18 نوفمبر، 2024 1:34 ص
Search
Close this search box.

حكاية بيادر الحبوب ومستعمرات النمل

حكاية بيادر الحبوب ومستعمرات النمل

يحكى في قديم الزمان أن ملكا أصدر فرمانا لرعيته ,انه كل من لديه قصة مسلية يرويها للملك ؛سيتكفل بأعاشته وسكنه وتلبية كافة طلباته ولكن شرطه الوحيد هو أنه يقطع رأس القصصي بمجرد نهاية القصة.يحضر بعض تعيسي ألحظ لسرد قصصهم لمدة أسبوع أوشهر وينتهي ألامر بقطع رؤوسهم. ألتفت أحد الجياع الى هذا الفرمان ؛وقال مع نفسه لن أخسر شيئا ,فأنا سأموت من الجوع عاجلا أم آجلا ؛ذهب الى ديوان الملك وبدأ قصته ألتالية ؛أنه يوجد في قريته مزرعتان للحبوب متجاورتان وبعد الحصاد جمعا المحصول على شكل بيادر ليتم في اليوم التالي تصفيتها ونقلها للبيع.كان أحد الفلاحين جشعا فخطر بباله أن يسرق محصول جاره وفي ظلام الليل أستأجر عمالا لنقل بيادر جاره ويضعها مع بيادره وتم له ذلك ؛وفي صباح اليوم التالي أكتشف جاره المصيبة وعند أستفساره منه أنكر ذلك؛ولعدم وجود دليل على أتهامه أوشهود ,التفت اليه جاره وقال له أنني مستعد لأعادة بيادرك شريطة أن تقوم مستعمرات النمل بنقلها من مزرعته الى مزرعة جاره ,فوافق على ذلك, لأنه مافي اليد حيلة .في كل ليلة يحضر هذا القصاص الى قصر الملك ويردد نفس الكلمات [جاءت نملة فنقلت حبة ….ثم جاءت نملة ونقلت حبة…الخ] واستمر على هذا الحال شهورا وهويتمتع بما لذ وطاب من الطعام والشراب والنوم المريح وكافة ما يطلبه من الملك .انتبه الملك الى هذه الحلية فأمر بأعطائه سكنا وطعاما طيلة حياته.
هذه القصة تذكرنا بحال أمتنا العربية ؛فمعظم شعوب المنطقة أخصائيون في السياسة والصناعة والتجارة وعلم النفس والطب والفلك ..الخ,فالسياسي يحلل وضع بلاده وماهي الخطوات التي يجب أتباعها لتخليص بلده من ألاستعمار والتخلف والعبودية وكل منهم ضليع بهذه ألاختصاصات وحتى الأمي ؛فهو يدلوا بدلوه في تشخيص الداء واعطاء الدواء ؛ولكننا لحد ألآن لم نحل مشكلة من المشاكل التي نعاني منها ؛فالفقر يقض مضاجعنا والهجرة الى الخارج أملنا الذي نحلم به والحرية تحولت الى مزيد من السجون والديقراطية تحولت ألى القائد الأوحد والحزب القائد  وأموالنا ذهبت الى جيوب بعض المفسدين والجهلة .أما قوانينا فهي تصب في مصلحة الظالم لا المظلوم .وسفسطة أنصاف المتعلمين والجهلة فنسمعها في أجهزة الاعلام ليل نهار تعج بحكمة الحاكم وجلاوزته .أما
حقوق المرأة التي نظمتها شرعة السماء والقوانين الوضعية فقد أقتصرت على أطاعة الزوج وتحريم خروجها من البيت الا بموافقته ووصل ألاستخفاف بحقوقها ألى أن يحرم بعض وعاظ السلاطين  تعليمها لأنها ستتطلع على أمورتخدش حيائها .اما ألشباب فأن عليهم ألألتزام بقوانين وقواعد العائلة التي توارثتها ألاجيال منذ ألوف السنين لأن في ذلك حفاظا للتراث ونسوا ماقاله الحكماءوفي مقدمتهم
 ألامام علي [ع] }لاتقصروا أولادكم على أخلاقكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم }.ألذين يطلق عليهم بالفنانين والمثقفين جزافا فقد أثبتت ألاحداث ألأخيرة زيفهم بوقوفهم مع الحكام الفاسدين واصبحوا أبواق دعاية لهم أما رجال ألدين فيلهجون ليل نهار بوجوب أطاعة ولى ألامر مادامت جيوبهم عامرة بالدينار والدرهم ؛ فكتابونا تحولوا الى بهلونات في السيرك يحركهم سوط الدولار فتراهم يمجدون الطاغية ويجرمون ألضحية .
هناك قصة ظريفة أخرى تذكرنا بحالنا هي حالة الفيلسوف الذي يقبع في مكتبته  في الطابق العلوي من منزله ولايعرف مايدور حوله ,وعندما حضر أبنه ألى البيت وجد أنبوب الماء في الدار قد أنفجر واخذا البيت يغرق وفي طريقه الى الطابق ألعلوي وأباه يتأمل من غرفته ؛فنادى عليه يأبتي أنزل معي لنصلح الأنبوب قبل أن نغرق جميعا فلا مجال ألان للتآمل والفلسفة!!؛وهذا هوحال رجال دينناأيضا؛ يقبعون في بيوتهم ويصدرون الفتاوي دون معرفة نبض الشارع ومطالبه المشروعة .
هذه الحالة التي نعيشها في كل بلد عربي وأسلامي ؛معظم شعوبها فلاسفة ومحللين سياسين يسكنون في العلالي ولايدرون مايجري حولهم ولا يعرفون مايحاك ضدهم ولايدركون ان الطوفان قادم بأسرع مما يتصورون ؛ونظرة بسيطة ألى أحوالنا من أفغانستان ألى سوريا وبقية الدول العربية لازالت شعوبنا تتقاتل بأسم القومية والطائفية والعشائرية بينما راح ألاجنبي ينهش أجسامنا بأسلحتنا وينهب مواردنا بمباركة حكامنا ومن يطبل لهم من المرتزقة ؛اما العقيدة فتحولت ألى سلعة تجارية يستفيد منه وعاظ السلاطين وحسب ندوة لأحمدالكبنجي يقول فيها أنهم قضوا ستة اشهر في قم ألايرانية يدروسون كيفية تحديد القبلة إإوهي لاتحتاج الى شراء بوصلة تحددها ولازالنا نناقش هل علي أوعمر أحق بالخلافة إإ وهل يحق للمرأة ألسياقة وهل يحق للخطيب أن يتحدث مع خطيبته بالتليفون وانا لله وانا اليه راجعون.أما أصبحنا أضحوكة بين ألامم؛أليس من ألافضل أن نسلم الراية ونستعين بمن يقودنا من العالم المتحضر بدلا من زعماء وحكام وسلاطين محليين لايختلفون تخلفا وغباءا وسفسطة عن الكثير من شعوبهم التي تاهت ولاتعرف الى أين تتجه؛ ولاغرابة أن يقول الشاعر علي الشرقي:
            دع عنك مروان الحمار       وخل معركة الجمل
           للسع نسعى دائما             والنحل يعمل للعسل
          شعبي رؤوس كله             أرأيت مزرعة البصل

أحدث المقالات