23 ديسمبر، 2024 9:30 ص

حكاية بنت إسمها فردوس

حكاية بنت إسمها فردوس

إغتصبها فلان، لكنها بنت العراق.. هذه حقيقة ساحة الفردوس وسط العاصمة العراقية بغداد وتقع مواجهة لأشهر فندقين بناهما صدام حسين على شاطئ دجلة ( فلسطين ميريديان، عشتار شيراتون) كان تمثال صدام حسين رافعا يده يتوسط الساحة التي تختلف عن بقية الساحات أنها مرتفعة عن الشارع فيمقتها الناس حيث تعلو مرتفعة عن مستوى الشارع بكثير، ولايرى منها المار والراكب في السيارة سوى تمثال صدام، بينما تغيب معالم النجيل الأخضر والأزاهير والأشجار والمساطب، وكان الناس يتحاشون المرور بها، أو الجلوس عندها خشية من تعرض التمثال الى عمل تخريبي فيتعرض المتواجدون في المكان الى المساءلة التي لن تكون عادية بل قد تودي بالحياة، أو السجن والتعذيب.

في عام 2003 وقف العراقيون يرقبون الساحة والتمثال المنتصب، بينما كانت الدبابات الأمريكية تقترب منها، ويترجل منها مقاتلون مدججون بالسلاح، وينظرون الى الساحة والناس والتمثال، ولم يكن صدام قد إنتهى، وكان أغلب العراقيين لايعرفون فيما إذا كان كل شئ قد إنتهى، أم ماتزال الأمور في مقدماتها خاصة، وإنهم لايعرفون مصير رئيسهم المتخفي عن الأنظار وولديه الفارين الى مكان مجهول. في تلك اللحظة شعر الأمريكيون بأهمية أن يبعثوا برسالة مهمة الى العالم، والى الشعب العراقي حين قرروا أن يربطوا التمثال الى سلك محكم ويجرونه بقوة لينهار ويسقط الى الأرض، ثم يندفع مواطنون غاضبون، أو إستعراضيون ليرتقوا بقاياه، أو ليضربوه، وحينها وصلت الرسالة، فقد كانت كاميرات التلفزيون تنقل الحدث مباشرة. إذن لقد سقط صدام حسين وزال نظامه الى الأبد.
بعد مرور ثلاثة عشر عاما على تلك اللحظة، وبالرغم من تشكيل أربعة حكومات، وتغيير أمين بغداد لأكثر من مرة إلا إن ساحة الفردوس ماتزال على حالها وفقط التمثال هو الذي لم يعد موجودا، ولكن بعض من أجزاء منه باقية أيضا. وكبقية الساحات والتقاطعات والشوارع تعاني من الإهمال وعدم الإهتمام، وكأن دوائر الدولة لاتمتلك المال من أجل الإعمار، وربما يكون للفساد دور غاية في السلبية أخر الكثير من المشاريع وأنهى الفرصة التي كان يمكن أن تكون عاملا مهما في بناء الدولة وحماية الممتلكات العامة وإضفاء جمالية عليها وعدم زوالها.

[email protected]