للحكمة معان عدة، وتعريفات مختلفة، وأفضل تعريف قرأته للحكمة بمعناها الاصطلاحي العام، هو للشريف الجرجاني؛ عرفها، بأنها العلم الذي يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي في الوجود بقدر الطاقة البشرية، فهي علم نظري غير آلي، والحكمة أيضاً هي هيئة القوة العقلية العلمية المتوسطة بين الغريزة التي هي إفراط هذه القوة، والبلادة التي هي تفريطها، وهي بهذا التعريف تشمل كافة التصرفات الموزونة، الناشئة عن علم، ومعرفة، وتجربة من الأقوال والأفعال وغيرها، وللحكمة ادوار متعددة في حل الخلافات، وتسوية النزاعات.
من خلال المطالعة لأغلب الشخصيات السياسية في العصر الحديث، التي تركت لنا ارثاً غنياً بالانسانية والروح الوطنية، امثال؛ نيلسون مانديلا، وجيفارا، والشيخ زايد، وبعض الشخصيات التي لا زالت تدر بعطاءها، في العمل السياسي، امثال؛ خوسيه موخيكا، رئيس وزراء الأوروغواي السابق.
هذه الشخصيات وان كانت تختلف في الايديولوجيات، الا انها تشترك في عنصر اساسي ومهم في العمل السياسي، الا وهو “الحكمة” هذا بالاضافة الى نهج الوسطية والاعتدال، ومن اهم المميزات التي تميزت بها هذه الشخصيات، هي العمل على الأمد البعيد، رغم الطوق الذي كان يحيط بها من المعاناة والضغوطات الخارجية والداخلية، الا انها استطاعت ان تحقق اهداف مشروعها.
السنون التي قضاها نيلسون مانديلا في السجن، لم تثنه ولم تحل بينه وبين مشروعه في التصدي لنظام الفصل العنصري والمؤسساتي والفقر وعدم المساواة، التي تعرضت لها جنوب افريقيا،
كل هذه القيود لم تمنع نيلسون مانديلا، من تحقيق مشروعه في وحدة جنوب افريقيا، والقضاء على التمييز العنصري، ولم يكن هناك قيد اكثر حدة وشدة من السجن بين اربعة جدران، لكن الاصرار والعزيمة والشغف الوطني والحكمة التي تميز بها مانديلا كانت كفيلة لتعبيد طريقه بالنجاح للوصول الى هدفه السامي في السلم المجتمعي، والتحرر من القيود الفكرية والسياسية.
هذه من الخصائص التي يشترك بها السيد عمار الحكيم (وريث ال الحكيم)،مع مانديلا، رغم القيود والظلم والتشريد والسجن والقتل التي تعرض لها ال الحكيم الا انهم لم يكلوا ولم يتواطئوا في تحقيق اهدافهم، فالمشروع؛ الذي قال عنه السيد عمار الحكيم في خطابه الاول بعد اعلان تأسيس تيار الحكمة الوطني، بأنه لم يكن مشروع الصدفة او مشروع ردة فعل، بل كان يمتد الى المائة عام المنصرمة منذ تأسيس السيد محسن الحكيم “دار الحكمة”، وان كان تيار الحكمة الوطني، له جذور عميقة، الا انه يعطي انطباعا بأنه متجدد بأيديولوجيته، وسياسته العابرة للطائفية، ومن الملامح الاساسية التي ذكرها السيد الحكيم لتيار الحكمة الوطني، هي الوطنية، والشفافية والميدانية، والوسطية والوحدوية والانصهار، والمؤسساتية.
بهذا التأسيس، يكون السيد الحكيم، قد تحرر من القيود التي كانت تحيطهُ، من بعض مخضرمي المجلس الاعلى الاسلامي، فالحكمة لم تفارق الحكيم في تأسيس تيار الحكمة الوطني.