23 ديسمبر، 2024 9:35 ص

حكم الرعاع‎ حكم الرعاع‎

حكم الرعاع‎ حكم الرعاع‎

في اواخر التسعينات من القرن الماضي وانا اقف بسيارتي قرب عمود الاشارات الضوئية ( الترفك لايت ) ويحيط بي كثير من الصبيةالذين يبيعون العلكة وعلب الكلينكس او ينظفون زجاج السيارة ، او يمدون ايديهم من خلال نوافذ السيارة الى الراكبين . قال لي صديق يجلس بقربي ماالذي سيصبح عليه العراق لو ان هؤلاء قد استلموا الحكم . لقد تذكرت كل هؤلاء وايضا اولئك الذين يتجولون في الشوارع وهم يصيحون لايلون اي نايلون ( ويقصدون به البلاستك ) ، او يسرقون المنهولات وقناني الغاز من الدور . كل هذا تذكرته عندما رايت اجتماعا لبعض السياسيين في العراق . وقد ايقنت فعلا ان هؤلاء هم نفسهم الذين كانوا يبيعون العلكة والكلينكس ويسرقون المنهولات. لقد كبروا واصبحوا الان مايسمون انفسهم ( النخب السياسية !) .. .. ان هؤلاء الذين يطلق عليهم الدهماء او الرعاع هم الذين يقودون البلد الان ، فلا عجب ان رايت الفوضى والفساد واللاحكم في العراق . دلني على اي مرفق من مرافق الحياة في العراق يسير وفق نظام طبيعي متعارف عليه من الكهرباء الى الماء الى المرور وشرطته وكذلك المطارات ودوائر الدولة ورشاويها والجوازات والتزويرات المرافقة لها في كل مكان ولا تفوتكم المجاري والطرقات والامن والنفط والغاز. ، وكل مرافق الحياة في المحافظات كافة بلا استثناء. . هذا من جانب السلطة التنفيذية اما في البرلمان فكثير من القوانين معطلة مثل قانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس الخدمة الاتحادي وقانون النفط والغاز والاستثمار ومكافحة الارهاب وقوانين وزارة الدفاع والامن الوطني والاحزاب والمسائلة والعدالة والعفو العام والحرس الوطني ، وكثير غيرها . اما اللجان التحقيقية فحدث ولا حرج ،حيث لم يقراء يوما اي تقرير نهائي لاي لجنة تحقيقية ،تنفيذية او برلمانية ….. … .. ولا احد يحدثني عن اصحاب الشهادات والخريجين من السياسيين فهؤلاء يحركهم ويوجههم الرعاع ، وهم ليسو باحسن منهم في تفكيرهم الحضاري الرجعي والمتخلف .ونحن هنا لسنا ضد الرعاع ففي كل شعوب العالم فيها رعاع ونخبة وما بينهما من المواطنين العاديين .. ولكننا ضد حكم الرعاع . وان الذي قدم لنا هذه النسخة من الديمقراطية التي تعتمد على الفئة الادنى المتخلفة من المجتمع ويستبعد النخب الحقيقية وكاءنه يريد ان يقدم لنا نموذجا يستنسخ نفسه كل ما حان وقت التغيير ، لان تقديم النخب الحقيقية لقيادة المجتمع سوف يعريها ويحرمها من الامتيازات التي لا يمكن ان تحصل عليها الا عن طريق قيادات مماثلة لها . ان في كل نظريات الحكم القديمة والحديثة من جمهورية افلاطون الى الدستور الامريكي والدساتير الاوربية كلها. ، تعتمد على النخبة في القيادة والتوجيه السياسي والاجتماعي . ان الفئات المتخلفة التي تتبوء القيادة والتوجيه لا يمكن ان تلد الا فئات متخلفة اخرى يوما بعد يوم وسنة بعد سنة. وان التاريخ قد علمنا بان هذا النمط من الحكم يبقى على حالته الى حين التغيير القسري للنظام المتخلف . وهذا لا ياتي الا بثورة شعبية ، او بانتفاضة عارمة تطيح بكل الروؤس العفنة التي تسلقت سلم الحكم بواسطة قوات الاحتلال . او بغفلة من الزمن . وفي الاخير لايصح الا الصحيح .