18 ديسمبر، 2024 6:55 م

” أصحاب المبادئ: يعيشون مئات السنين, وأصحاب المصالح: يموتون مئات المرات” فرانسيس بيكون/ فيلسوف ورجل دولة وكاتب انكليزي.

لا تأتي الأفكار الحقيقية, عبر شعاراتٍ تتم كتابتها, لتنام في طيات الكتب, دون أن ترى النور من خلال, تطبيقها على الواقع, كما أنَّ الحكيم لا يمكن تخليده, ما لم يقترن قوله بالعمل, والعمل يحتاج لتضحيات, فقول الحكمة يقالُ للحكام, كما يُطلب من العامة.

تأريخنا الحديث يزخر بقامات حكيمة, ولكن قليلا منها من خُلِّد اسمه, في صفحات التأريخ, مقترن بالمواقف الرصينة, ومن أولئك عائلة آل الحكيم, الذين عُرفوا بالعلم والجهاد, ففي أي محفل ترى ذكرهم حاضراً , أكان ذلك المَحفل دينياً أو سياسياً, أما في الجهاد والتضحيات, ضد الحكام الظلمة والطواغيت, فهم كما يقول العرب” نارٌ على علم” ولا يحتاج البحث عنه, إلى عناء كبير, فأكثر من مائة عام, كافية أن تكون صفحات الجهاد, زاخرة بذكر ما قدمته, تلك العائلة المضحية.

الفكر الإسلامي الرصين, في ما خَلَّدهُ آل الحكيم, عبر حياتهم عبر من كان وكيلاً, للمرجعية العليا في النجف الأشرف, كالسيد محسن مهدي صالح الطباطبائي, الذي أصبح فيما بعد, زعيماً للحوزة للشيعة في العالم, ويأتي موقفهُ متجلياً بالوضوح, بعدم التملق للحكام, بعدم المشاركة باستقبال الملك فيصل, عند زيارته للنجف, بالرغم من تَدخل بعض رجال الدولة, كرئيس بلدية النجف, ومن ثم القائممقام, ومتصرف لواء كربلاء, عبد الرسول الخالصي, ليقول السيد محسن الحكيم, بصريح العبارة” نحن لسنا جزءاً, من زخرف الحضرة, حتى يأتي الملك, ويطلعونه على الزخارف, لقد اجتمعت به في المرة الأولى, قبل عام, لوجود احتياجات لدى الناس, ذكرناها له, ولكن يبدو أن القضية ليست جدية, حيث لم يتم لحد الآن تنفيذها, وإنما الأمر لا يعدو الدعاية, وأنا لست مستعداً, أن أكون جزءاً من زخرف الحضرة” وهذا دليل أنه قدس سره الشريف, كان يطالب بالخدمات للمواطنين, ولم يقبل استقبال مسئول, لا يعمل لخدمة المواطن.

سياسياً لم يكن السيد محسن الحكيم, بعيداً عن الساحة السياسية, فكما امتنع عن إصدار فتوى, تبيح للحكومة العراقية, بزعامة عبد الكريم قاسم, لمحاربة الأكراد في شمال العراق, كان له موقفٌ ضد ما قام به الشيوعيون, من تظاهرات يطالبون بها, بشعارات التفسخ المجتمعي والفساد, والتي تجلت بلافتات كتب عليها” لا زواج بعد اليوم” وهتاف ” ماكو مهر بس هالشهر” فأصدر فتواه المشهورة, التي قال فيها” الشيوعية كفرٌ وإلحاد” بوضوح تام للمحافظة على أسس الإلتزام بالقيم السماوية, والتمسك بالشرع المقدس, وحماية للمجتمع بعدم السماح, للفساد والرذيلة وتفشيها في المجتمع العراقي, عن طريق تصرفات شاذة, محافظاً بهاتين الموقفين, على وحدة العراق, وعدم إراقة الدماء, من خلال حرب داخلية, والمحافظة على شرف العراقيين, إضافة لذلك فقد كان موقف, السيد محسن الحكيم, من قانون الأحوال الشخصية, في العهد الملكي, حيث أرسل السيد يوسف وهو أحد أبنائه, إلى مجلس الأعيان, وإبلاغهم استنكار السيد, لذلك القانون بسبب, مخالفته للشريعة الإسلامية, وقد ألغي ذلك القانون في حينه.

تلك الأعمال والمعارضات, للساسة والحكام العراقيين, لم تمر دون تضحيات, وقد تجلت واضحة, من خلال ما قدمته أسرة آل الحكيم, أثناء حكم النظام القومي, باسم حزب البعث بقيادة صدام, قبل تنصيبه رسمياً وبعد ذلك, فقد قام ذلك النظام, من خلال أجهزته القمعية, بسجن العديد من آل الحكيم, وتنفيذ الإعدام والاغتيال, بحق أكثر من ستين, ما بين عالم و شاب وطفل, حتى طالت عدداً من النساء, كان من أواخر شهداء أسرة العلم, الشهيد محمد باقر الحكيم, رحمه الباري برحمته الواسعة.

قولٌ لحكيم لم يُذكر اسمه” ألفرق بين الحكيم والجاهل, أنَّ الأول يُناقش في الرأي, والثاني يجادل في الحقائق.” ولا نرى من يطرح رأيه, بالتشكيك حقدا أو حسداً إلا جاهلٌ مُجادل.