23 ديسمبر، 2024 9:30 م

حكومة ألأغلبية الطائفية

حكومة ألأغلبية الطائفية

بعد فشل الرئيس جلال طالباني (كما أكدنا في مقالنا السابق)، في إقناع رؤساء الكتل المتصارعة على المناصب والمغانم والسلطة والجاه،على عقد المؤتمر الوطني وحل الأزمات (بسلة واحدة)،كما يصرحون دائما ، مع تصاعد ملموس في حدة الصراع بين كتلة التحالف الكردستاني ابرز خصوم المالكي  والكتلة العراقية من جهة وبين التحالف الوطني (دولة القانون تحديدا)من جهة أخرى    ،وبروز خلاف وانتقاد من مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري لرئيس الوزراء نوري المالكي وحكومته بشكل غير مسبوق بين الطرفين(تعودنا على مثل هكذا انتقادات وتهديدات فارغة لا قيمة لها )،ولكن (القوانة ) الجديدة التي ظهرت من ضلع تلك الأزمات وردا على دعوة طالباني لعقد المؤتمر الوطني الذي ولد ميتا ،ظهرت قوانة حكومة الأغلبية ،بمعنى أغلبية من داخل البرلمان يقودها التحالف الوطني تقوم بتشكيل هذه الحكومة التي ستواجه خصومها من الكتل الأخرى وهي(كتلة التحالف وكتلة القائمة العراقية)،وتقصيها عن المشهد الحكومي، والتي ستقوم حتما على أسس طائفية بحتة، حيث يتداول الشارع العراقي أن كتلة الحوار التي يتزعمها صالح المطلك وكتلة العراقية البيضاء التي يتزعمها قتيبة الجبوري ومعهم محافظ صلاح الدين احمد عبد الله ستنظمون الى ائتلاف دولة القانون لتشكيل حكومة الأغلبية مع كتل أخرى منها الفضيلة وقسم من التيار الصدري ،إذن هي حكومة أغلبية طائفية بامتياز،وليذهب المؤتمر الوطني الذي  انتظرته الكتل الأخرى   منذ أربعة أشهر والذي دعا له طالباني من مشفاه الى الجحيم ، فهل ستنجح حكومة الأغلبية هذه ،أم إنها الشرارة التي ستفجر الوضع الأمني والسياسي وتزيد الطين بلة وتضفي عليه خراب على خراب ونتجه الى الحرب الأهلية والهاوية التي بشر بها مسعود بارزاني قبل شهرين،المؤشرات على الأرض تتجه الى مزيد من التصعيد الخطير منها ،ازدياد حدة التوتر واللاعودة بين التحالف الكردستاني ودولة القانون (تصعيد سياسي وعسكري –عمليات دجلة وغيرها)،وفشل المباحثات التي قادها برهم صالح بوفد كردي في بغداد،ومحاولات ممثل الأمم المتحدة مارتن كوبلر واجتماعه مع بارزاني في اربيل والمالكي في بغداد دون التوصل الى نتائج وحلول بين الطرفين ودخل على الخط طالباني بنفسه لنفس الغرض وزار اربيل لساعة واحدة دون نتيجة حاسمة ،في وقت يشهد الوضع الأمني انهيارا واضحا نتيجة توالد الأزمات البلا حلول ،وتدخلات دول الجوار السيئ في الشؤون الداخلية للعراق ومنها زيارة مسؤلين إيرانيين كبار وفي مقدمتهم زيارة احمدي نجاد الحالية لبغداد، والتي واجهت رفضا عراقيا شعبيا وبرلمانيا واسعا ،حيث يرفض غالبية العراقيين مثل هذه الزيارات المشبوهة ،والغير مرغوب فيها ،لأنها تزيد الدماء في شوارع العراق بكواتم الصوت الإيرانية الصنع والتنفيذ،في هذا الجو المشحون بالدم والوضع الأمني السيئ والخدمي المنهار ،والفساد الأسطوري في أجهزة ووزارات الحكومة كافة، تبرز دعوة وإصرار دولة القانون الى الذهاب الى حكومة أغلبية طائفية في محاولة أخرى للتسويف والتملص من استحقاقات اتفاقية اربيل والنجف للوصول الى نهاية مدة دورة الحكومة مع إبقاء حكومة ناقصة في وزارات الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية ومسك الملف الأمني بقبضة من حديد حتى انتهاء عمر الحكومة ،وهو الهدف المركزي لحكومة المالكي والحزب الحاكم ،تمهيدا لدورة ثالثة في الحكم ،(السيطرة على البنك المركزي ومفوضية الانتخابات والأجهزة الأمنية الحساسة ووزارتا الدفاع والداخلية وغيرها)،وبهذا تكون حاجة التحالف الوطني الى حكومة الأغلبية حاجة ماسة ،وليذهب الآخرون الى الجحيم ،لهذا كشف زعيم التيار الصدري بهجومه على حكومة المالكي( إنها حكومة فاشلة وتريد تسويف عقد المؤتمر الوطني والتفرد بالسلطة وخلق دكتاتورية جديدة)،هذا الرفض من زعيم تيار مهم داخل التحالف الوطني يعني الكثير وهي شهادة خطيرة وكشف واضح لأهداف واضحة ،ولكن تأتي أهميتها من إنها من داخل البيت الشيعي الذي أسسه احمد الجلبي نفسه وهو يعاني من تبعاته السياسية وتهميش الآخرين له وإقصاؤه من المشهد السياسي ،فأين ورقة الإصلاح (سميناها أكذوبة الإصلاح في وقتها)،والتي نفاها جملة وتفصيلا زعيم وأعضاء التيار الصدري،وقالوا( إنها كذبة لا تنطلي على احد)،فلا ورقة ولا إصلاح بل حكومة أغلبية طائفية يرفضها التيار الصدري والتحالف الكردستاني والعراقية ،لهذا سيفشل التصويت عليها في البرلمان حتما،وتبقى تلوح بها وتهدد بها حكومة المالكي ودولة القانون لتخيف خصومها وتبتزهم سياسيا وتشق كتلهم في البرلمان ،فهي ورقة ضغط لا غير ،أما التصعيد الحكومي والسياسي لدولة القانون مع الكتل الأخرى فهو محاولة مفضوحة لتعقيد الوضع وإرباكه سياسيا وامنيا ،لخلق أزمات جديدة بلا نهايات وحلول ،حتى أن احد أعضاء التحالف الكردستاني سمى حكومة المالكي ب(حكومة الأزمات)،لهذا نقول أن دعوة التحالف الوطني ودولة القانون الى تشكيل حكومة أغلبية هي دعوة فيه استفزاز وتهديد لخصومهم في العملية السياسية غرضها الابتزاز السياسي لا غير وهم يدركون إنها دعوة فاشلة  ،الغرض منها ايضا كسب الوقت المتبقي من عمر الحكومة،  فهل يدرك الآخرون هذه اللعبة ،أم سيبلعون الطعم ويتفجر الوضع الأمني الى أقصاه ،وهذا ما يريده خصمهم في الوقت الحالي ويتمناه،ويعلمون أن المنطقة تشهد تغييرات دراماتيكية ستنعكس حتما على الوضع في العراق ،وهذا ما يخشاه كل أركان العملية السياسية العرجاء من أحزاب وكتل نصبها المحتل الأمريكي لحكم العراق……..