(حكومتنا حفنة اصفار … والرقم فيها مسعود).
حكومة الصفقة , وبعد ان وضعت الدستور وهامش الديمقراطية والحق الأنتخابي على رفوف المؤجل, وضعت (بسطيتها) على الرصيف الأقليمي الأمريكي لبيع الوطن بالتقسيط عبر معادلة ـــ من لا يحصل على ثقة الناخب العراقي , سيحصل على ثقة الجوار الأمريكي ـــ هكذا من حصل على صفراً في الأنتخابات تضخم حجمه في التسلسل الحكومي, فأصبحت لأصفاره قيمة اهلته لأخذ موقع لا يستحقه.
حكومة الأصفار استلمت مهامها, ومعها مباركة السرب الأمريكي للجوار, السعودية اصبحت شقيقة, تركيا صديقة, الجوقة الأمريكية صفقت بأنسجام لأتمام مشروع المصالحة الوطنية, عُزل قادة عسكريون, لا نعرف لماذا ومن كانوا, وعين قادة جدد, لا نعرف لماذا ومن هم, فقط نعلم ان الأجراءات لاقت استحسان ومباركة القطيع الأمريكي ومن ضمنها اسرائيل, كانت طلقة محشوة كغيرها في مخزن (شاجور) الصفقة, اطلقها رجل المرحلة سماحة المجاهد حيدر العبادي, حدث هذا وحكومة الأصفار لم تثبت ما مقداره 1 % من كفائتها ونزاهتها وقدر متواضع من وطنيتها ناهيك عن ضرورة وجودها, وبعد كل خطوة صفقوية تقترب من حضيضها.
اربيل عاصمة العملية السياسية وبيضة قبان الصفقات, اذلت المستحيلات الوطنية عبر وزارتيها للنفط والمالية وفخامة معصومها السامي وشهادات زور صغار عرب المكونين الشيعي السني ثم مباركة “ثلثين الحچي مغطه” , فأحتفظت دولة الأقليم بالذي استولت عليه, ارض وثروات وسلطة, وفرضت على اقليم الدولة وحكومة اصفارها صفقات استسلام نوعية غير مسبوقة, ستفتح شهيتها جنوباً, حيث سماحات الشركاء في مشروع التقسيم الجاهز.
العراق على طاولة الصفقة المستديرة, ينزف دستوره وديمقراطيته ومجانية ثرواته, بالوعة التجهيل والتغبية والأستغفال, تسحب الملايين بعيداً عن عورة الصفقة, المواطن العراقي البريء الا من حماقات جهله, مشغول بهلوسات احقاده على شقيق لا يقل عنه هلوسة, لا يسأل: ان كان هناك ثمة مشتركات غير البؤس والمعاناة والتخلف تجمعه مع شقيقه الآخر, ثم من اي منفذ تُهرب ثروات وطنه وارزاقه… من شرقه من شماله, ام عبر طرق رسمية العبور غرباً لتستقر ناطحات سحاب في دبي واخواتها..؟؟؟ .
حكومة الأصفار تخلع سترها وتمنح اشيائها قطعة… قطعة.. كثر الذهاب والأياب للشقيقة السعودية والصديقة تركيا, والأبواب مفتوحة على شرقها, يرافق ذلك, الأقامة الدائمية لجنرالات الخالة امريكا, المهم بالنسبة للملايين المغيبة, ان يحظى الأمر بمباركة المراجع العظام, لا بأس ما دام العراق وليمة دسمة, فضلاتها تسد رمقهم.
احد عشر اعاماً والعراقيون منقسمون الى ثلاث, الأول مكبوساً داخل زجاجة مسعود البرزاني وقيادات الهوس القومي, الثاني مكبوساً داخل زجاجة الدواعش البعثية, والثالث مكبوساً داخل زجاجة السماحات, اسفي لمن دخلوا الزجاجات واستحسنوا دفيء العبودية من داخلها, فأصبحت الحرية من خارجها برد لا يُحتمل زمهريره, واسفي لمن لا يفكر بكسر زجاجتة ليستنشق ذاته من خارجها – العراقيون كانوا نسوراً, تعودوا الجلوس في الأقفاص , فنسوا التحليق في الأعالي-.
كم تمزقت حناجر البعض صراخاً برفض نظام التحاصص والتوافقات, وعندما توفرت فرصة تشكيل حكومة الأغلبية البرلمانية, كمخرج كما هو معمول به في التجارب الديمقراطية الناجحة, استنفر الفرقاء وتراجع المدعون وازدحمت شعارات المقبولية والفريق القوي والشراكة الحقيقية وتوافق الكتل (الوطنية!!) وتورمت المساومات بفائض الشعارات والخطب والمواعظ, كسبت مقبولية قطاع الطرق رضا الجوار وامريكا ولصوص العملية السياسية, واصبحت النسخة الأصلية لمقبولية الشارع العراقي غير ذات اهمية, وثقة واصوات ــ ولد الخايبة ــ مجرد مسروقات قديمة و”البات فات”.
حكومة الأصفار للصفقة الأخيرة, قد تمرر جزءً من التزاماتها ازاء المشبوه من المشاريع المكلفة بأنجازها, وقد تنجح نسبياً في بعض بهلوانياتها الأعلامية, او تدفع قسماً من اقساط الصفقة, لكنها ستصطدم بمصالح العراقيين ومستقبل اجيالهم, وستجد نفسها مضطرة لمواجهة حريات المجتمع وعنفوان الكرامة وقيم العدل, فيضيق طريقها وتختنق في نهايته في وقت يصبح فيه الوطن مسلحاً بطاقات اهله, وستجد الحركة الجماهيرية طريقها الى بعضها, المكون الشيعي يعود عراقي والمكون السني ايضاً, وكذلك المكونات الآخرى, ويصبح جسد الأمة العراقية معافاً بمكوناته, لا يشكو اعراض الفرقة والتمزق, الدولة العراقية المدنية, بقوانينها وعدلها ووطنيتها, قادرة على اصلاح مواضع ضعفها, واعادة العقل الى رأس من فقدوه, وتهذيب السلوك المجتمعي للمكونات القومية والدينية وتصبح الطوائف والأعراق نقية الضمائر سليمة النوايا حسنة السلوك مع بعضها ويعم الصدق والأخاء ورغبة التعايش الطوعي المشترك.
قناعتي : ان المحنة الموجعة التي تعرضت لها مكونات الأمة العراقية, قد افرزت حالة وعي, يراجع فيها المواطن كامل تجربته المريرة ومأزقه الأمر, القناعات الوطنية, تجد بيئتها من داخل المشتركات, فمن كانت هويته الفرعية طائفية او مناطقية, سنية كانت ام شيعية او اي مكون آخر, سيدرك ان العراق انتماءه وهويته الرئيسية, اما الشقيق الكردي, وحتى يتأقلم يحتاج الى جهد استثنائي ووقت اضافي ليتحرر من خارجه, هذا اذا لم يرتجل حماقة الأنفصال قبل نضوجها السلمي, وفي جميع الحالات, تبقى قلوب العراقيين وابواب وطنهم مفتوحة لمن يتعلم الدرس, الكراهية والقطيعة بين الشركاء ليست طريقاً آمناً, كما انها ليس حلاً وطنياً, وسياسة الخذلان والوقيعة هوة يقع فيها من كثّر (مساحيها) , كما نأمل من الأخوة, الا يتركوا في الذاكرة العراقية جرحاً لا علاج له, كما هو عليه الآن.