23 ديسمبر، 2024 9:06 ص

 حكاية لفة الصمون بين الجد والمزاح 

 حكاية لفة الصمون بين الجد والمزاح 

(من دفاتر مذكراتي)
ابان الحرب العراقيه الايرانيه في اواخر الثمانينات كنت جنديا في جبهات القتال في منطقة الفاو ..
في احدى الليالي اشتد بنا الجوع في غمرة القصف المعادي ونحن داخل الملاجىء ..
لا أحد يجروء  على الخروج من ملجئه .. لم نكن نملك من الطعام أي شيء سوى صمون عسكري داخل كيس نايلون ،  مضى عليه ثلاثة ايام ، كنا نتقاسمه مع الفئران في الملجىء ، مع الشاي ..وللفئران في الحياة العسكريه في الملاجىء وجبهات القتال دور مهم في التعايش مع ابوخليل ..فهم يشاركوه في الزاد والخبز والحياة ، ويقدمون فعالياتهم ونشاطهم الدؤوب متنقلين من فراش جندي الى اخر ، للحد الذي اعتدنا على رائحتهم وتعرفنا عليهم عن كثب ..
قلت لرفاقي في القتال : ياجماعه خطرت ببالي فكره ..
قال الجميع : ما هي ؟
أمسكت بصمونه ومررت سكين حاده من وسطها ، ثم وضعت صمونه أخرى داخلها وجعلتها صمونه داخل صمونه ..وقلت لهم : لنأكل لفة صمون ، ونوحي انفسنا بأنها لفة شاورمه ، أو باسطرمه ،  ونحتسي معها الشاي .. وكلكم مدعووين على حسابي هذه الليله  في مطعم الملجأ ابو خمسة نجوم ..
وهكذا تعشينا عشاءا فاخرا مكون من لفة صمون في مطعم خمسة نجوم على وقع هدير المفرقات  ، وسمفونية القنابل والصواريخ ، ونحن نحلم  بموعد الاجازه الدوريه ..
برغم قساوة الايام وحلكة السنين لازلت احن الى اصدقائي وأحبتي  المقاتلين : -رشو حميد من سنجار 

طارق عبد الواحد  من بغداد
عباس الحربي من البصره 
كامران رؤوف  من السليمانيه 
صبحي الخزعلي من السماوه 
حامد الخاطر  من الرمادي 
فارس الماشطه من الحله 
وأنا من عنكاوا ..
مع مجموعه اخرى رائعه ومتميزه في الطيبه والخلق ..
كنا أسرة واحده واخوه يربطنا مصير واحد  هو العراق ، لافرق في الدين والقوميه والمذهب ابدا ..
ليت الاخوّه العراقيه تحافظ على رونقها وبريقها برغم خبث الطائفين  ودسائسهم ..
عنكاوا