23 ديسمبر، 2024 6:06 ص

حكومات العراق.. الملكية والجمهورية!

حكومات العراق.. الملكية والجمهورية!

توالى على كرسيّ رئاسة وزراء العراق منذ العهد الملكيّ وحتّى الساعة عشرات الرؤساء، واختلفوا من حيث قدرتهم على إدارة البلاد ما بين المميّز، والجيّد، والضعيف، والهشّ، والفاشل.
وبعد الاحتلال البريطانيّ للعراق، وتحديداً في 19 تشرين الأوّل 1922م أصدر الملك فيصل الأوّل أمراً بتشكيل المجلس التأسيسيّ، واختير عبد الرحمن النقيب كأوّل رئيس للوزراء في المملكة!
ثمّ توالت حكومات عبد المحسن السعدون، وجعفر العسكري، وياسين الهاشمي، وتوفيق السويدي، وناجي السويدي، ثمّ نوري السعيد.
وبعد العام 1932 وتخلص العراق من الانتداب البريطانيّ، شكّل ناجي شوكت أوّل حكومة في زمن الاستقلال، ثمّ خلفه رشيد عالي الكيلاني، وجميل المدفعي، وبعدهما أكثر من (30) رئيساً للوزراء إلى أن وصلت لحكومة أحمد مختار بابان التي استمرّت لأقلّ من شهرين لسقوطها بالانقلاب العسكريّ لعبد الكريم قاسم في 14 تمّوز/ يوليو 1958، ويومها تمّ قتل الملك فيصل الثاني، والأمير عبد الإله، ومعهما نوري السعيد، وتمّ إعلان قيام الجمهوريّة العراقيّة وانتهاء الملكيّة.
بقي قاسم رئيساً للوزراء حتّى مقتله في شباط/ فبراير 1963، بانقلاب عسكريّ، ونُفِّذ حكم الإعدام به في مبنى التلفزيون.
وبعد العام 1963 تولّى أحمد حسن البكر (رئيس العراق بعد العام 1968) منصب رئاسة الوزراء لتسعة أشهر تقريباً، ثمّ جِيء بطاهر يحيى في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963، وبعده تَسلّم المنصب أكثر من أربع شخصيّات، وأُطيح بوزارة ” طاهر يحيى” الثانية بعد انقلاب حزب البعث في 17 تمّوز/ يوليو 1968!
وبعد ثورة تمّوز تسلّم عبد الرزاق النايف الرئاسة لأقلّ من أسبوعين، وأطيح به في الثلاثين من تمّوز/ يوليو، وحينها تسنّم البكر الرئاسة الجمهوريّة والوزراء حتّى تنازله لصدام حسين في تمّوز/ يوليو 1979.
بقي صدام في المنصبين لغاية 23 آذار/ مارس 1991، ويومها مُنحت رئاسة الوزراء لسعدون حمادي، وبعده لمحمد الزبيدي، ثمّ لأحمد السامرائي إلى أن عادت لصدام ثانية في 29 أيّار/ مايو 1994، وبقيت بيده إلى احتلال العراق في التاسع من نيسان/ أبريل 2003.
وبعد الاحتلال كانت رئاسات الحكومة على النحو الآتي:
أياد علاوي: تسلّم الحكم في الأوّل من حزيران/ يونيو 2004 إلى الثالث من أيّار/ مايو 2005.
إبراهيم الجعفري، زعيم حزب الدعوة الإسلاميّة حينها: تسلّم الرئاسة من 3 أيّار/ مايو 2005 حتّى 20 أيّار/ مايو 2006.
نوري المالكي، انتخب زعيماً حزب الدعوة في العام 2007 خلفاً للجعفري: تسنّم المنصب في 20 أيّار/ مايو 2006، واضطرّ لتركه في 8 أيلول/ سبتمبر 2014، وتعدّ مرحلته من أقسى المراحل.
حيدر العبادي، (مسؤول المكتب السياسيّ في حزب الدعوة): رشّحه المالكي لخلافته في 8 أيلول/ سبتمبر 2014 وبقي لغاية 25 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2018.
عادل عبد المهدي: تمّ الاتّفاق على ترشيحه في 25 تشرين الأوّل 2018، واضطر، تحت ضغط المظاهرات، للاستقالة بداية كانون الأوّل/ ديسمبر 2019!
بعدها تمّ تكليف محمد علاوي ثمّ عدنان الزرفي، وكلاهما فشلا في الحصول على (مباركة القوى الحاكمة)!
وقبل أقلّ من شهر كُلّف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة، وربّما، ستمرّر حكومته خلال الأسبوع القادم.
الذي يعنينا من هذا التسلسل الزمنيّ لرئاسات الوزراء منذ العام 1922 هي مرحلة ما بعد العام 2003، والتي تميّزت بالآتي:
جميع الرؤساء من (شيعة الحكم)، وهذا خلاف الدستور الذي يُحارب الطائفيّة والمذهبيّة.
جميعهم فشلوا في بناء دولة المواطنة وتقديم الخدمات للمواطنين!
غالبيّتهم مَسكوا الحُكم بروح انتقاميّة قاتلة، سحقت الإنسان والمدن والحياة.
غالبيّتهم عمّروا السجون والمعتقلات، وازدهرت في مراحل حكمهم عصابات القتل والجريمة المنظّمة بحجّة محاربة الإرهاب.
جميعهم بَذّروا موازنات العراق، وسحقوا الاقتصاد، ولم يبنوا أيّ مشاريع تنمويّة واضحة!
وبالمجمل يمكن القول إنّ مراحل حكومات حزب الدعوة (أكثر من 14 عاماً) كانت الأقسى على المخالفين لها، وكانت تهديدات المالكي تُبثّ علانية عبر الإعلام، وكانت حصيلتها تَسيّد المليشيات والقوى الإرهابيّة، والتي خلّفت مئات آلاف القتلى والجرحى والمعوّقين، وملايين المهجرين!
ومع هذا السرد التاريخيّ ينبغي البيان بأنّ مشكلة العراق الجوهريّة ليست في منْ سيكون رئيساً للوزراء ولكنّ المعضلة تتمثّل في ولاء ذلك المسؤول للوطن!
العراق بحاجة لشخصيّة وطنيّة مستقلّة تحبّ الوطن والناس، ولديها برنامج وطنيّ جادّ وواقعيّ، وسياسته صارمة مع المتورّطين بالدم والسلاح والفساد، وإلا فإنّ الحال لن يتغيّر بمجرّد تبديل الوجوه!