والتي يمكن إجمالها :- 1. انها ورقة لا تستند الى القانون المعمول به في الدولة ، اي انها لا تتمتع بسند الغطاء قانوني ، ولك ترسل الى مجلس النواب بكتاب رسمي ، اذ كان لابد ان تُعرف بطلب رسمي ومرفق فيه الأسباب الموجبة ، والغاية والاهداف من هذا التغيير ، كما ان الاولى ان يكون بمشاورة مجلس الوزراء نفسه ، واعلان الاصلاح والتغيير لكي ياخذ الوزراء انفسهم قرار تقييم انفسهم وإفساح المجال لغيرهم في تحمل المسؤولية . 2. طبيعة الأسماء المرسلة الى مجلس النواب ،خصوصاً وان المعروف ان ما طرحه السيد العبادي في ورقته الإصلاحية انهم تكنوقراط ومستقلون ، الامر الذي اثار استياء الشارع ، اذ بعض هولاء هم من البعثيين ومن المشمولين بقانون المساءلة والعدالة ، وكذلك بعضهم أصلاً ينتمي الى احزاب وكتل سياسية ، والبعض الاخر لا يتمتع بالكفاءة الإدارية ، او ثبت عدم كفاءته من خلال المناصب التي تقلدها في الدولة . 3. كان ينبغي بالسيد العبادي قبل طرح الأسماء عرضها على هيئة النزاهة ، واكتسابهم درجة القطعية من حيث الشهادة والنزاهة ، ليكونوا قد استوفوا كامل الشروط في الترشح . 4. هذه الورقة لم تراعي التوازن السياسي والوطني في البلاد والتي تأسست العملية السياسية عليها ، كما انها لم تراعي التوازن القومي والمناطقي ، اذ ان اغلبهم من بغداد ، فأين التنوع الديمغرافي ، والمشاركة للمكونات جميعها . 5. كان يفترض بالسيد العبادي ان يفاتح الى القوى السياسية عموماً في هذه الاصلاحات لاكتساب القوة ، والظلية السياسية ،وان يكون العمل بالتنسيق مع هذه القوى التي ستكون متسقة مع أداءه في الاصلاح اذا ما تم طرح الملف للنقاش ، وأخذت هذه القوى بإجراء التقييم المناسب على وزرائها . 6. ان عملية دمج الوزرات هو اجراء غير قانوني ، ولايتسق وطبيعة التوازنات السياسية ، والتوافق التي تأسست عليها مجمل العمل السياسي في البلاد كما أسلفنا ، خصوصاً ان تشكيل الحكومة قائم أساساً على هذا التوافق . ان عملية الاصلاح في بناء الدولة يجب ان يخضع لمعيار ورؤية حقيقية وواقعية ، وان لا تترك دون متابعة لأدق التفاصيل ، كما ينبغي ان تكون عملية التغيير شاملة لجميع المواقع والمسؤوليات وفي مقدمتها منصب رئيس الوزراء ، واستبداله بشخصية تتسم بالاستقلالية ، وتحمل رؤية وخطة متكاملة لعملية الاصلاح ، كما الاولى ان تشمل عملية الاصلاح جميع المناصب الحكومية من وكلاء وزراء ، ومدراء عامين ومسؤولي الهيئات المستقلة ، لان عملية الاصلاح لا تقف عند الوزير ،بل ان هذه المناصب تعدها الركيزة الاساسية في العمل الحكومي والتنفيذي ، وهم الأقرب الى القرار والعمل التنفيذي ، كما يجب ان يشمل الاصلاح والتغيير ( الدولة العميقة ) والتي امست متحكمة بمصير البلاد والعباد ، وُتسير الملفات وفق مصالحها ، وتحكمها بالقرار السياسي والحكومي في البلاد ، وان يكون معيار الاختيار هو المهنية والنزاهة ، وان يكون الترشح لهذه المناصب مفتوح امام الجمهور ، ووفق السياقات الإدارية الصحيحة .