عندما كنا شبابا ، ومنذ فترة ليست بالقصيرة ، كنا نقرأ عن اليمين واليسار في الاسلام . وقد تأثرنا بالافكار اليسارية للمسلمين الاوائل ، مثل ابو ذر الغفاري وسلمان المحمدي وحبيب بن مظاهر ، وغيرهم حتى اوشك ان يرتبط الفكر الشيعي باليسار واليسارية ، وكنا مع كل الثورات اليسارية او هكذا كان يحلو لنا ان نسميها ضد الظلم على مر التاريخ . كما اعجبنا بجرأة المفكر علي شريعتي المتوفي غيلة عام ١-;-٩-;-٧-;-٧-;- في ايران ، والذي ربط التشيع باليسار حتى قال بأن كل نص قرآني به لفظ الله يعني الشعب ، لان الله مع الشعب ضد الاستبداد والاستغلال . . وفي الانتفاضة الشعبانية كنا نقف في رأس الشارع ننتظر سقوط صدام على ايدي الثوار . وبقينا نحلم بالثورة التي لم تأتي ابدا ، وبدلا منها جاء الامريكان ومعهم الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية . ومع ذلك قلنا ان الفكر التشيعي لا بد ان يستمر باتجاه الدولة العادلة التي تنصف كل المظلومين من ابناء شعبنا العراقي. وخصوصا اهل الجنوب الذين يمثلون اكثر فئات المجتمع فقرا وبؤسا . . ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن ، حيث جاء السيد الجعفري على رأس حزب الدعوة ليكون رئيسا للوزراء. ، فأتجه نتيجة غباءه او مرضه الفصامي باتجاه تفرقة ابناء الشعب الواحد ، واوشكت الحكومة الوليدة على الانهيار حتى استلم المالكي قيادة الدفة رافعا شعار دولة القانون ، فأستبشرنا خيرا بأنتصار دولة القانون وبالتالي دولة المظلومين ، . الا ان عهده قد بدأ بتصفية خصومه الاقربين ، واقصد بهم الصدريين. فتصدى لهم في البصرة وبمساعدة الامريكان وبكل ثقلهم . ثم تصدى لبقية فئات المجتمع بهدف الاستئثار بالحكم ، فأغدق على خدم ورعاع السنة المال الوفير ليجعل منهم رؤساء عشائر وصحوات جديدة مزعومة . وبدأ بمحاربة الكورد . ثم اخذ يبذر الاموال بأتجاه شق التكتلات المنافسة له في الحكم ، وتعاون مع الاخوان المسلمين في العراق وبأسم الحزب الاسلامي ليتقاسم معهم ومع بقية الاحزاب الاسلامية ثروة العراق الطائلة . كما قرب الجهلة والفاسدين ليصبح الحاكم الاوحد في العراق ولقب بمختار العصر . وقد حاول جاهدا ان يكون بديلا لصدام . وحزبه بديلا عن حزب البعث . فتمزق العراق نتيجة سياساته الفاشلة في زرع الفرقة بين ابناء الشعب ، وتبديد الاموال على الاقرباء والاولاد . وتوزعت المحافظات واموالها على احزاب السلطة ، بحجة الاستحقاقات النيابية وكلنا نعلم انه ليس هناك اي استحقاق نيابي لأن الشعب لم ينتخب هؤلاء الجهلة والفاسدين ، خونة الشعب . بل ان التزوير كان سيد صناديق الاقتراع وهو الذي جاء بهم الى السلطة . مما دفع بأحد المحامين الى تسمية المالكي بأعظم عظماء العصر على مر التاريخ . وقد نسي بأن التاريخ ملئ بمثل هذه المهازل وملئ بالعبيد من امثاله ، وسادة معتوهين شبيهين بسيده العظيم . .وهكذا سلبت سلطة الشعب بأسم التكتلات الشيعية والسنية والكوردية . . وبعد ذلك ، ومن باب الخلاص من هذا الاخطبوط الحاكم سلمت الراية الى السيد العبادي وهو من نفس حزب الدعوة . وقد رجونا فيه خيرا نتيجة كثرة تصريحاته بتحسين الوضع السياسي والاقتصادي ، الا انه كان رجل اقوال وليس برجل افعال ، وظل يدور في حلقة مفرغة من التصريحات السمجة . ومما كشف رائحة السلطة النتنة هبوط اسعار النفط ، الذي اسقط ورقة التوت التي كانت تستر عورة هذا الحزب ، فظهرت كل عيوبه امام الشعب وهو الذي يتحدث باسم الشيعة والتشيع ، وهم براء منه . وقد من عليهم بالزيارات والمناسبات الدينية ، واشغلوهم بترهات عفى عنها الزمن ، الا ان واقعهم الانساني والمعاشي قد ازداد تدهورا وسوءا . والاكثر من هذا زجوا بهم بأتون معارك لها اول وليس لها اخر . فأصبح حزب الدعوة اسوأ من حزب البعث ، واصبح قادته اسوأ من صدام حسين . . وهنا ظهرت الحقيقة بأن رفع شعارات دينية واسلامية لا تقدم للشعب الا. الخيبة والضياع . وان الاحزاب الدينية لا تستطيع ان تبني امة ولا دولة. وان شعار الاسلام هو الحل الذي رفع في مصر والاردن وغيرها من الدول العربية والاسلامية لم يقدم لنا اي حل. كما ان التشيع او التسنن لا يمكن ان يكون اساسا لأي مجتمع متنوع الاعراق والاثنيات مثل العراق . وقد تأكد للجميع بأن الحل هو في حكم علماني يتيح حق العبادة والايمان لكل ابناء الشعب على مختلف مذاهبهم واديانهم . ولم يبق امام الشعب الا ان يزيح هذه الطغمة المتحكمة بمقدراته ، لينشئ سلطته المنشودة القائمة على العدل والحق والمساواة .
Sent from Yahoo Mail on Android