23 ديسمبر، 2024 9:39 ص

حكايتي مع هيئة الاعلام والاتصالات (2)

حكايتي مع هيئة الاعلام والاتصالات (2)

عمل السادة الذين صيروا هيئة الاعلام والاتصالات وكأنها ماركة مسجلة لشركة خاصة على منعي من الظهور على شاشات القنوات الفضائية. ولهذا الغرض اتصلت ادارة الهيئة (وهي شراكة بين شخصين) بقنوات فضائية لمنعي من الظهور على شاشاتها. والذي لا شك فيه ان محاولة حجبي عن شاشات التلفزيون هو بسبب الخوف مما عندي من اسرار ومعلومات عن هيئة الاعلام والاتصالات اولا ولتغييبي ايضا عن المشهد السياسي والاعلامي العراقي بصورة كاملة ثانيا. وعلى ما يبدو فان طريقة التصفية الناعمة هذه جاءت بعد ان فشلوا في تصفيتي بطريقة سابقة كانوا قد وضعوا ترتيباتها مع الفاشلين والمزورين من مكتب رئيس الوزراء السابق وبعض حاشيته. كنت انتظر كل شيء من هؤلاء لاني عرفتهم جيدا بقدرات وامكانات استثنائية خطيرة جدا في إنهاء وتصفية كل من يجدونه في طريقهم وكل من يشكون أو يعرفون بانه يعرف مايريدون من السيطرة على كافة قطاع الاتصالات في العراق وليس على هيئة الاعلام والاتصالات فقط.

