23 ديسمبر، 2024 3:29 م

حكومات التغيير 0.0001%…تحت المرصاد

حكومات التغيير 0.0001%…تحت المرصاد

إن الأحداث الكبيرة المتسارعة التي طرقت أبواب مجمل البلدان العربية  ابتداءً من أبوابه المشرقية إلى أبوابه المغربية مع ما تحمله في جعبتها من انعطافات وتبدلات بأنظمة الحكم فيها. بدأت الخارطة العربية بالتغير وفق تلك المعطيات والتيارات الجيوسياسية الجديدة الصاعدة مما أدى إلى ظهور ثورات (مزعومة ) وانقلابات و صراعات أشدها هولا ً تلك الهجمات الدولية الشرسة التي تعرضت لها كل من سوريا والعراق أخيرا حتى تطايرت واختلطت الأوراق فيها  وضاع الحابل بالنابل وأمسينا نحصد الموت ونحصي الأرواح أما بالذبح على الطريقة  الداعشية أو بالتكنلوجيا  الحربية وأشكاله الأخرى على الطريقة الأمريكية ….

من الملاحظ جدا إن كل  محاولات التغير لا تأتي إلا بواسطة الأيعازات الأمريكية ولا تطبق أيضا إلا بواسطة الأصابع الأمريكية بمساندة أيدي حلفائها المتحالفين غير المتصافحين وهذا يعني إن عواصف التغيير تهب وفقا للمصالح الاستعمارية ودليل ذلك :

ربيع التغيير المزعزم في تونس كاد أن لا يتحقق أبدا لولا ظهور التيار السلفي هناك ليمسك بزمام الأمور بعد ذلك ويتكفل بحماية وتنفيذ أهداف المشروع الاستعماري الجديد من خلال الدور الرائد الذي لعبوه في قيادة وتنظيم الخط السلفي .. .أما ربيع ليبيا فساحاته الخضراء لا تخلو أبدا من الصراعات الداوية بين الميلشيات المسلحة والحكومة ونفس الحال في اليمن فالصراعات المسلحة على أوجها بين الحوثيين المدعومين إيرانيا والسلفيين التكفيريين المدعومين  سعوديا وأمريكيا من جهة أخرى سيناريو الربيع هذا قد تكرر في مصر أيضا, بعد التغير وعند وصول مرسي  وجماعته الأخوان المتأسلمين  إلى دفة الحكم  لولا إرادة الشعب المصري الوطنية وقيادته العسكرية الشجاعة لأصبحت أرض الكنانة تحت الانتداب الإخواني والسلفي الأمريكي حتى هذه اللحظة !! ..

أما مناطق الشرق الأوسط هي الهدف  الأول والأخير والمنشود الذي يسعون في الوصول إليه في آخر فترة الربيع  في مرحلة قطف الثمار هناك , وبعد ضمان عدم وجود خط دفاع  قومي عربي مشترك يدافع عن وحدة الأراضي الشرق أوسطية وهذا ما سيسهل من مهمة الربيع الاستعماري ليبقى تيار المقاومة الإسلامية وحيدا . آملين أن يقطعوا دابر الأمددات  العسكرية واللوجستية عليه من إيران عبر العراق وسوريا إلى مركزها لبنان حيث صواريخ حزب الله  واقفة لهم في المرصاد وهذا ما يفزعهم دائما  فذاكرة حرب تموز 2006 ليست بعيدة ,

إن هجوم داعش على العراق وبسط سيطرتهم على صلاح الدين كونها تقع في قلب الخط الإستراتيجي بين إيران وسوريا … واتخاذ الموصل عاصمة لهم كونها تحتل موقع إستراتيجي مهم حيت تشكل ذيل الإقليم الشمالي ومعلم حضاري مهم وإرث ثقافي متنوع عرقا ودينا حيث تحتوي على  20 ألف سني  والبقية الباقية أقليات مسيحية ويزيدية وشبك وصابئة .مما  يشير ذلك إلى عمق مشروع الربيع الريعي الاستعماري الذي يرومون إنشاءه . ولإن موصل كما حلب معشوقة تركيا بالذات هذا سيساهم كثيرا على جر أرجل الأتراك إلى بيت الطاعة الأمريكي الأبيض ويتشاركوا معهم الأهداف والمصالح من ذلك ويتقاسموا معهم مكاسب الريع النفطي المصدر كرديا حيث تشير المصادر إلى أن إيرادات ذلك النفط قد ضربت أرقاما عالية جدا في البنوك التركية . ومنها أيضا لتثبيت ركائز ودعائم تركيا المتخلخلة  تجاه الدولة الكرية المستقلة التي يريد الكيان الإسرائيلي إقامتها في العراق  ,من أجل استغلال موقعها لكبح جامح شهوات إيران النووية وصد تحركاتهم الجيوسياسية الداعمة لمحور المقاومة الإسلامية المناوئة لإسرائيل لا سيما وتلك الدولة المراد أنشاؤها تضم أكراد من بلدان استيراتيجية  متنازع عليها استعماريا (17  مليون فارسي + 20 مليون تركي +4 مليون سوري + 6 مليون عراقي ) هذا بحد ذاته سيشكل بقعة أرض وجيب ساخن ومشتعل مما يستيح لإسرائيل السيطرة عليها  اقتصاديا وسياسيا .. لذلك نرى أمريكا وتحالفها قد دخلت جوا بعد ذبح الصحفيين الأمريكيين  في العراق وتحرير الرهائن الأربعين الأتراك المخطوفين ..ليتمكنوا من فرش بساط التدخل التركي العسكري لان الأخير قد امتنع عن الالتحاق بركب التحالف العسكري والتدخل بحجة الخوف على حياة الرهائن المحتجزين وإنهم لا يرغبون المشاركة  إلا برا .

لذلك على الزعماء والساسة الجدد في منطقة العربي  أن لا يفرحوا كثيرا بالتغيير وليتفاءلوا بحذر كبير لان أمريكا وحلفاؤها مترصدين ومترقبين لكم كما فعلوا بالذين قبلكم فأي زعيم أو حاكم ينفرد ويستقل بقراره سيعيق عليهم مشاريعهم ويخرج عن الطاعة سيقلبون عليه الطاولة ويرفسون كرسيه خارجا وأقرب مثال لذلك ما فعلوه  مع السيد المالكي لست بصدد الدفاع الشخصي عنه أبدا والرجل عليه ملاحظات ومؤاخذات كثيرة لكنني أتكلم من وجهة النظر الأمريكية فقد أرادوا إزاحة الغصة المالكية العالقة من حنجرة الحكم  حتى ولو عن طريق داعش التي تركوها تزحف نحو بغداد مع نقض  العهود والعقود والاتفاقيات الأمنية  المعول بها بين البلدين لمجرد إنه وقف بوجه مشروع الإنفصال الكردي والتهريب النفطي .  لذلك معظم حكومات التغيير الحديثة نراها منشغلة فقط بكسب ونيل ود ورضا السيد الأمريكي ومعه الدول الاستعمارية  لضمان البقاء . وأخيرا لا يسعني إلا أن أوجه الشكر والتقدير لكل الشعوب الصامدة والتي ناضلت لإجل التغير ولم تحصد غير الخراب والانقسام والموت لذلك أرجوا من الشعوب  العربية أن لا تأمل  وتعول على رياح التغير القادمة من الاستعمار الغربي   …(وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) … لذلك نترك الحل للشاطر أللذي يفسر زين  منيح ويفهم كيف وليش  وشلون ..