عندما تكون في بلد يحكمه القانون تشعر بأمور ثلاثة، الأمان، العيش الرغيد، والاطمئنان على جميع ماتملك .
عكس الأول ترى تسود الفوضى والرعب وعدم الاطمئنان على حياتك، وكأنك تعيش في غابة يسودها الخوف والقلق، يتغلب فيها القوي على الضعيف.
التجاوز على الحقوق العامة والقانون، وخرق العادات الصحيحة التي تحكم كل منطقة بمنطقتها، وما يرافق ذلك من تبعات لا يمكن حصرها أو تميزها، بسب الانفلات الذي يرافق ارتفاع الأصوات، التي تؤكد ضرورة إعادة هيبة الدولة، وفرض سلطة القانون، على الجميع دون تمييز.
ضعف القانون العام الذي شرعته الدولة لتنظيم حياة الافراد، يقود الى جملة من النتائج والآثار السلبية، التي تعرقل سير الأمور اليومية بانسيابية تامة، فمن يضيع حقه او يسلب منه، صار يلجأ اولا الى العشيرة، ولا يعترف بالقانون المسنون لحماية الحقوق الفردية والمجتمعية..
بذلك حل العرف الاجتماعي مكانه رغم الاختلافات المتعددة، حتى أصبح اليوم القانون العشائري يتغلب على قانون الدولك، رغم اننا لانستطيع ان نحكم عليه بالنجاح أو الفشل، لكنه فشل حكومي أكبر.. ودليله هو عجزه عن الالتزام بالقانون العام وتطبيقه، كما تعكس الفشل الحكومي، في تطبيق ما تحتاجه العامة، لشيوع الامن واستقرار المجتمع، بما يمكنهم من مزاولة أعمالهم اليومية، دون مضايقة من الجماعات الخارجة عن القانون، أخذت تتوسع بنشاطاتها المشبوهة على حساب الآخرين.
غياب القانون أدى الى بروز ظاهرة الانفلات الأخلاقي، والتجاوز على الممتلكات العامة، ولهذه النتيجة نجد سائق العجلة والتكتك والدراجة، يعمل ما يحلوا له في الشارع اثناء القيادة، متجاوزا على حقوق الآخرين مربكا الشارع، بما احدثه من فوضى، وعدم التزام بقواعد السير، فلو كان القانون المروري مفعلا، بالشكل الذي يسهم بضبط إيقاع جميع التحركات، لما شاهدنا هذه الممارسات غير المناسبة..
كذالك النزاعات العشائرية التي يذهب ضحيتها العشرات، كل ذلك سببه غياب القانون الصارم، الذي يعطي كل ذي حق حقه.. كذلك عدم احترام الحيز العام، الذي يتمثل بالأماكن العامة، بضمنها الطرقات والساحات والمؤسسات التربوية والتعليمية، والأسواق وغيرها، كونها ساحة لحركة الجميع، ولا يمكن لاحد ان يستغلها على حساب أذى الآخرين، وينسى ان استخدام هذه الأماكن مشروط بجملة من القواعد، يحاسب من يخرج عنها.. لكن وكما يبدوا فالأمور تسير باتجاه مخالف للمنطق، فمن يتولى مسؤولية المحاسبة، هو من يخالف هذه القواعد والامثلة على هذه الجزئية بالتحديد كثيرة.
في الحقيقة لا يمكن لأي طرف ان يشرع ما يريده، بعيدا عن رغبة الآخر، فبهذه الشاكلة نصل الى نهاية غير محمودة، تحكمها لغة البقاء للأقوى، وليس القانون هو من يحكم الموقف، مثلما يحصل في الكثير من الدول، التي تجعل من القانون يدها الضاربة، للمخالفين والعابثين بالسلم والنظام الاجتماعي.
ليس في العراق والدول العربية فحسب هنالك حاجة لفرض القانون، بل هو ضرورة حتمية لكل المجتمعات، بما فيها التي تدعي الثقافة والرقي، فالجميع تابع ما جرى في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الاوربية، من فوضى نتيجة غياب القانون لساعات او لأيام قليلة، فتم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وظهرت ممارسات كانت غائبة خلف جدار القانون الرصين.
في جميع الدول العالم القانون هو الأداة، التي تنظم حركة الافراد، وتعاطيهم مع المحيط الذي يعيشون فيه، ويحسم الخلافات حال نشوبها، ويقوم التصرفات حال خروجها عن جادة الصواب، وغيابه يفسح المجال لظهور ما تخشى المجتمعات والسلطات، بروزه الى العلن وتعكير الصفو القائم.