لانبحث عن من عمل بولاية الفقيه في التاريخ ، كما وان الاختلاف اصلا ليس بالمفهوم ولكن بالتطبيق ، والحقيقة ان فقط مسالة التطرق الى صلاحيات الفقيه تثير العلمانيين وتوابعهم بينما واقعا لو قمنا بتغيير الكلمات مع ثبات المعاني سنجد ان العقل له راي يجمع كل المختلفين في دائرة واحدة .
بين الفقهاء اصلا هنالك اختلافات بخصوص من له الحق باقامة الحكومة الاسلامية فهنالك من يرى انها من صلاحيات الامام المهدي (ع) وهنالك من يرى انها من صلاحيات الفقهاء للعمل بالممكن من اجل تهيئة ارضية سليمة لظهور المهدي (ع) ، واما صلاحيات الفقيه فمنهم من جعلها مطلقة ، ومنهم من منعها بالاطلاق وهنالك من قال بالجزئية او الوسطية ، وحقيقة كلها مفاهيم تؤدي الى اثارة النقاش في الشارع الاسلامي .
بداية لنتفق ماهو عمل الفقيه ؟ انه التشريع وطالما يكون هو السلطة العليا اذا تكون السلطة التنفيذية والقضائية خاضعة للتشريع . في البلدان التي لا تعتمد شرعية الفقيه من المؤكد لديها من له صلاحيات التشريع سواء كانت شورى او غير ذلك ـ بالنسبة للشورى هنالك اختلافات بخصوص صلاحياتها وفيها ايضا خلط في المفاهيم ـ
لكل مشرع ثوابت واساسيات يعتمدها في التشريع فالمشرع الاسلامي يعتمد القران والسنة ، بينما المشرع العلماني يعتمد على الدراسات التي ظهرت سواء من خبراء او مفكرين ، وبالنتيجة يصدر قانون او حكم شرعي ، السؤال المهم هنا هل الاشكال بنوعية الحكم الشرعي او القانون ام الاشكال بمن شرع او اصدر الحكم ؟ من المؤكد ان العقلاء يجب ان يبحثوا تفاصيل الحكم او القانون ، وليس الجهة التي اصدرته ، والسؤال المهم الاخر ماهو الحكم الذي صدر عن الفقيه هو بخلاف الانسان والانسانية ؟
لناخذ مثال على التعاملات المالية فهنالك تضارب واختلاف في شرعيتها بالنسبة للفقيه عن غيره ، وكل العالم يعترف ويقر بان التعاملات المالية للبنك الدولي هي ربوية بامتياز بل ليست ربوية فقط بل تتدخل بالشان الاقتصادي والسياسي للبلد وهنالك بلدان تنبهت لها وقامت بتسديد كل القروض لتتحرر في قراراتها الاقتصادية والسياسية مثلا كوريا الجنوبية ، وفي هذا المجال مثلا للفقيه الشهيد محمد باقر الصدر تشريعاته ومؤلفاته في شرعية وسلامة التعاملات المالية الاسلامية ـ من مؤلفاته اقتصادنا والبنك اللاربوي في الاسلام ـ ، هنالك تشريعات تخص الوضع المستجد للتطور الحضاري يؤكد الفقيه على الالتزام بالتشريعات المستحدثة لها مثلا انظمة المرور .
وحقيقة الهجمة التي يشنها العلماني على الفقيه هو لاجل التلاعب بالاحوال الشخصية للمجتمع وترك الانسان بمطلق الحرية في ممارسة ما يشتهي سواء كان فيما يخصه او من يتفق معه ـ الزنا وغير ذلك ـ وهذه الاعمال المنحرفة تؤدي الى تفكيك الشعوب وضياع النسل والنسب .
لم يظهر لنا شخص معترض على تشريع فقهي يخص المجتمع صدر عن الفقيه فيه سلبية ، ولكن على الجانب الاخر الفقيه الذي يدرس الفية ابن مالك والمنطق للشيخ المظفر واللمعة الدمشقية وغيرها من الكتب الاصولية لا تؤهله لان يتربع على منصب سياسي او مدير شركة فهذا له اختصاصاته التدريسية والمهنية ، ولذا نرى ان السيد السيستاني ينصح رجال الدين بالابتعاد عن هكذا مناصب .
بالنتيجة لو سالنا اي انسان عاقل تفضل من في تشريع القانون من لديه خبرة عن طريق القران الالهي ام من لديه خبرة عن طريق الخبرة البشرية ؟ ان قال البشرية والبشرية من اين اخذتها ؟ وكم من قانون ادى الى قتل بشر ومجتمعات يظهر لنا المشرع لكي يعتذر عن خطا تشريع قانون ، من يتحمل العواقب ومن يعاقب ؟
كل انسان يامل بالسعادة والسعادة تاتي من العدالة والعدالة تاتي من قانون عادل والقانون العادل ياتي من رب عادل عبر كتابه المعجزة . واما من لا يؤمن بالله عز وجل او بكتبه فالمشكلة اصبحت عقائدية وليست تشريعية .