وفي هذا السياق وصلني قبل خمسة اشهر تقريبا استدعاء من (الامن الوطني) يستدعيني للحضور في لجنة تحقيقية. لم يفاجئني هذا الاستدعاء ولكني لا اعرف لماذا تذكرت سنان الشبيبي والدكتور مظهر محمد صالح وكيف جرت محاولات الاساءة اليهم وتصفيتهم لا لشيء الا لانهم كانوا يصدون ويمنعون عصابات ومافيات سرقة الدولة ومالها العام. كما اني لم اشعر بالخوف، ولماذا اخاف فالامن الوطني مؤسسة امنية اعتز وافتخر بها واتمنى لها ان تقوم بواجبها وقد وصلها بلاغ وتكليف وعليها ان تقوم بواجبها المطلوب وانا من واجبي ان اساعدها على القيام بهذا الواجب وان اكشف امامها الحقيقة. كنت اتمنى هذه اللحظة اذ (رب ضارة نافعة) كما يقولون وساكشف ماعندي من حقائق ومعلومات امام جهة امنية رصينة قد تساعد في اخذ حقي وحقوق كافة العراقيين. انا اعتقد جازما ان هيئة الاعلام والاتصالات كانت تريد تغييبي بصورة نهائية عن المشهد العراقي، كانوا يعتقدون باني سأترك العراق وسأهرب بمجرد سماعي بالاستدعاء من (الامن الوطني) وكما حصل مع ابرياء آخرين وبذلك (يتخلصوا) من وجودي الذي اصبح وحسب معلوماتي الدقيقة مقلق لهم في يقضتهم ونومهم. لم اتردد ولم افكر، ذلك ان خياري الوحيد الذي تعلمته من الحسين بن علي (ع)(والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد) ولذلك كان قراري سريعا وبدون تفكير ان اراجع الامن الوطني وان احضر اللجنة التحقيقية والمثل الشعبي يقول (حرامي لا تصير من السلطان لا تخاف). حضرت الى اللجنة التحقيقية وكان اعضائها من اصحاب الخبرة والاختصاص ومن رجالات اتمنى ان تكون كل اللجان التحقيقية من هذا النوع ومن هذا المستوى المهني الممتاز. في البداية لا ادري لماذا تذكرت اخي الشهيد هادي والذي اعتقل عام 1980 وعرفنا باعدامه عام 1983 ولكن بعد سقوط النظام وتذكرت عذاباتي وغربتي وهجرتي وعذابات والدي واخي وهجرتهم وعذابات امي التي تعاني حتى يومنا هذا من كل ما سببناه لها من ألم وتعب وخوف ومعاناة ، جال كل هذا بخاطري ونزلت دموعي لا اراديا . لماذا انا هنا؟ ما الذي فعلته؟ ما الذي ارتكبته حتى اكون في هذا التحقيق ؟ كل الذي فعلته اني كنت في الطريق الصحيح دافعت وبقوة عن الهيئة ومصالحها وقاتلت ايضا قتالا شرسا دفاعا عن مصالح الناس واموالهم في الهيئة ودافعت ايضا عن كرامات كافة العاملين في الهيئة وحقوقهم الانسانية ودافعت ايضا عن مصالح العراق، فهل جزاء ذلك ان اكون هنا امام التحقيق؟ تمالكت عواطفي ومشاعري ولملمت افكاري وعدت الى نفسي فهذه اللجنة بريئة ومحايدة وليست طرفا في المشكلة هي تريد ان تعرف، فقط ان تعرف الحقيقة ويجب ان اضعها امام الحقيقة. عندما باشرت اللجنة بعملها ووجهت سوألها الاول استوقفتهم وقلت اريد ان اعرف اولا لماذا انا هنا؟ قالوا ان هذه اللجنة التحقيقية مشكلة بأمر من السيد (علي العلاك) الامين العام لرئاسة الوزراء، قلت ولماذا من (علي العلاك) قالوا لان السيد صفاء ربيع مدير عام هيئة الاعلام والاتصالات قدم شكوى الى الامين العام لرئاسة الوزراء يتهمك فيها (بافشاء اسرار الدولة) من خلال ظهورك على قناة البغدادية الفضائية وحديثك عن هيئة الإعلام والاتصالات. لم اتفاجأ بهذا ابدا ذلك ان هذه الطريقة هي طريقة السيد المالكي والمحسوبين عليه وعلى مكتبه وعلى حاشيته في الانتقام من الذين يخافون من وعيهم ومهنيتهم ونزاهتهم واخلاصهم في عملهم، لكن الذي فاجئني هو ان يكون السيد على العلاك هو من يطلب التحقيق معي. وسبب المفاجئة هو اني سبق وان وضعت السيد (علي العلاك) بالصورة الكاملة عما يجري في الهيئة وسلمته شخصيا وعلى دفعتين كل مخاطباتنا الرسمية الخاصة بالانتهاكات الادارية والقانونية والمالية في الهيئة وطلبت منه في وقتها التحرك لانقاذ الهيئة مما هي فيه. كما ان السيد سالم مشكور والذي لايزال عضوا في مجلس امناء الهيئة سبق له ايضا ان زار الامين العام لرئاسة الوزراء السيد علي العلاك وابلغه باكثر من عشرين قضية في الهيئة حتى ان السيد مشكور ابلغني ان السيد العلاك قال له … وهل كل هذا يجري في الهيئة؟ فقال له السيد مشكور … نعم كل هذا

واكثر يجري في الهيئة فتداركوا الامر. لذلك كنت متفاجئا جدا من ان السيد علي العلاك هو من يأمر بتشكيل هذه اللجنة التحقيقة وهو الذي من المفروض ان يعرف كل شيء عن الهيئة وفق ما توفرت له من معلومات ومعطيات.

على مدى يومين أو ثلاث كنت احضر الى اللجنة التحقيقية وقد اجبت على اسئلتهم كافة وبالتفاصيل المملة كما وجهزتهم بكل ما ارادوا من وثائق استطعت تجميعها من هنا وهناك . وعندما انتهى التحقيق غادرتهم مودعا وكلي ثقة بان حقوق البلاد والعباد لن تضيع عندما يكون في لجاننا التحقيقية رجال بهذا المستوى من الكفاءة والمهنية والامانة والاخلاص ، لا على طريقة لجان هيئة الاعلام والاتصالات التحقيقية الكيدية الانتقائية الانتقامية التي حطمت عوائل وقطعت ارزاق ناس وشردت آخرين .

للحديث صلة