18 ديسمبر، 2024 8:40 م

حكومة ( أردوغان ) رضخت لأطماع

حكومة ( أردوغان ) رضخت لأطماع

إستعمارية توارثتها من العثمانيين .!.
الأتراك لا يمكنهم التعامل مع الوضع الراهن في العراق بمعزل عن مجمل إرتباطات السياسة التركية في الداخل والخارج .. فالعراق يبقى الساحة الأهم والدولة الأثقل بين كل دول المنطقة ، وهذا ما لم يحسب له أردوغان وحزبه الحساب الصحيح .. الأمريكان تورطوا قبل الاتراك ومدوا ذراع تدخلهم وإعتقدوا أن الأمور حسمت لصالحهم وتصافحوا مع حلفائهم وهم ينهون حقبة سياسية إستمرت خمسة وثلاثين عاما متناسين بتعمد نتائج هذا التدخل وتأثيره على قوى الصراع في الشرق الأوسط وحدوث خلل كبير في توازن القوى بعد سيطرة الإيرانيين على المنفذ المصدر لثلثي نفط العالم وتربعها على طرق مرور الرحلات البترولية من الخليج ومرورا بمضيق هرمز ومحاولتهم السيطرة على باب المندب في اليمن !
تلك الخريطة الجديدة دفعت أمريكا للعودة إلى المنطقة بحجج شتى، كان أبرزها مساعدة دول المنطقة وتحديدا العراق في مكافحة الإرهاب وتمدد العقيدة الداعشية داخل أهم الدول الحليفة لها معتمدة على إتفاقاتها التاريخية مع تركيا ودول الخليج العربي والأردن لتطويق أي إمتداد قد يهدد المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة مستقبلا.. لكن الأمريكان تفاجأوا بظهور بوادر تخبط وسوء تخطيط في تعامل الحكومة التركية مع ما يحدث من دوامة لصراع مرير وحرب طويلة كان للأتراك دور سلبي فيما كان ينتظر منهم من إنحياز تام للموقف المعلن وغير المعلن .. الأتراك تحولوا إلى مراقبين تعمدوا عدم التدخل وهم يرون آلاف المقاتلين من دول العالم يتدفقون عبر موانئهم البرية والبحرية والجوية للقتال في سوريا وفتح أبواب مدنهم للتدريب والدعم ولم يحسبوا أن المسافة بين تركيا وسوريا والعراق قريبة جدا وأن ما يحدث في سوريا لابد وأن يؤثر على الوضع في العراق وتركيا .. حكومة أردوغان رضخت لأطماع إستعمارية توارثتها من العثمانيين لم تنفع معها المتغيرات العقائدية والمتغيرات السياسية في العالم بين الحربين العالميتين الأولى والثانية! لذلك ظل الأتراك يتعمدون تناسي مشاكل بلدهم وتأجيج الصراعات والحروب في دول الجوار وبخاصة العراق كي يسهل الأمر لهم في بسط نفوذهم وسيطرتهم أو على الأقل تأثيرهم على موقف الحكومة العراقية.. بمعنى أوضح الأتراك حسموا أمر المطالبة بالإسكندرونة كمدينة سورية إحتلتها تركيا منذ قرن بعد تكميم أفواه جميع الأصوات المطالبة بعودتها إلى سوريا .. أما في العراق فالوضع مختلف تماما فأردوغان لم ينتبه إلى تناقض وإختلاف الوضع والظروف بين سوريا والعراق وإستمر في محاولاته المستميتة وبشتى الأساليب لعودة العثمانيين إلى العراق !
من بوابة الموصل مثلا ودفعه لقوات عسكرية إلى بعشيقة والتهيؤ لقضم حصته من الغنيمة .. أو السيطرة التامة على حركة العبور المتبادل لملايين العراقيين والسوريين وإمكانية السيطرة على إندفاعهم لتغيير الوضع السياسي في العراق في الوقت الذي تختاره تركيا .. أو بالتلميح الكاذب والإستعراضي بأن تركيا مع التحالف الدولي في حربه ضد الإرهابيين .. وغيرها من القرارات غير المستقرة والعائمة والتي أدت بلا أدنى شك إلى إثارة حفيظة الروس وهم يرون حليفا مفترضا يقفز خلف ظهورهم وبين الأمريكيين بعد إن أيقن البيت الأبيض أن أردوغان لا يمكن الثقة به كحليف ستراتيجي !
عليه بدأ الأمريكيون بسحب البساط تدريجيا تحت أقدام أردوغان فرفعوا بوجهه بطاقة المحاولة الإنقلابية وبدأوا بتقارب يعده الأتراك مرعبا حين وضعت الولايات المتحدة معركة الموصل ساحة لتفاهم سري وتحالف مع إيران سيقلب المناضد فوق الرؤوس كما يصفه أحد متحدثي السياسة الأمريكية .. تركيا أمام خيار واحد لا غير وهو العودة إلى الإستماع لأوامر الكبار وليس المشاركة فيها كما يحلم رجب طيب أردوغان بعودة العثمانيين من نافذة أتاتورك! لذلك بدأ الأتراك منذ أيام قلائل بتغيير جذري وإنقلاب غير متوقع على السياسة التركية بدأها أردوغان بالإستماع جيدا لما يمليه عليه الروس وتنفيذ أوامر واشنطن بلا إعتراض .. ومنها بدء أردوغان زيارة رسمية غير متوقعة للعراق بطلب منه !!
ولله الأمر