18 ديسمبر، 2024 5:54 م

حكاية القاضي الحكيم في أربيل

حكاية القاضي الحكيم في أربيل

انها حكاية حقيقية قد لاتخل من الغرابة في ملفات المحاكم العراقية..

قبل بضعة اعوام القي القبض على متهم في أربيل متلبس بالذنب المشهود عندما كان يعمل سائق تاكسي ، ويسرق قناني الغاز من البيوت ثم يبيعها ، كما إنه كان مولعا بكسر مصابيح الاضاءة لواجهات البيوت !!..

عندما حظر أمام القاضي ليحاكم على ما أقترفه من ذنوب .. نظر اليه مليا وتأمله بهدوء وترو .. قرر أن لا يعاقبه .

بعد أن اعترف المتهم بذنوبه ..

رأى القاضي من الحكمة بمكان أن ينصح ذلك الشاب ،عله يكون عنصرا نافعا في المجتمع ، وعدم تكرار مافعله في قادم الايام ، ودار بينهما الحوار التالي :-

الحاكم : انك مذنب بموجب المواد كذا وكذا. لكن سوف أمنحك فرصة العفو للعدول عن سلوكك، ولن أعاقبك فيما لو عاهدتني بعدم تكرار مافعلت، وعدم الحاقك الضرر بالممتلكات العامة، أو الخاصة، وعدم السرقة مستقبلا ..

المتهم: عهدا سيدي الحاكم لن اكرر مافعلت .. وهذا كلام شرف ..

ظل الحاكم يتابع بعناية سلوك المتهم ..

في قادم الايام، شاءت الصدف أن يتعرف المتهم المشار اليه على مجموعة من الفنانين، ويعمل معهم في مجال المسرح!! ويكتشف محيطيه بأنه يخفي في دواخله موهبة وطاقة ممثل مقتدر ..

ظل يعمل ممثلا، وتخلى عن ذنوبه، وتفرغ مع مجاميع الفنانين لشؤون وشجون المسرح ، والدراما ، وحتى المنلوج ، وتحوّل إلى انسان آخر..

وكان كلما يساهم في نشاط العرض الفني الذي يشارك فيه يوجه دعوه لحاكمه ليحظر كي يثبت فعلا صدقه في عهده ..

لكن لسوء طالعه الحاكم لم يحظر عروضه، انما كان يتابعه بعناية من خلال شاشة التلفاز ..

الآن ذلك المتهم. أو بالاحرى هذا الممثل يعد واحد من اهم وأشهر الممثلين الاكراد المشار اليهم في الدراما والمسرح الكردي في أربيل.

لكن اتحفظ بذكر إسمه ..

لقد ساهم هذا الممثل بدور البطوله في احدى مسرحياتي التي أخرجتها لوزارة الثقافة في اقليم كردستان قبل إحالتي على التقاعد، كان يلتقط الملاحظة بنباهة وذكاء ، وأبدع في تجسيد دوره .

يقينا الفضل كل الفضل يعود لحكمة الحاكم الذي يشغل الآن منصب رئيس محكمة جنح أربيل ألاستاذ عبد الباسط فرهادي..

من هذا المنبر تحية تقدير للحاكم المتمرس الذكي والمخلص الذي ظل يتابع بحرص كبير حتى أوقات راحته يتابع سلوك ذلك المتهم لينام مرتاح الضمير..

لعل من طرائف الصدف أن يكون المتهم المذكور قد كسّر كافة مصابيح إضاءة واجهة الدور للمحلة التي يسكنها الحاكم نفسهّ!!

أما مادعاني لكتابة هذا المقال هو اتصالي بهذا الممثل قبل قليل من كتابة هذه الاسطر، وتحدثي اليه بعد غياب طويل لم التقيه منذ زمن ..